عادل حزين


19 أكتوبر  2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

يا حبيبتي يا مصر...

بقلم الأستاذ عادل حزين

من بعد أكثر من عشرين عاما من التغرب عن أحب أرض الله إلى قلبي ذهبت لزيارة وطني الأول ووطن أجدادي مصر. دخلت أرض أبائي ولم أتعرض لأي مضايقة رسمية وهذه نقطة لصالح النظام الحاكم يقدرها من يعرف بممارسات نظم سابقة في مصر، لا زال بعضها يمارس فى نظم أعرابية تعدت تاريخ صلاحيتها.
لم يعد شبر فى مدينة مصرية –من المدن التاريخية - صالح لحياة البشر. الأرصفة يفترشها أما أصحاب المحلات أو الباعة الجائلون، والناس تسير فى نهر الطريق، والسيارات تجرى كما الدراجات بقيادة بهلوانية تبعث على الدهشة.
مرض غريب أصاب تقريبا جميع المصريين لا أعرف إن كان تم اكتشافه وإعطاؤه اسما أم لا. هو مرض أصاب الإنسان المصري بحالة شبق جنسي فظيع تلمحه في عيون كل المصريين تقريبا. ومقصود القول بجميع المصريين هو جميع المصريين الذكور من سن الثالثة عشر حتى السبعين أو أكثر حتى ذوى العاهات منهم. لاحظت هذا المرض العضال في نظرة ذكور مصر ‘لي زوجتي التي تعدت الستين والغير محجبة طبعا أثناء سيرنا في أي مكان في مصر. النظرات كما كاميرات أو أشعة مقطعية تخترق الملابس – حسب تعبير زوجتي- تلتقط أربعة لقطات، الأولى للوجه والثانية للصدر والثالثة لما تحت السرة والرابعة لما أسفل ذلك.
ابن صديق لي في مدرسة الشاطبي الإعدادية للبنين – وهى مدرسة حكومية بالإسكندرية- أخبرني أن في مدرسته اثنين وعشرين تلميذا قبطيا جميعهم في فصل واحد اسمه فصل الأقباط ! ويقول والده أن هذا الفصل بين عنصري الأمة جار في جميع المدارس التي يعرفها ، فكل التلاميذ المسيحيين يجرى تجميعهم في فصل واحد في كل مدرسة...
صديق لي قابلته أثناء زيارته وزوجته الأسترالية حكي لي أنه أثناء سيره مع زوجته سمع شابين بجانبه يتغزلان بصوت مسموع في جمال صدر زوجته فلفت انتباههما أنه مصري وأن السيدة التي يتكلمون عنها زوجته فكادا يشتبكان معه، إلا أن ملتحيا يرتدى الجلباب الباكستاني ردهما بعنف في القول رغم وضوح أن زوجة صديقي مسيحية... أشير إلى ذلك من باب الأمانة في السرد.
سخافات ما أنزل الله بها من سلطان تراها في كافة مناحي الحياة في مصر. أول السخافات ما يسمى بدعاء الركوب " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين... وإنا لله لمنقلبون"! تسمعه وتقرأه في كافة وسائل المواصلات وتذيعه طائرات مصر للطيران التي أقلتنا إلى ومن شرم الشيخ، لم أعرف ما هو الدعاء في تلك العبارة التي لم أر فيها أي نوع من الدعاء وإنما هي نوع من التقرير لمن يؤمن بها... فليس فيها مثلا ندعوك الله أن تهبنا سلامة الترحال ، أو تحفظنا من شر الطريق أو ما شابه مما يمكن أن يطلق عليه صفة دعاء...
كل مسقط نور بين عمارتين وكل ارتداد مبنى وكل محل غير مشغول في أرض مصر تحول إلى مسجد أو مصلى عن طريق فرش بضعة حصر بلاستيكية وتركيب عدة ميكروفونات في كل منها تتداخل أصواتها خلال الآذانات بطريقة منفرة، أيضا فرش الحصر في الشوارع والحارات أثناء الصلوات وبالذات صلوات الجمعة والتراويح بما يحظر التجول فعليا أثناء تلك الصلوات على سكان المنطقة والمارين فيها...
حالة مرضية – أخرى- أصابت تقريبا كافة شباب مصر، وهى حالة من البله أو نوع من العته المبكر. تستمع لكلام كثير منهم فلا تجد منطق ولا تصل أبدا لمعنى يريد الشاب المتحدث أن يوصله إليك... كان الله في عون أولائك الشباب وأهاليهم، الحياة بدون هدف أو أمل قضت على ما بقى من عقولهم التي أصابها النظام التعليمي وغسيل المخ الإعلامي بالتخلف المزمن.
شرم الشيخ ذكرتني بالإسكندرية القديمة التي أعرفها. جمال وهدوء ونظام ونظافة وتنوع أجناس... وحرية. أمراض المجتمع المصري في سيلها إلى غزو تلك البقعة الجميلة. بعض الفنادق لا توظف إلا مسلمين، وبعض أصحاب المحلات لا توظف إلا مسيحيين! سمعت مدير الفندق الذي نزلت به يدعو مستخدم إلى إغلاق البار للحاق فطور رمضان والصلاة ! أغلب عمال الفندق صائمون وفى جبهة الكثير منهم علامة الصلاة ، هي مسألة وقت فقط حتى يردد شخص على مسامعهم حديث تغيير المنكر الذي يحيط بهم من شرب خمور إلى فتيات تعرى صدورها جهارا نهارا للاستمتاع بالشمس ، وترتدي أغلبهن – ليس ورقة التين المشهورة- وإنما ما يمكن أن يطلق عليه فتلة تين!
برغم كل السلبيات تلمح شعاع من العبقرية المصرية عندما تجد أكثر أصحاب المحلات والخدميين يتكلمون الروسية والإيطالية وغيرها من اللغات بطلاقة أهلها.
شرم الشيخ وأخواتها من المدن الجديدة على ساحل البحر الأحمر توضح الجريمة البشعة التي ارتكبها المسئولون السابقون في الساحل الشمالي عن طريق بناء القرى التي أهدرت مئات المليارات في أبنية لا تستغل إلا أيام قليلة كل عام، لازال هناك أمل لتدارك آثار تلك الجريمة عن
 

طريق ربط ضريبة عقارية عالية القيمة على ملاك تلك الأبنية على أن تمنع الاستثناءات منعا باتا... وهذا اقتراح لوزير مالية مصر يتيح موردا غنيا لميزانية الدولة بدلا من زيادة الضرائب على فقراء مصر، كما يدفع الممولين لاستنباط طرق لاستثمار تلك الأبنية العقيمة لسداد قيمة تلك الضرائب ، التي نرى أن تكون بنسبة عشرة في المائة من القيمة الحقيقية لكل مبنى فيلا أو شاليه أو شقة.

صديقي زوج الأسترالية طلب منى كتابة مقال عنوانه "الاستثمار في البشر أفضل من الاستثمار في الحجر... يا بقر".
العنوان يشي بالمحتوى المزمع كتابته...
فإلى اللقاء.



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون