عادل حزين


  18 يوليو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

نلوم أنفسنا أم نلوم السيد القمنى

 بقلم:عادل حزين

 

طالعنا بمنتهى الحزن رسالة السيد القمنى التى "يتبرأ" فيها من قناعاته وكتاباته إستجابة لتهديد جدى من جماعة الجهاد بقتله إن لم يفعل.  ونشكره أنه عبر بصراحة متناهية عن سبب تراجعه فلم يفجعنا بتغيير مواقفه بدون إبداء الأسباب أو لأسباب عبيطة ينتحلها وتختلف عن السبب الحقيقى الذى هو خشيته على حياته من جماعة تريد التقرب لله ومسح ذنوبها عن طريق سفك دمائه.

 

لا نلوم الدكتور سيد القمنى وإنما نلوم أنفسنا وقياداتنا ومثقفينا ومؤسساتنا الثقافية والأمنية والفكرية والدعوية, فالدكتور بذاته وشخصه ليس ندا لجماعات من ذلك الصنف عندما يصير الأمر قتلا وإزهاقا للروح.  الند الغائب عن الحوار بين القمنى والجماعات المتأسلمة هو مؤسساتنا الثقافية والالفكرية والأمنية, فإن كانت جماعات الجهاد المتأسلم تستطيع النيل من شخص الدكتور القمنى بالقتل فإنها قطعا لم تكن لتستطيع ذلك لو كانت أفكار القمنى هى نتاج مؤسسة ثقافية لا تقبل الإغتيال والذبح بطبيعتها.  لو كانت مؤسسة إعلامية أو ثقافية أو دعوية أو حتى سياسية قد تبنت بمثقفيها  والأعضاء الفاعلون فيها أفكار السيد القمنى لأستعصت على التهديد وعلى الذبح.

 

الدكتور سيد القمنى هو الدكتور سيد القمنى حتى وهو يتبرأ من كتاباته وقناعاته فأبى أن يتوب ويعتزل كما تفعل الفنانات والمذيعات, إنما أعلن توبة وإعتزال المفكر من أمثال جاليليو عندما أعلن أمام محاكم التفتيش الكنسية أنه قد تاب عن مقولته أن الأرض تدور حول الشمس وهمس بينما هو يستدير من مواجهة قضاته "ولكنها لا تزال تدور".  كذلك فعل القمنى وهو يتوب فهمس فى آذاننا صارخا "إنما توبتى وإنكارى فنتاج الخشية على حياتى" وليس لخطأ فيها.

 

كنا نظن أن الزمن قد تغير منذ أن طالت يد الجهل والإجرام والتقصير رقبة المفكر الشهيد فرج فودة, جهل من قتله وإجرام من أفتى بقتله وبرأ قاتله وتقصير المجتمع والمؤسسات عن حماية زهرة مثقفيها ومفكريها.  الحجة القذرة التى أعلنها ذو القرار أن المرحوم كان قد رفض الحماية الأمنية وطبعا لم يتمكن المرحوم وقتها من تأييد أو إنكار ذلك القول الدنىء من مؤسسة دنيئة ورئيس دنىء, واقتصر عمل الأمن الغير أمين وقتها على أن قدم القاتل الذى أطلق الرصاص والذى قبض عليه سائق المغدور وغض البصر -بأمر حقير من أعلى مستوى- عمن أفتى ودبر وسهل وبرأ وعذر, وقد قتل السادات قتلا شنيعا بذات اليد التى قتلت فرج فودة والتى كان السادات قد أنشأها ورعاها وحماها وغض بصره عن جرائمها حتى أفرغت فى جسده الهالك ستة وثلاثين طلقة.

 

السيد القمنى عنده نية صادقة فى أن يعتزل ولكنه لن يستطيع, فمفكر وثائر مثله لن يستطيع الصمت وإن أراد... أما كيف سيتغلب على هذا التعارض بين إرادته أن يعتزل وبين عدم إستطاعته التوقف عن الكتابة, هذا ما سوف تجيب عنه الأيام...

 

عادل حزين

نيويورك

 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون