الأقباط متحدون | فى نقد لاهوت التحرير (2)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٠٤ | الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣ | ١٠برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٧٠ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

فى نقد لاهوت التحرير (2)

الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣ - ٥٣: ٠٧ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: جوزيف شفيق
2- أزمة لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينيه :
يُعرف علم اللاهوت على أنه " علم دراسة الإلهيات دراسه منطقيه " , و يعرفه الفيلسوف الكاثوليكى توما الأكوينى على أنه " العلم الذى يبحث فى جميع المواضيع من وجهة نظر الله سواء أكانت هذه المواضيع لله نفسه أم كانت تفترض وجود الله كمبدأ و غايه ".
 
و يعرفه الفيلسوف مراد وهبه قائلاً " تبلور سلطان الدوجما فيما يسمى بعلم العقيده و هو فى المسيحيه علم اللاهوت, و فى الإسلام علم الكلام. ووظيفة كل منهما تحديد مجال الإيمان, بمعنى أنك لا تكون مؤمناً إلا إذا إلتزمت بهذا المجال. و إذا لم تلتزم فأنت هرطيق فى نظر اللاهوتيين أو كافر فى نظر المتكلمين تستحق التأديب كحد أدنى و القتل كمحد أقصى "
 
و يُعرف لاهوت التحرير على أنه " تفسير و فهم الإيمان المسيحى من خلال منظور الفقراء و معاناتهم و كفاحهم , و نقد المجتمع و العقيده الكاثوليكيه و المسيحية من منظور الفقراء " 
و أيضاً يُعتبر " مصدر هذا اللاهوت هو الاختبار الروحى الذى يدفع إلى العمل السياسى " و يتبنى لاهوت التحرير رؤيه ثنائيه للمجتمع تختلف بحسب الثروه الماليه فتختلف رؤية الكنيسه إلى الرأسماليين عنها إلى الفقراء. 
 
إن بداية ظهور لاهوت التحرير لأول مره كانت فى أمريكا اللاتينيه و بالتحديد فى جمهورية " بيرو " عام 1968 م  و ظهر كردة فعل على أزمة داخليه بتحول البرجوازيات الداخليه إلى وكلاء عن أمريكا , وكلاء اقتصاديين و سياسيين, و الوقوع تحت السلطه العسكريه الديكتاتوريه و دولة " الأمن الوطنى " و التسلط الكامل على الساحه السياسيه و أصبح القمع هو الحل الوحيد لأى معارضه. 
 
نتيجة لذلك كان أمام الكنيسه ثلاث طرق :
1- الانضمام إلى دولة الأمن الوطنى على حساب الشعب 
2- أن تجد منظوراً ثورياً جديداً لبناء رؤية ثوريه للكنيسه لمناصرة الفقراء 
3- القطيعه التامه مع السياسه و أن تمارس الكنيسه دورها الروحى و رسالتها التبشيريه فقط و لكن هذا الاختيار الصعب سيحرم أى مؤسسه دينيه من الإرشاد و التوجيه المجتمعى و التأثير فى الحياه اليوميه على المواطن مما قد يخلق فجوه و عزله و ربما قطيعه و انفصال بين المواطنين و الدين 
وحيث أن  الكنيسه فى أمريكا اللاتينيه جربت كل التحالفات سواء مع المستعمر الأسبانى أو الإقطاعيين ورجال الأعمال أو النخبه البرجوازيه و كلها سقطت فى النهايه إلى أن جاء الدور على التحالف مع الطبقات المسحوقه و المستغله.
 
ولد لاهوت التحرير و استمد شرعيته على مستوى المؤسسه الكنسيه الكاثوليكيه من حضن المجمع الفاتيكانى الثانى  ( 1962 – 1965 ) و الخطوه الثانيه فى الطريق إلى لاهوت التحرير كانت فى مدلين – كولومبيا و هو المؤتمر الثانى الذى اشترك فيه مجلس أساقفة أمريكا اللاتينيه ( 28 أغسطس – 7 سبتمبر 1968 ) و بحلول عام 1971 كان قد ظهر أول كتابين فى بيرو و البرازيل يبحثان فى مضمون هذا اللاهوت و أهدافه , الكتاب الأول هو " لاهوت التحرير " للأب جوستافو جوتيريز و الكتاب الثانى فى البرازيل تحت عنوان " يسوع المسيح المحرر, دراسه نقديه لعلم المسيح " للأب ليوناردو بوف الفرنسيسكانى .
 
بحسب الأب وليم سيدهم فإن هذين الكتابين الأساسين عن لاهوت التحرير حملوا الآتى : 
1- نيه واضحه لدخول الكنيسه و القيادات الدينيه إلى المعترك السياسى 
2- قراءة الكتاب المقدس فى إطاره التاريخى و الإقتصادى و الإجتماعى و السياسى ثم محاولة تطبيق النص المقدس على أوضاع أمريكا اللاتينيه بحيث يكون أنبياء العهد القديم و المسيح فى العهد الجديد قد رفضوا ظلماً تاريخياً فى زمنهم و ساندوا الطبقات الكادحه و المسحوقه و بالتالى تكون هذه هى الرساله فى الوقت الحاضر و المدخل لخلط السياسى و الاجتماعى بالدينى 
 
و كانت نظرية الأب جوستافو جوتيريز للوصول للتحرير تقوم على 3 مراحل أساسيه :
 1- تغيير الأوضاع الاجتماعيه و الاقتصاديه لتحقيق مصلحة المجتمع ككل و عدم احتكار طبقه لفوائد اجتماعيه و اقتصاديه على حساب الطبقات الأخرى
 2- حصول الفقراء و المسحوقين على حرياتهم و المشاركه فى توجيه البلاد
 3- مرحلة الأخوه الإنسانيه المبنيه على الإيمان المشترك 
 
يبدو من القراءه الأوليه مدى نبل هذه الأهداف و لكنها فى النهايه تقود لسيطره دينيه على الدوله و تحكم بما هو مطلق على ما هو نسبى .
فى مؤتمر المكسيك ( 11 – 15 /8 / 1975 ) و تحت عنوان " التحرير و العبوديه " و بحضور ممثل البابا كان واضحاً جداً أن لاهوتى التحرير تخطوا مرحلة الجدال إلى التطبيق العملى و نقد التجربه و أنه لا جدوى من محاولات الفاتيكان لتبنى رؤيه مضاده ثم فى مؤتمر دار السلام فى تنزانيا عام 1977 اتضحت الصوره أكثر بمدى الفجوه و الاتساع فى قبول لاهوت التحرير بين العالم المتقدم " الأول " و العالم المتخلف " الثالث " و ظهر مدى خصوصية هذا اللاهوت بالعالم الثالث بحيث يشكل سداً منيعاً أمام قوى التنوير من الوصول للعلمانيه و تكرار التجربه الأوروبيه و أن يظل إنسان العالم الثالث تحت سيطرة القوى الدينيه و لا مانع أمام القيادات الدينيه من صبغ الدين بصبغه يساريه ثوريه لتلائم الجو الثورى الشعبى الحالى. 
 
فى هذا المؤتمر اجتمع ممثلين عن قارات العالم الثالث " آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيه " و أنشأوا ما سُمى بـ " الجمعيه المسكونيه للاهوتيى العالم الثالث " و بالمناسبه فإن الكنيسه الأرثوذكسيه المصريه كانت ممثله فى هذا المؤتمر بشخص الدكتور موريس أسعد.
 
منذ عام 1982 قام " مجمع العقيده و الإيمان " برئاسة الكاردينال جوزيف راتسينجر " البابا بنديكتوس السادس عشر فيما بعد " بالتصدى و الرد و الحوار بشأن " لاهوت التحرير" بإصدار الوثائق و الأوراق اللاهوتيه و عقد المؤتمرات الصحفيه لإيضاح رؤية الفاتيكان بشأن لاهوت التحرير و لعل من أهم المصطلحات التى صاغها راتسينجر هو قوله بأن لاهوت التحرير هو " نتيجة أختيار الماركسيه ". 
 
النتيجه النهائية لهذه التجربه فى أمريكا الجنوبيه هى وصول رجال الدين للسلطه و سيطرتهم على الحياه السياسيه و أحد أهم الأمثله على ذلك وصول " فرناندو لوغو " المعروف باسم " الأسقف الأحمر إلى رئاسة باراجواى عام 2008 ثم أُجبر على ترك منصبه بعد محاكمه أمام البرلمان عام 2012 تم اتهامه فيها بإساءة القيام بمهامه بعد صدامات راح ضحيتها 11 مزارع و 6 من رجال الشرطه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :