الأقباط متحدون - شعارات لها مرجعية أحزابها
أخر تحديث ٠٥:٢٥ | الأحد ١٤ ابريل ٢٠١٣ | ٦ برمودة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٩٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شعارات لها مرجعية أحزابها

 كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com


من غرائب تبعات ثورة 25 يناير أننا كل يوم أمام بشر وزعامات سياسية وأصحاب رأي ورجال دين يرتدون أقنعة ويطيحون بأخرى يلونوها مرة بألوان وردية أحياناً للتماهي مع النظام والاقتراب من عتبات السلطان ، وفي أحيان أخرى يغطونها فجأة بألوان السواد المعتمة لمغازلة المعارضة وجماهير البسطاء من أهالينا في عموم البلاد ..
قد يقولون إنها الثورات دائماً وهي تشهد حالة تحول بشكل أو بأخر تفرز الغث والثمين ، القادر على الفعل الثوري والأخر الغير قادر على قراءة معطيات ذلك التحول ..

وعليه ، بدل روائي وأديب قبعته كمبدع وممارس للعمل السياسي وارتدى قبعة محافظ عادي ونفتقد وجوده الإبداعي والسياسي علشان المنصب .. عادي ، رئيس حزب معارض يتحول كان قد قدم من شبابه وعمره السنين للوقوف أمام النظام المباركي ، وهاهو بقبعة الموالاة وزعيماً لكل حوارات الضياع والهبل الأكيد .. وأخر مفكر وطني يقول لقد نزلت بالبراشوت على منصب نائب المحافظ ووجدت أنني مطالب فور ارتدائي تلك القبعة أنني أمام شفرة صعب فكها ( ياكبدي يا ابني وإيه اللي غصبك يا أخويا ) ، ثم هوهو يقبل منصب كبير في البلاط السلطاني للتحول الديمقراطي ( ياسلام يا كبير .. تحول ديمقراطي في عصر الإخوان ؟! .. ياراجل ) ..

الأمثلة كثيرة وبشعة ومؤلمة وتجلت في خزي وقفة الرموز الفرمونتية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، إنهم هم من وافقوا ويسروا كارثة إقامة أحزاب بمرجعية دينية بمخالفة لدستور المخلوع الذي حافظ على ورقة التوت الساترة لوطن بات بعد الموافقة على تلك الأحزاب وطناً مقسماً طائفياً تتوالى غزوات اختطافه من غزوة الصناديق ووصولاً إلى غزوة الأزهر والكاتدرائية ، وبحجة واهية أنه لا ينبغي حرمان فصيل سياسي من المشاركة في العمل الوطني .. كيف نطلق على جماعات التشدد فصائل تمارس العمل السياسي .. أي عمل سياسي ، لقد كانوا يعملون لتحقيق رسائل دينية بعضها مقبول وأكثرها مرفوض .. والآن يجربون العمل السياسي فينا و النتائج تتوالى فشل يسلمنا إلى حالة انهيار غير مسبوقة في تاريخ وطن كبير ما كانوا أهلاً  لقيادته ..
وسبب أخر يسوقه أخرون أن في أوروبا والغرب أحزاب دينية وأن الحكاية مش بدعة إخوانية أو سلفية ، وتناسوا أن تلك مجتمعات مستقرة تطبق وتعمل بآليات ديمقراطية حقيقية ، وأنها أحزاب لا تتحرك لتطبيق شرائع ، بدليل أن حزب مسيحي في المانيا وافق على قانون يسمح بزواج أبناء الجنس الواحد وهو ماتحرمه بشكل قطعي وحاسم تعاليم الديانة المسيحية وكتابها المقدس !!

وبمناسبة حكاية موافقة مجلس الشورى على رفع الشعارات الدينية أثناء إجراء الانتخابات وغضب وثورة البعض على المبدأ ، وأغلب من رفضوا تبدو على ملامحهم هول المفاجأة ( ياسلام .. وأين كنتم عندما تم الموافقة على أحزاب دينية ، وكيف يمكن تنازل تلك الأحزاب عن وسيلة من أسباب نجاحهم ؟! ... وبعدين بالنسبة للمعين هل نسى أن ترشيحه من قبل النظام جاء لتكملة مشهد سياسي تفصيل ، ولماذا لم يتقدم أحد باستقالته ، وكنت إذا سألت أحدهم عند قبوله التعيين ير عليك بكل عظمة لو لم أحقق هدف مشاركتي سأستقيل فوراً ولن ألوث اسمي وتاريخي !!! .. وأقول لهم لوثوه حتى يعرفكم الناس ونخلص ) .. إنها حكايات مؤسفة !

وبمناسبة الملصقات والشعارات يذكر لنا الفنان العظيم " محيي الدين اللباد " حكاية " ملصق المذلة وأرى أن إعادة التذكير بها أمر طريف لتلامس ماتعرضه مع أحوالنا ..
في عام 1948 ، وصل الحزب الديمقراطي المسيحي اليميني إلى الحكم في إيطاليا بعد سقوط حكومة الائتلاف الشعبي التي قامت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، وبعد هزيمة الفاشية ، وكانت البلاد في أزمة اقتصادية طاحنة ، سارعت أمريكا ـ في هذا الوقت ـ إلى ملء الفراغ ، وتثبيت نفوذها في إيطاليا ، فأمدت الحكومة اليمينية بمعونات اقتصادية ضخمة في مقدمتها القمح .
وقد قامت حكومة الديموقراطيين المسيحيين ، بإلحاح إعلامي مستمر للتذكير بهذه المنحة الأمريكية ، لتثبيت الفضل في الحصول عليها لنفسها حتى أصبحت هذه الحملة نوعاً من المن المتكرر على الشعب الإيطالي ، ومن ضمن الحملة الإعلامية الذليلة التي قامت بها تلك الحكومة كان هذا الملصق ( مرفق صورته )..

وكان عنوان الملصق : " الخبز الذي نأكله ! " ، وعليه صورة فوتوغرافية مكبرة لرغيف خبز مقسم إلى قسمين غير متساويين ، وبجوار القسم الصغير كُتب : " 40% دقيق إيطالي " وبجوار القسم الأكبر : " 60% دقيق أمريكي ـ منحة مجانية " !
وإلى اليوم ، لازال خصوم الحزب الديمقراطي المسيحي يذكرون الشعب الإيطالي بهذا الموقف الذليل الذي عبر فيه هذا الحزب عن تبعيته لأمريكا ، التي وصلت في يوم ما إلى إهانة الشعب الإيطالي وإشعاره بالمذلة !
وأحب أن أطمئن من غضبوا من حكاية الموافقة على رفع الشعارات الدينية ، أنه بعد إخفاق جماعات التشدد الديني في حكم البلاد ستشكل الشعارات عاملاً مهماً خسارة شعبية كانت قد تحققت بتلك الشعارات بعد تراجع مصداقية التزامهم بأي شعار قيمي أو ديني .. والليل تلك الحكاية .. أنتمي أنا كاتب السطور لواحدة من أكثر النقابات نجاحاً ، وكان الصراع على كرسي النقابة بين مرشح إخواني ومرشح نقابي مهني محترف رأى أن الناخب لا يعرف أن منافسه إخواني فقام بإرسال رسالة تليفونية لدعوة الناخب لترشيح منافسه حاملة اسمه وشعار ديني ليؤكد على إخوانيته ، وكانت النتيجة فوز غير الإخواني وأظن أن الأمر معروض على القضاء للحكم في أمر تلك الخدعة الانتخابية ومى تورط فاعلها ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter