عادل حزين


  29 يونيو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

 الشبعان يفت للجعان على مهل...

بقلم: عادل حزين

مثل شعبى من أمثال الشعب المصرى يقول أن الشبعان يجهز للجوعان الطعام على مهل, ويقول أيضا أن النار لا تحرق غير ملامسها... ومعنى ذلك أن الجوعان يتلمظ فى إنتظار ما يدفع عنه غائلة الجوع أما الشبعان ففى واد آخر فيقوم بتجهيز الطعام على أقل من المهل, فهو لا يشعر بآلام الجوعان كمثل ذلك أن الذى يشاهد ليس كمن تلسعه النيران فى جسده...

مناسبة ذلك أن المقارنة بين حال مصر منذ عشرة أعوام وحالها الآن يقنع المشاهد بوجود بعض تقدم وبعض إصلاح ولكن بوتيرة مملة تكاد لا تلحظ. المشكلة الأولى فى الإصلاح أنه يستغرق أضعاف الوقت الذى يستغرقه الإفساد وقد تعرضت مصر لإفساد منظم منذ أوائل السبعينات مع تولى الرئيس "المؤمن" بعقده النفسية وأمراضه العصابية قيادة دولة مصر, فتحالف مع الشيطان من أجل أن يجمع نعيم الدنيا وجنان الآخرة حتى قتله ذلك الشيطان الحليف شر قتلة. الفساد كان منتشرا فى مصر من قبل الزعيم "المؤمن" لكنه لم يكن إفسادا منظما منهجيا ترعاه رأس السلطة كما صار من بعد ذلك, فإخوان الخراب والسلفيون والمشعوذون من أصحاب الإعجازات وطبابة بول البعير كانوا متواجدين على الساحة وبقوة لكن أين منها قوتهم إبان فترة حكم الرئيس "المؤمن", حيث سيطروا على الإعلام والتعليم والإقتصاد والسياسة, فزرعوا فكر التخلف والإرهاب بين جنبات وادى النيل, حتى طرح حجابا ونقابا وعاهات فكرية لدى عامة المصريين حتى أهل الصفوة منهم.

ثانية مشكلات الإصلاح أن من يقوم بالإفساد مع سبق إصرار ممنهج لا يعرف كيف يقوم بالإصلاح حتى لو أراد خاصة وإن بلغ من العمر أرذله. وعندما أبقى مبارك على رجالات عهد الإفساد من رجال الإعلام والسياسة كان عسيرا على إصلاحات رجالات التعليم والثقافة والإقتصاد –الغير منكورة- أن يظهر لها أى تأثير لعدة أسباب فأولا تأثير إصلاح التعليم والثقافة يحتاج لعقود حتى يؤتى أكله, بينما برنامج تلفزيونى أو مقالة صحفية تعطى تأثيرها بشكل فورى وعلى مساحة جماهيرية أوسع وأشمل. وثانيا قاتل إخوان الخراب الإصلاح التعليمى والثقافى قتالا بمعنى الكلمة فقتلوا فرج فودة وطعنوا نجيب محفوظ وإستصدروا حكم – هو عار لازال عالقا بالقضاء- بردة أبو زيد, كما توسعوا فى إنشاء كتاتيبهم ومدارسهم التى أسموها أزهرية لتتولى رفدهم بمدد بشرى متخلف يؤمن بأفكارهم ويقوم بنشرها والدفاع عنها ولو بحياته.

باب الإصلاح فى مصر يتطلب أول كل شىء أن تتوافر نية الإصلاح لدى رأس الدولة, وهناك عدة شواهد بعضها يؤكد توافر تلك النية وبعضها الآخر ينفيها كل النفى. قرائن تواجد نية الإصلاح لدى مبارك تتوفر فى تغيير قيادة التعليم والثقافة وضرب الإقتصاد السفلى المتأسلم من شركات توظيف وغيرها, مع تغيير قيادة تعليم الأزهر بقيادة نيرة, مع جهد مقبول من أجل الإصلاح الإقتصادى. أما دلائل النفى فهى الإبقاء على كل القيادات الإعلامية التى أفسدت عقول ومدارك الجماهير بالشعوذة والخرافات والتزييف ولا زالت, أيضا التشبث بالقيادات السياسية التى تتولى مواقعها منذ دهور والتى تولت تنفيذ السياسات التى أوصلتنا لما نعانيه, فضلا عن البطء المميت فى إدارة عجلة الإصلاح إن كان مقصودا.

مدخل الإصلاح هو السيطرة على الإعلام وتوجيهه نحو الحداثة وإعلاء قيمة العقل والتفكير والعدل والقانون, وطريق الإصلاح هو تمييز الغث والسمين من بين القيادات السياسية وإعلاء الفكر على حساب البروباجاندا الكاذبة, أما رجال الإصلاح فهم قطعا ليسوا هؤلاء الموميات الذين تسلطوا على أرض مصر فأهلكوا الحرث والضرع والإنسان. على أن يتم البدء فى ذلك بوتيرة متسارعة لأنه كما يقول المصريون أيضا فى أمثالهم الشعبية العبقرية " اللى بيبخر مش ملاحق على اللى بيفسى".

عادل حزين
نيويورك


 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون