19 / 22
 يوم الخميس من الأسبوع الثالث
القمص يونان نصيف
الإنجيل من يوحنا (12: 44 – 50)
    «فَنَادَى يَسُوعُ وَقَالَ: ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِي، لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي. وَٱلَّذِي يَرَانِي يَرَى ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي. أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى ٱلْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لَا يَمْكُثُ فِي ٱلظُّلْمَةِ. وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلَامِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لَا أَدِينُهُ، لِأَنِّي لَمْ آتِ لِأَدِينَ ٱلْعَالَمَ بَلْ لِأُخَلِّصَ ٱلْعَالَمَ. مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ، لِأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لَكِنَّ ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِي ٱلْآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».
 
هذا الفصل يتوافق مع ما نحياه في أسبوع التجربة.. فهو يدلّنا على طريق الغلبة في التجارِب: 
أولاً: الإيمان بيسوع:
فالإيمان هو طريق النصرة.. «وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا» (1يو5: 4). فالتمسُّك بالربّ والثقة به هو قوّتنا. ويَكفِي أن نتأمّل حياة الذين أرضوا الربّ سواء في القديم أو الجديد.. نجدهم جميعًا رجال إيمان، لأنّ بدون الإيمان لا يمكن إرضاؤه. "بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ..." (عب11: 33، 34).
 
فلنتمسّك إذًا بالإيمان، ونطلب إلى المسيح ونقول: زِدْ إيماننا، وحتّى في وقت ضعف إيماننا أو قِلّة إيماننا.. نتمسّك بالصلاة والطلبة، كما طلب بطرس الرسول إلى الرب حين بدأ يغرق :«صَرَخَ قِائِلاً يَارَبُّ، نَجِّنِي. فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ» (مت14: 30، 31).
 راجِع وتَذَكَّر أعمال الله معك.. يزداد إيمانك. لا تُمِل أذنك لكلام المُجَرِّب، الذي يُشَكِّك ويقول: إن كنتَ أنت ابن الله.
 
التأمل في الخليقة، وفي المصنوعات، وفي الزرع وكيف ينمو، وفي الطير كيف يعيش.. يُزيد الإيمان، والاتكال على الله، والثقة بعنايته.
 عِشرة القديسين وسِيَرهم الجميلة، نماذج حيّة للإيمان.. تَعَلَّمْ منها.
 
ثانيًا: سماع كلامه:
 كلمة الله.. الإنجيل. فصل الإنجيل يُرَكِّز على سماع كلمة المسيح، أو عدم السماع. وسماع الكلمة يُعني قبولها بالإيمان، والخضوع للكلمة، ومطالبها في الحياة. وقبول الكلمة بالقلب يُغَيِّر الحياة كلّها، وتَصِير الكلمة هي سيف الروح الذي نُحارِب به ونغلب.
 وبدون الحياة الخاضعة لكلمة الله، لا توجَد نُصرَة.. حِفظ الإنجيل بالعقل دون الفِعل، يَفرَح به العدوّ جِدًّا. وعلى العكس، تنفيذ الوصية عمليًّا، يَحرِق الشيّاطين ويُبَدِّد مشورتهم..
 
 لنسمَع ونعمل.. نسمع صوته، ونتبع خطواته، كخرافٍ للراعي الصالح.
 
ما أجمل الحياة حين تتوافق مع كلمات المسيح.. سراج لرجليّ كلامك.. فلا أخطو خطوة في حياتي بدون نورها.
 
ثالثًا: «أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ» (يو12: 46).
 
إنّ قبولنا للمسيح نور العالم، بالإيمان، والخضوع لكلامه، يَجعَل لا سلطان للظلمة أو لروح الظلمة علينا.
 
الحياة بالنور، والحياة في النور، بهيّة مُفرِحة.
 
على قدر ما يَغشَى النور الحياة، على قدر الشركة والتمتُّع والفرح والسلام الذي يكون فينا. وكلّما يُدرِك الظلام حياة الإنسان، كلّما صار في بؤسٍ ونكدٍ وحَسرة.
 
اُسلكوا في النور.. لأنّكم أبناء النور.
 
 أحِبوا النور.. لأنّ أهل العالم «أَحَبَّوا الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يو3: 19). أقبِلوا إلى النور بفرح، لتُمدَح أعمالكم مِن الله.
والنهاية تجد في الحياة في المسيح راحة البال.. لا يوجد أحد غيره يقول: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (مت11: 28).