محرر الأقباط متحدون
في التأمل السادس من الرياضة الروحية للكوريا الرومانية، بالشركة مع البابا، في قاعة بولس السادس، يتأمل واعظ القصر الرسولي في السرّ الذي يفتح أبواب الحياة المسيحية، موضحًا أنه يتطلب الثقة بالله والسماح له بأن يقود الإنسان نحو آفاق غير مكتشفة.

في إطار الرياضة الروحية للكوريا الرومانية ألقى واعظ القصر الرسولي الأب روبرتو بازوليني صباح الأربعاء تأمله السادس وقال فيه تظهر مسيرة الخلاص كولادة روحية جديدة، كما يوضح إنجيل القديس يوحنا من خلال الحوار بين يسوع ونيقوديموس، حيث يؤكد المسيح أنه لكي يرى الإنسان ملكوت الله عليه أن "يولد من علو"، مفهوم أربك نيقوديموس ويشير إلى الحاجة إلى تغيير جذري وعميق. وهذا التحوّل ليس أمرًا بسيطًا، إذ يثير الخوف في كثير من الأحيان لأنه يتطلّب التخلي عن الضمانات والأنماط الراسخة.

تابع واعظ القصر الرسولي يقول يوضح يسوع أن هذه الولادة الجديدة التي تتم بواسطة "الماء والروح"، ليست عودة بيولوجية إلى الطفولة، بل انفتاحًا جديدًا على عمل الروح القدس. كثيرون يخشون التغيير ويتمسكون بخبراتهم الماضية، لكن الولادة الحقيقية تقتضي الثقة بالله والسماح له بان يقودنا نحو آفاق غير معروفة. هذا العبور يشبه خروج بني إسرائيل في الصحراء، حيث خاف الشعب من الموت ولكنه وجد الخلاص عندما وجّه نظره إلى العلامة التي قدمها الله. واليوم، علامة الخلاص هي المسيح المرفوع على الصليب.

أضاف واعظ القصر الرسولي يقول تمثل المعمودية رمزًا لهذه الحياة الجديدة، فهي ليست مجرد تغيير فوري وملحوظ، بل بداية مسيرة تحول داخلي. ومع ذلك، على مرّ التاريخ، فقدت المعمودية فاعليتها الحقيقية، وأصبحت في كثير من الأحيان مجرد طقس ثقافي أكثر من كونها خيار إيمان واعي. وقد أدى ذلك إلى أزمة في الكنيسة، حيث باتت الحياة المسيحية تبدو بعيدة وغامضة بالنسبة لكثيرين.

تابع واعظ القصر الرسولي يقول يدعونا يسوع إلى خيار جذري: أن نضع العلاقة معه في المقام الأول قبل أي رباط آخر، ليس بإنكار العواطف، بل بالاعتراف بأن الحياة الحقيقية لا توجد إلا في الله. وهذا الأمر يتطلب شجاعة "أن يبذل المرء حياته" بالمعنى البيولوجي والنفسي، لكي يستعيدها في البعد الأبدي. وأخيرًا، يستخدم يسوع استعارة الولادة ليبين أن الولادة الروحية هي عبور مؤلم لكنه ضروري. كل إنسان مدعو لكي يخرج من "أرحامه" الأصلية لكي يقبل ملء الحياة الأبدية. ويُعدّ القديس فرنسيس مثالًا لمن تخلى عن كل ضماناته لكي يعانق بالكامل الحياة الجديدة في المسيح.

وخلص واعظ القصر الرسولي الأب روبرتو بازوليني إلى القول في الختام، الولادة الحقيقية ليست وهمًا، بل حقيقة متاحة لكل من يسمح للروح القدس بأن يحوّله، ويحيا منذ الآن وعد الأبدية.