"أتخنقنا"
بقلم: لبنى حسن
بالرغم من عدم إعجابي بمواقف واجهة حزب الوفد
د/نعمان جمعة إلا أن الحزب كان موفقا للغاية في استخدام شعار
"أتخنقنا" لدعايته الانتخابية فنحن بالفعل أتخنقنا من شدة الحصار
الإعلامي و كثرة لافتات التأييد مبارك من شركات القطاع العام و
مديريات التعليم و الأجهزة المحلية
مستخدمين ملايين الجنيهات من الأموال العامة
تماما كجريدة الأهرام التي ركزت في يوم بدء
الحملات الانتخابية و في صفحتها الأولى على نشر برنامج مبارك
الانتخابي تفصيليا دون غيرة من المرشحين,
و أتخنقنا من
اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي تكرس جهودها لضمان تثبيت
مبارك في الحكم فتارة ترفض أي شكل من
أشكال مراقبة الانتخابات،
فلا رقابة دولية و لا محلية من قبل
منظمات المجتمع المدني أو الإعلاميين أو وكلاء
المرشحين وتارة تعلن عدم إعطاء صور
رسمية من جداول الفرز إلي ممثلي المرشحين و ترك الحرية للناخب في
غمس أصبعه في الحبر الفسفوري من عدمه, وكأن التزوير مبدأ و النية
مبيتة و السيناريو جاهز و لا ينقص سوى كلمة أكشن ليبدأ التصفيق و
التهليل لرامبو بطل العرض, حامى حمى الفساد و قاهر العباد.
أطل علينا رئيسنا المفدى - محاولا أن يتحدث
كمرشح – في ما يسمى بداية حملته الانتخابية عبر قناة دريم التي
قامت بجدارة بدور البديل للأعلام الحكومي المتحدث باسم الحزب
الحاكم, فقد حرصت في الأسابيع الأخيرة على الحد من الحديث عن حزب
الوفد و التعتيم التام على حزب الغد, حيث أصبح تعاطف الشعب مع
مرشحه و ازدياد جماهيريته خاصة بعد تحالف طلعت السادات معه مصدر
قلق للنظام, لذا فقد ركزت المحطة في الآونة الأخيرة من خلال
برنامج السهرة "العاشرة مساء" على استضافة مرشحين الأحزاب الصغيرة
فقط -التي يطلق عليها أحزاب بئر السلم- و التي استخدمتهم
الإعلامية منى الشاذلي ببراعة لخدمة الحزب الحاكم و المساهمة بشكل
غير مباشر في دعاية مبارك حيث استدرجتهم لاستعراض ضعفهم و جهلهم و
غياب نظرتهم المستقبلية و قدمتهم على أنهم المتاح على الساحة حتى
يؤمن المشاهد و يبصم بالعشرة انه لا يوجد في البلاد أحسن من قامع
العباد و يتأكد انه لولا تعطف مبارك علينا و تواضعه و تنازله
ليحكمنا لكنا أصبحنا في خبر كان أو على الأقل أخر توهان, فقد أطل
علينا بنيولوك ,شعر مكوي و صبغة فحم و تخلى عن رابطة عنقه في
محاولة ليبدوا اكثر شبابا او ربما تطورا! و راح يقرأ من ورقة
كالعادة كلام معسول عام ومطاط تغلب عليه التعبيرات البلاغية و
الإنشائية موضحا طموحات و آمال برنامجه الانتخابي في الإصلاح الذي
سيسعى لتحقيقه في الفترة الخامسة و لكن لم يوضح لنا ماذا جد علينا
أو بالأحرى عليه و على حزبه لينجح في تنفيذ ما فشل في تحقيقه على
مدار ربع قرن من الزمان, بل و لأكون أكثر واقعية الم تكن هذه
المشكلات و التداعيات التي يود علاجها في الفترة التالية نتيجة
إدارته و طاقمه؟ و هل مازال يحتاج بعد أربع مدد رئاسية أن يستهل
خطابه بإعلانه العمل على كسب ثقة أفراد الشعب الذي جرب وعودة
السابقة من توفير الآلاف من فرص العمل و القضاء على الفساد - الذي
وصل في عصره للبلعوم- إلي إلغاء عقوبة حبس الصحفيين و ضمان
المساواة بين المرشحين؟!! لقد ركز خطابة على أركان أساسية و
بديهية كان من المفترض أنها تتوافر في اى دولة بعد 24 سنه من حكم
"الاستقرار و الحكمة" كتعزيز دور
البرلمان في المراقبة
ومساءلة الحكومة وتعزيز الصلاحيات التنفيذية
والرقابية للمحليات و أهمية
مظلة التأمين الصحي لكل فرد و وتقنين العشوائيات ومدها بالمياه,
والصرف الصحي, والكهرباء, والمدارس
– احتياجات أساسية للإنسان - و تعهد
للطبقة الوسطي بزيادة دخلها, وتلبية" طموحاتها
" في امتلاك مسكن
لائق بأسعار معقولة.
خطابة في مضمونه يعنى أننا في حاجة لنبدأ من
الصفر و كأننا دولة صغيرة ناشئة!! و طبعا لم ينس الرئيس تذكرنا
بالأمان الذي نعمنا به في فترة حكمه المديدة و كأن لا إرهاب ضربنا
و لا قمع طالنا و لا معتقلات و تعذيب أوجعت قلوبنا, كما لم ينس
مخرج البث التلفزيوني التركيز بالكاميرا (زووم) على جمال مبارك
ليملئ لنا الشاشة بوجهه المبشر على طريقة نادين لبكى مخرجة كليبات
نانسى عجرم, فلعل و عسى, فقد يفلح تكرار تجربتها مع نجل الرئيس في
إيقاع الشعب في غرامه كما حدث مع " أخاصمك آه اسيبك لأ"!!
لبنى حسن
|