عادل حزين


23 سبتمبر 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

عن مؤتمر أقباط المهجر ..

بقلم عادل حزين
 

للأقباط في مصر مشاكل لا ينكرها إلا مكابر. الجميع في مصر المسلمين قبل المسيحيين يتحدثون عن مشاكل للأقباط المصريين (مشاكل النوبيين لم يتكلم عنها أحد بعد). كانت أجندة الجماعات الإسلامية في مصر خلال أواخر القرن الفائت هي أن تضغط بكل الوسائل على أقباط مصر ليرحل موسروهم ومثقفوهم ولا يتبقى لدى فقرائهم وطبقاتهم الأدنى إلا خيار أن يتأسلموا ويدينوا بدين الأغلبية، فقاموا بحرق بعض الكنائس والأديرة وترتيب بعض المذابح للمصلين الأقباط وسرقة محلات الذهب بالإكراه، كما عاونتهم الدولة فقيضت لمن يسب الأقباط فضائات إعلامية من صحافة وتليفزيون وغيرها. ولكن "تمكرون ويمكر الله" الذي شاء أن الأقباط الذين هاجروا لم يتخلوا عن مصريتهم ولا عن طائفتهم فأعانوا من بقى في الوطن ماديا وسياسيا ودعائيا، بل وقد عاد منهم من عاد وقد أهله ماله لحصانة ما تؤمنها الثروة عادة في أى مجتمع منذ فجر التاريخ.

تغيرت المعادلة وجاءت النتائج بعكس ما أراد المتأسلمون الذين إصطدموا بالدولة في مرحلة لاحقة فضربتهم بيد من حديد. وجرب المتأسلمون طريقا آخر هو المصادمة مع الغرب فكانت ضربتهم أشد وأنكي. بدأت قناعات المتأسلمين تتغير ويحاولون الآن استدراك أخطائهم بتغيير أدبياتهم بإعلان مصالحات مع الدول التي حاولوا النيل منها، بل ومصالحات مع جماعات الأقباط المصرية بترديد أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، واستحضار صفحات مشرقة عن تسامح الإسلام مع غيره من الديانات، ولكن من المستحيل إعادة عقارب الساعة للوراء فالمعادلة الجديدة بدأت تفرض نتائجها ومن ضمنها نشاط أقباط المهجر الذي منه مؤتمرهم المزمع عقده في واشنطن في الشهر القادم ولنا مع أجندة قرارات ذلك المؤتمر بعض الملاحظات نتمنى على المشاركين أخذها في الاعتبار.

الملاحظة الأولى: الضغط على رئيس جمهورية مصر هو ضغط غير مبرر أحيانا. مشاكل الأقباط يستطيع السيد رئيس جمهورية مصر حل أو على الأقل حلحلة بعضها، لكن أكثرها ناتج عن قناعات عامة لدى غالبية الشعب بما في ذلك أهل القرار في أغلب المراكز، وهؤلاء نتاج مشوه لإعلام وتعليم مؤدلج ساد لمدة عقود حتى أصبحت النعرات الطائفية سيدة الموقف ونظرة سريعة على أعداد المحجبات والمنقبات والملتحين من أعلى الطبقات تكفي لاستيعاب حجم المشكلة. وطريق الإصلاح ليس بتغيير رئيس الجمهورية ولكن بتغيير الأسباب التي شعوذت غالبية الشعب المصري، ولن يتم ذلك بمجرد تغيير رئيس الجمهورية وإنما عن طريق إعلام رصين وسياسات تعليمية هادفة وهو ما يلاحظ المراقب إرهاصا له ويبقى الدفع في اتجاه تسريع وتيرته أفضل وأغنى عائد من هدم المعبد على من فيه.

الملاحظة الثانية: إن ملف الأقباط هو ملف سياسي أمنى بالدرجة الأولى وإلا ماذا يمكن أن يكون غير ذلك! هل يقترح المؤتمر المزمع انعقاده وضع ملف الأقباط في يد الحكم المحلى مثلا؟ وضع ملف مشاكل الأقباط في يد أمن الدولة هو خيار يبدو موفق بالنظر إلى طبيعة تلك المشاكل. المطلب الأهم هو حسن اختيار القائمين على ذلك الملف من بين المقتنعين بأهمية الحفاظ على المساواة في حق المواطنة، وغنى عن البيان وبالنظر إلى طبيعة الدولة المصرية أن جهاز الأمن له باع وسلطات وخشية في نفوس المصريين عموما وهى آليات لازمة للتعامل مع ملف الأقباط الشائك.

الملاحظة الثالثة: أن أولى أولويات المؤتمر أن يطالب بحقوق المواطنة للأقباط وهو مطلب عادل لن يستطيع أحد أن يعارضه. ولا يصح له أن يخلط هذا المطلب بمطالب أخرى تضعف من مصداقية ما ينادى به. وأول ما يجب على المؤتمر أن يتجنبه أن يأتي بقضية ليست يقينية ومن السهل التجادل بشأنها إلى ما لا نهاية، وحتى لو كانت صادقة وثابتة فهي على الأكثر حالات فردية لم تأخذ شكل السلوك العام، ألا وهى قضية اختطاف المسيحيات لأجل أسلمتهن. ويكفي ردا على هذا الإدعاء ما يقوله المهندس أبادير بنفسه "المسيحية لن تخسر والإسلام لن يكسب ولو تمت أسلمة عشرة آلاف فتاة".

أرجو ألا تؤخذ هذه الملاحظات على أنها تنطوي على أي إقلال من شأن جهد أقباط المهجر وإنما هي رأى للقائمين على المؤتمر الأخذ به أو طرحه مع خالص تمنياتي بالنجاح، والعقبى للنوبيين ولكل الأقليات العربية.

 

 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون