لبنى حسن 


1 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

Lobna_hassan88@yahoo.com

هنا مصر المحتلة
بقلم: لبنى حسن

 غضب .. سخط .. نقم .. الكلمات تعجزعن  تحديد وصف دقيق لأحساسنا بعد تجاوزات الشرطة تجاه المتظاهرين فى مظاهرة طلعت حرب الأخيرة التى ضمت مختلف الأطياف السياسية لتعلن عن رفض التمديد لمبارك بعد 24 ساعة من اعلانه ترشحه، فقد ذكرتنا حملة الأعتقالات والعنف بمشهد يوم الأستفتاء الأسود الذى قهر فيه ابناء مصر، نساء و رجال امام عدسات التلفزة العربية و الأجنبية حيث لم يكن هناك متسع من الوقت لجرجرتهم وتعذيبهم فى أماكن العسكر المعتادة، و كأن النظام اراد ان يفيقنا من أحلامنا  بالتغيير و أمنياتنا المشروعة بالحرية فكشر عن انيابه مسلطا عسكره على المتظاهرين  لضربهم و سحلهم و التنكيل بهم، فى الوقت ذاته الذى سلط فيه مطبلتيته على مشاهدى  جميع القنوات الحكومية ليذكرونا بمحاسن قامعنا و يؤكدون على منه علينا بنعمة الأستقرار - فين ده؟- و ان البديل هو الفوضى الدموية كالحال فى العراق متناسين ان الوضع فى مصر مختلف تمام الأختلاف عن العراق التى احتلتها قوات أجنبية، الى جانب انها دولة ذات تعدد طائفى و مذهبى شديد التعقيد، اما ما تدع اليه المعارضة المصرية الوطنية  هو مجرد تداول سلمى للسلطة. لقد عاد الوجه القبيح للنظام للظهور بقوة ليكشف زيف وعود مبارك ببداية جديدة وسنوات سعيدة، فما حدث فى المظاهرة كان بمثابة تتويج لسلسلة من التجاوزات  تعد رسالة واضحة للشعب لييقن ان النظام صبره قد نفذ و ان قدرته على التظاهر بالديمقراطية لها حدود - ضيقة- و انه قادر و ناوى على جعل ايامنا أسود من قرن الخروب، و لعل اداء وزارة الداخلية امس اثناء المظاهرة  يكشف لنا السر وراء تمسك الرئاسة بوزير الداخلية بالرغم من مهازل يوم الأستفتاء و تفجيرات طابا و شرم الشيخ، فليس المهم أمن البلاد او تأمين المواطنين أطلاقا فهذة من توافه الأمور بالنسبة للباشا الوزير الذى أخذ على عاتقة هدف أوحد  فأنكب اهتمامة و انصب تركيزه على تدعيم و تثبيت و ارضاء ولى نعمته الديكتاتور الأعظم و الرئيس الواحد الأحد الذى ليس مثله احد و لم يولد بعده و لا قبله من يستحق اعتلاء عرش الجمهورية المصرية ، فالرئيس لم يجد حرجا فى خرق الدستور و اعلان ترشحه من مدرسة حكومية كما لم يجد وزير اعلامه عيبا فى بث اعلانه الترشح على الهواء مباشرة على جميع القنوات بعد ما امطرنا بفقرات عن انجازاته وصلت للتغنى بأسمه فى احتفال تخريج الكليات العسكرية ، هذا غير برامج الثرثرة التى حاولت معنا بكافة الطرق سواء المباشرة منها او غير المباشرة، فأستعانت بالأعلامين والفنانين و رجال الدين و غيرهم من الشخصيات الشهيرة الذين انحصرت مهمتهم فى تضليل المشاهد على اعتبار انه غير ناضج سياسيا على رأى رئيس الوزراء المفدى الذى شارك بدوره مع مجموعة من الوزراء فى برنامج يدعى" حالة حوار" طاردونا بأعادته عدة مرات  فى محاولة للتأكيد على انه ليس فى أمكان الحكومة ابدع مما كان  وان الحزب الجاثم - الحاكم - كامل الأوصاف، و بالطبع هذة الدعاية المكثفة و التلميع الأعلامى لم تتوفر لأى من الأحزاب او مرشحين الرئاسة الأخرين  فقد نجح النظام بنسبة لا يمكن اغفالها فى التعتيم على اى مرشح اخر و لم  يمنح اى من طلعت السادات او د.أيمن نور الذى و صفته رويترز بزعيم المعارضة المصرية، ولو بضع دقائق على التلفزيون الحكومى الذى تموله اموال الشعب فلم يعرف الغالبية العظمى من المواطنين عنهم او عن احزابهم شيئا يذكر، و قد لمست هذا بنفسى عندما تجولت فى محافظة الأسكندرية  فلم اكتفى بتأمل حال الناس فى الشوارع بهدوء كالعادة بل تعمدت الدخول فى حوارات مع المواطنين كسائق التاكسى و بائع الجرائد وصاحب محل و حتى الكوافير الذى تصادف مرور صديق له مخبر اشترك معنا فى الحوار و الذى يعد الوحيد بينهم الذى أكد معرفته بوجود مرشحين اخرين غير مبارك البارك على انفسنا و ذكر لى بالتحديد أيمن نور و لكنه اوضح ان كل ما يعرفه عنه انه عامل قلق!! و لم ينس المخبر اختتام حديثه بتحذيرى من افكارى و ان بامكانه "جرى" الى قضية أمن دولة وطبعا كان كلامه بمثابة تأكيد على ما وصلنا اليه  و على استمرار الأرهاب الفكرى و قمع الدولة البوليسية و الحكم الشمولى الذى بلغ من الضعف ما يجعله يخشى كلام الناس، فالمخبر لم يدرك ان  محاولته لأشاعة جو من الأرهاب و الرعب يعكس مدى القهر الذى يعانيه هو نفسه  و يعد ادانة صريحة لعصر مبارك و تشويه لحملته الأنتخابية  و تأكيد على اغتصابه للسلطة، فكلماته مجرد انعكاس لما تربى عليه داخل المؤسسة الأمنية التى تستخدمه كاداه للتخويف و القمع لأحكام مخطط النظام المتمثل فى ارهاب المواطن ودفعه الى السلبية و الأنغماس فى همومة و مشاكله اليومية، و لكن أشد ما ازعج المخبر هو عدم اكتراثى بتهديده و مواصلتى الحديث  بل و ازدياد حدة هجومى على النظام  ولمحت فى عينية غيظ  من ردة فعلى الذى لم يكن مايشتهيه او ما تعود عليه مع ابناء طبقته من البسطاء الذين يستأسد عليهم و يستغل جهله قبل جهلهم لأخافتهم. اما طبقة  الأصدقاء و الأقارب و المعارف فلم يكن حال غالبيتهم أفضل كثيرا من البسطاء و انصاف المتعلمين، فمن عرف منهم بوجود مرشح اخر سارع بترديد  كلمات الأعلام الحكومى من عينة الأستقرار و الحكمة و عدم وجود بديل لمبارك - المعجزة - يصلح لحكم مصر، فقد تمكن الأعلام الحكومى من التغلغل فى عقولهم و التشويش على نشاطات ألأحزاب و تشويهها كحزب الغد الذى لم يجد امامه سوى الأعتماد على جريدته  فى وطن غالبيته المتعلمة قاطعت القراءة  اصلا، فراح يطلق حملة طرق الأبواب و يجوب المحافظات للقاء الجماهير و طبعا يتم هذا فى ظل رقابة أمنية مشددة تخيف الناس و تعيق المرشح عن شرح برنامجه حتى و لو لبضع مئات من المواطنين الذين استطاع الوصول لهم. بعد تفصيل التعديل الدستورى على طريقة حذاء سندريلا و قمع المعارضة و تهديد المواطنين و المحاصرة الأعلامية للشعب و الأعاقة الأمنية للمرشحين  بات واضحا ان حديث الرئاسة عن الأنتخابات مجرد مسرحية سخيفة  المقصود منها الأستعراض امام الغرب و الضحك على الشعب والتظاهر بمواكبة المتغيرات العالمية فتعمد تغيب الوعى و تضليل الرأى العام و مواصلة ارهاب الشعب و الأستمرار فى خدع النظام هو اعتراف ضمنى بأننا مختطفون وتأكيد على  ان مصرنا محتلة من قبل قوى الفساد و الأستبداد التى اغتصبت السلطة و اغتالت ارادة الشعب و انتشرت فى البلاد ظلما و فسادا و طغيانا.

 

لبنى حسن



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون