محمود غازي سعد الدين
هل سيغرق اوردوغان في وحل تقسيم ؟ ميدان تقسيم الشهير في قلب مدينة استانبول فبالإضافة لكونه منطقة سياحية واقتصادية مهمة وقلب المدينة النابض ’ يعد الميدان مكانا ومسرحا للتظاهر والتعبير عن الاراء , وتتفاوت الاحتجاجات في هذا الميدان بين مطالبات سياسية كمظاهرات اليساريين في مايو 1977 في مواجهات مع جماعات اليمين فيما سميت في حينه الاحد الدامي وقتل على اثرها اكثر من 36 من اليساريين , وشهد الميدان على اثر تلك الاحداث تدخل صارما من اجهزة الامن التركية ,, كما ان الميدان شهد مرارا تظاهرات مشجعي كرة القدم حيث حادثة طعن اثنين من مشجعي نادي ليدز يونايتد الانكليزي مع نظيره التركي غلاطة سراي في مباراة نصف النهائي 1999 -2000 , وحادثة 31 اكتوبر 2010 عندما فجر انتحاري كردي تابع لجماعة صقور كردستان نفسه
قرب حافلة للشرطة التركية ادى الحادث اصابة العديد من رجال الشرطة والمدنيين ,ويشهد الميدان مظاهرات عديدة للمثليين جنسيا وحرية التعبير وإحداث كثيرة اخرى لا يسع المجال لذكرها ,, فميدان تقسيم حافل دائما بالأحداث وما يشهده الميدان اليوم من مظاهرات حاشدة اعتراضا على اعتزام الحكومة المحلية ازالة حديقة تتوسط الميدان وإزالة عدد من الاشجار وإقامة مركز تجاري بدلا عن الحديقة دليل على ذلك .. ما اعتقده شخصيا ان المظاهرات لم تعد اعتراضا على ازالة 600 شجرة او مساحة خضراء لا تتجاوز مساحتها عشرات الامتار ,, فقد اتسع نطاق المظاهرات لتشمل غالبية المدن التركية وشاركت احزاب المعارضة وبقوة
في هذه المظاهرات ’ بل باتت مشاهد مشاركة شخصيات فنية ووجوه بارزة في بعض المسلسلات التركية حاضرة وبقوة وتشارك في هذه التظاهرات , كبطل مسلسل حريم السلطان , أضخم انتاج تلفزيوني تركي الذي يحكي سيرة عاشر سلاطين الدولة العثمانية سليمان القانوني , وممثلات جميلات عرفن بأسماء كفريحة بطلة مسلسل اسمها فريحة, وغيرهم من الفنانين .. كما قلت بدأت المطالبات تتسع والأصوات تعلو معترضة على سياسة الحكومة الحالية التي يرأسها السيد رجب طيب اوردوغان وسياسة حزب العدالة والتنمية المسيطر منذ عام 2002 بعد ازمة مالية كادت تعصف بتركيا نجح فيها حزب العدالة في قيادة تركيا الى بر
الامان الاقتصادي ,, وليس السياسي بالتأكيد .. لا شك ان سياسة حزب العدالة والتنمية في قضايا الداخل التركي وسياسته الخارجية بدءا من الازمة السورية وتخبطها في ذلك وتبنيها سياسة دعم بعض التنظيمات الاسلامية المتطرفة في سوريا والعراق وفلسطين والتدخل في الشأن الداخلي العراقي وبقوة بدعم بعض الاطراف على حساب الاخرى وإيوائها لبعض الهاربين من القضاء العراقي وأخيرا وليس آخرا مسالة الاتفاق مع الجناح العسكري لحزب العمال للانسحاب الى داخل الاراضي العراقية قد لا يرضي صقور العلمانية وحماة التجربة العلمانية التي قادها كمال مصطفى اتاتورك أو كما سمي ابو الاتراك والزعيم الروحي هذا
كله وغيرها من الملفات التي تخبط فيها حزب العدالة والتنمية التركي بات يؤرق نوم حماة العلمانية من قادة اليسار وضباط الجيش الكبار , فمسألة أسلمه الدولة التركية وتبني هذه السياسة هو خط احمر وقد تجاوز فيها اوردوغان الكثير من هذه الخطوط ,, خاصة بعد صدور تدخل القرضاوي ودعوته لاردوغان الى قمع التظاهرات وبقوة,, فليس مستغربا ولا تستغربوا هذا الكلام , فصاحب عربة الخضار البو عزيزي بعربته البسيطة ازاح نظام طاغية تونس , ضمن تسلسل احداث مسلسل الخريف العربي العاصف ,, فقد تضحى حديقة جيزي في ميدان تقسيم الذي اقتحمته الشرطة التركية اثناء كتابتي لهذه السطور كمستنقع موحل قد يغرق فيه اوردوغان . محمود غازي سعد الدين بلجيـــــــــــكا