OLIVER كتبها
أتي المعلم في الصباح الباكر يطلب من الأمة اليهودية ثمراً فلم يجد . فحكم علي هذه الأمة أن لا يكون منها ثمر أبداً. نظر لعازر و لم يندهش . لقد أخبره أحد الأنبياء في الجحيم أن الخلاص سيأتي من إسرائيل و سترفضه إسرائيل و يقبله الغرباء عن رعوية إسرائيل.

كانت أسئلة حائرة تدور بين التلاميذ ... يتساءلون ما بال المعلم غاضباً علي شجرة تين؟ لم نكن نعلم أنه جائع جداً هكذا؟
ما ذنب التينة التي غضب عليها؟؟؟ كان ينبغي أن يلوم الفلاح الذي يتعهدها برعايته؟ لم يفهم التلاميذ شيئاً ...

لكن همساً يدور بين روح لعازر و عقله .يذكره بحديث دار هناك وقت الأيام الأربعة العجيبة التي قضاها في الجحيم.
من صاحب هذه التينة ليأتي و يشاهد كم أغضبت المعلم الصالح الذي قلما يغضب؟؟ لو 13
لقد كان يسوع هو نفسه صاحب التينة ... و قد تكلم عنها فيما سبق ... و أراد أن يقطعها للحريق مراراً كثيرة . لكن طول أناته عليها أنقذها . و الآن قد وضعت الفأس علي أصل الشجرة.

لماذا تلعن أيها الرب ؟؟
إندهش الجميع من لغة المسيح .. هوذا يلعن؟ لم نره من قبل يلعن .. لقد تحدث مرة عن اللعنة و أنه سيحملها . و لكنه لم يقل أنه سيلقيها علي الشجرة لتحملها؟؟؟

هل قطعوا خشبة الصليب من تلك الشجرة التي لعنتها لكي تكون قد حملت اللعنة عنا حرفياً و فعلياً ؟؟؟؟
لقد صدر حكمك عليها أن الفأس وضعت علي أصل الشجرة . فهل هكذا كنت تقصد إقتراب صنع الصليب الذي ستحمله؟
أم إقتراب نهاية الفرصة لأمة وضعت مجدها في قلبها الحجري القتل هوايتها, و إدعاء التدين قد لبسها مثل الظلام الدامس.

إنزوي لعازر يبكي وحده.... رأي دموعاً في عيني المخلص و هو يلعن؟ لعازر يعرف معني هذه الدموع... و المعلم الصالح يحبس دموعه الآن ليطلق سراحها في المساء . حين يخلو وحده مع أورشليم و يصدر عليها قضاءه.

يدور عقل لعازر بين الفخر بالخلاص و بين الحزن علي أمة رافضة بأكملها ... يضع في قلبه أن يكرز لها بعد قليل . حين يصرح له السيد بالكلام....
لماذا تلعن أيها الوديع المتحنن؟؟؟ هل أغضبتك التينة حتي الموت ؟؟؟ أليس من ثمرة واحدة تشفع؟؟؟ يجيب علي ما لم يسأله أحد حينها.. لا ثمر علي الإطلاق سوي بعد أن تموت حبة الحنطة فهي التي ستأتي بثمر و ليست التينة الجافة.

كل تدين الأمة اليهودية مريض. كل فكرها قد شاخ و أكله العث.

يدخل السيد الهيكل الذي نظره أمس.. نظرة طبعت كل ما هناك في عين مخلصنا الفاحصة... هذا حمام و هؤلاء صيارفة و أولئك الباعة . يساومون و يسرقون مجد الرب و ينهبون نصيب الشعب .... يدخل الناس الهيكل لشراء الذبائح بينما المسيح يقدم نفسه ذبيحة مجانية . لذلك كان لابد أن يتوقف الباعة عن تجارة الذبائح.

لا حاجة للنقود عند خشبة الصليب. بل الحاجة إلي الصلاة هناك و قبول المخلص ملكاً حقيقياً .لذا قلب نقود الدنيا التي لا تشتري حياة. فهوذا بنعمته المجانية يعرض حياته لمن يرغب دون مقابل.

دموع في عين مخلصنا و هو يضفر سوطاً.... لا يريد هؤلاء الباعة الذين يصعبون الخلاص علي من يرتاد الهيكل...

يطردهم بتهديد. و يسوق أمامهم القطعان إلي الخارج. بالسياط يسوقها فلا حاجة إلي كل هذه الذبائح فيما بعد.
بيتي بيت داخلي لا تسكنه شهوات البهائم . و لا يرتاده محبي المال. و لا يخلص فيه من يبيع بل يخلص من يشتري من المسيح مجاناً و يتكحل بنوره.أطرد أطرد يا مخلص الناس . إقلب إقلب يا مرتب العهد الجديد فالمساكن كلها تنتظرك أن تنقيها. و ليغضب الباعة كيفما شاءوا.

يبتسم لعازر . ما رأيته مبتسماً منذ قام. كان الدهش يتملكه دوماً لا يفيق منه إلا قليلاً.ماذا أبهجك أيها الرجل القائم من الموت؟
يجيب أبهجني التطهير. هؤلاء الغاضبين سيأتون فيما بعد عند قدميه يركعون و يلتمسون من نقاوته بداية لحياتهم سيستبدلون تجارتهم بتجارته من أجل أرباحاً أبدية.. هم لا يعرفون الآن لكنهم سيعرفون فيما بعد.أنا أفرح لهم. و أعرف أن الهيكل سينشق. و قلوبهم ستنشق أيضاً و تنفلق من قساوتها و تلين .
سوف لن يحطمون أقفاص الطيور التي لمسها السيد حين غضب. و سيتباركون من لمسته . هو سيحررهم من أقفاصهم التي تأسرهم. سوف يعاودون البحث عنه سريعاً لكنه سيمضي أسرع مما يتوقعون. سيلحظون أن الأيام ستختلف و المعاني و الأفكار. هؤلاء الباعة قد فشلت تجارتهم الأرضية لكنهم سيصيبهم كنزاً أبدياً لا يضمحل.

يبتسم لعازر . ثم يعود إلي إختطاف عقله.....
يعود المعلم إلي وجهه المريح. فغضبه لا يدوم . و رجزه مثل اللحظة.و يعود لعازر للنظر إلي عينيه. لعازر لا يستطيع التوقف عن مراقبته. و المسيح يراه و يفهمه . تكلمه عيناه العارفتان بالخفايا و مكنونات القلب.

في الطريق لا يلاحظون شيئاً لكن لعازر يعرف أن أصل الأحداث كلها هو الصليب.و جوهر الأيام كلها هو الخلاص.

يدخل السيد قرية بيت عنيا.هذه القرية الصغيرة مثل بيت لحم. قريتان عجيبتان. الأولي بدأ بها التاريخ الجديد و الثانية بدأ بها العهد الجديد.من الأولي خرج متجسداً و من الثانية خرج من العالم بأسره.

في المساء إمتلأت عيناه بدموع كثيرة .... تركهم و إختلي علي أحد التلال.. كان يتمتم ببعض العبارات ... لم يكن يسمعه أحد. كان يكلم شخصاً لا نعرفه أو نراه....ثم تسقط عبراته... يتكلم و يبكي... يبدو أن الآخر الذي يكلمه عزيزاً لديه... كان لعازر يري دموعه من بعيد. لا تستطيع أن تري دموع المسيح دون أن ترتجف أوصالك... لا تستطيع أن تري عيناه ممتلئتان بالدموع دون أن يحترق داخلك و تتزاحم كل الأسئلة في عقلك..و تساءل الجميع .. لماذا يبصر أورشليم من فوق التل و يبكي؟؟؟ علي من يبكي المسيح؟؟؟ لأنه لم يكن أحد هناك..سوي أورشليم.

أسرع لوقا لو 19 إلي لعازر يسأله من أبكي السيد؟؟؟ أجابه لعازر دامعاً مثل سيده قائلاً : سيجيبك فيما بعد و ستخبر كل الدنيا...

صمت الجميع من جلال المشهد....ما أرهب دموع المسيح.