عادل حزين


  6 يوليو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

قبيلة ولكن
 
بقلم: عادل حزين
 
أظن أن الدكتور فندى هو صاحب مصطلح قبيلة "ولكن"، وكان مقصود صاحب المصطلح أن أفراد تلك القبيلة يسيرون مع التيار ثم "يلكنون" أى يضعون كلمة ولكن وهى الكلمة التى علمونا فى دراسة اللغة العربية أنها للإستدراك فيستعملونها لكى تخصص ما سبقها من معان. فيقول لك أحدهم أنا ضد الإرهاب "ولكن"... ويضعون بعد ذلك أعذارا ومنافذ للإرهابيين كمثل من هو المسؤول عن صناعة الإرهاب أولا، أو أن الإرهابيون معذورون أو أن تلك العملية لا تندرج تحت وصف الإرهاب. وطبيعى أن لفظ "ولكن" يحل محله أى أداة إستدراك أو تخصيص للمعنى وقد وجد الأعراب فى تلك الأداة ضالتهم للمارسة الكذب والنفاق والفهلوة للضحك على ذقون شعوبهم وعلى المجتمع الدولى أيضا ممارسة لما يسمى التقية وهى حيلة دنيئة يدعون كذبا أنها تتفق وشريعة الإسلام وهى أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن، وقد وردت فى الشريعة كرخصة للمؤمن الذى قلبه مطمئن بالإيمان ولكن يكتم إيمانه لظروف قاهرة فجعلها المفسرون حجة لتحليل الكذب وحيلة للضحك على الذقون.

وقد لفت نظرى بحكم عملى فى القانون ومطالعتى لكثير من المعاهدات الدولية فى مجال حقوق الإنسان بالذات أن جميع الدول العربية الموقعة على تلك المعاهدات تضع فى توقيعها أو فى قانون تبنى تلك المعاهدات لكى تصبح قانونا ساريا عبارة إستدراكية من فصيلة "ولكن" وهى عادة تكون "حسب القوانين السارية" أو "حسب الشريعة الإسلامية" أو "حسب القانون الذى يصدر لتنظيم ذلك". بعض الدول الغير أعرابية تضع مثل ذلك القيد على بعض المعاهدات وخاصة تلك التى تضع إلتزامات وأعباء على الدول الموقعة، ولكن مايلفت النظر أن "جميع" دول الإعراب تضع ذلك القيد على "جميع" تلك المعاهدات فى ممارسة دنيئة لفكرة التقية فتظهر الدول وكأنها توافق وتلتزم بما ورد فى تلك المعاهدات بينما هى تتملص منها ولكن بخبث يستتر بالشريعة الغراء.

وأبناء قبيلة "ولكن" ينتشرون فى كل مكان به مضارب للأعراب وبالذات فى تلافيف عقل الإسلامويين منهم وعلى رأسهم طبعا إخوان الخراب الذين يلعبون بالبيضة والحجر فيوافقون على كل شىء ويبصمون على أى شىء ثم "يلكنون" موافقتهم ويلحسون بصمتهم بكلمة "ولكن" وما ينتمى إليها من إستدراكات والتى عادة ما تكون "بما يتفق والشريعة" والتى طبعا هم مفسروها، هم مع الليبرالية ومع الحرية ومع المساواة "ولكن" كل شىء بأصول وهم طبعا أصحاب الأصول ومنظريه فاحذر أن تتجاوز الأصول الذى يضعون قواعده وينسبونها لله، هم يتواطئون مع الدكتاتورية ولكن من أجل صالح الأمة، وهم يتحاورون مع أمريكا ولكن مع الحفاظ على الثوابت، هم يستنكرون الإرهاب ولكن ما هو معنى الإرهاب.

من أظرف المقولات الحديثة لأخوان الخراب مقولة أن نظام الذمية فى مصر قد تعداه التاريخ ولم يعد له مكان فى التطبيق! منذ متى آمن الأخوان بالظرفية التاريخية لأحكام الشريعة الإسلامية؟ وهل تنسحب الظرفية التاريخية على أحكام الذمية فقط أم أيضا على أحكام الرق والسبى؟ وإن إنسحبت على هذا وذاك فلماذا لا تنسحب أيضا على أحكام الولاء والبراء والتى يقول أستاذنا العفيف الأخضر أن من يدعوا اليها ويتمسك بها فى الوقت الحاضر مجنون جنون مطبق لأن مؤداها هو الإنتحار؟

القضية ليست التنكر لحكم هنا وقاعدة هناك، القضية قضية منهج وفلسفة إن لم تتغير جيمعها ومن أسسها فكل ما يقال لن يتعدى أن يكون ضحك فى الذقون أو ضرب على قفا كل من يصدق أن للثعلب دينا.
 
عادل حزين
نيويورك


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون