د.  صبرى فوزى جوهرة


  3 مايو  2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

أن شاء الله سيفرجها على أقباط ومسلمي مصر قريباً !

 تتلاحق الأحداث السياسية في مصر بسرعة متزايدة وملموسة لم نعتاد على مثلها منذ 26 يناير 1952 عندما قام السوقه بحرق القاهرة ، وبدا للجميع أن النظام الملكي المصري بدأ يلفظ أنفاسه . فالتذمر الشعبي وتعاقب الوزارات وتساقطها واشتداد التوتر بين القصر والجيش كانت كلها علامات تشير إلي النهاية المحتمة التي جاءت في 23 يوليو 1952 .
استولت عصابة العسكر على مقدرات ووأدوا الديمقراطية والليبرالية الوليدة فلم تقم لهما قائمة إلي الآن . توالت بعدئذ المصائب والكوارث على المحروسة منذ ذلك الوقت وفيما شرع المصريون ينشدون أهازيج النصر الكاذب ويقرعون الصدور الخاوية كما يفعل حيوان الغوريلا إلي أن جاءت الطامة الكبرى صباح 5 يونيو 1967 . عندئذ ظن بعض السذج منا أن هذه الهزيمة النكراء ستعيد إلينا عقولنا فنعود إلي السبيل القويم ولكن هيهات ! فإذا بأحوالنا تزداد تدهوراً وسوءاً وانزلقنا إلي هلوسات دينية متخلفة استبدلنا بها هلوسات القومية العربية والاشتراكية والوحدة وحرية السلاطة (salad ) التي عرف بها الخالد عبد الناصر في مؤتمره الشهير في أواخر مايو 1967 قبل الهزيمة بأيام ، والتي حدد فيها معنى الحرية بأنها أكل هبره لحمة وشوية رز وطبق سلاطة (salad ) ! ومادام كان هذا في متناول بعض المصريين (وليس جميعهم بالطبع) فكل المصريين أحرار وكل سنة وأنتم طيبين .
استمرت دكتاتورية العسكر إلي اليوم . ولكنها ، ككل شئ آخر في هذا الكون كان من المحتم أن تمر بمراحل القوة ثم الاضمحلال وأخيراً الموت . ولاشك أننا الآن نشهد أول فصول النهاية التي أرجو إلا تطول .
فتتابع المظاهرات المعادية للعسكر في شوارع القاهرة وبعض مدن مصر الأخري ، وتراجع حسني مبارك عن موقفه المتصلب الرافض تماماً لأي مساس بدستوره المتهالك المرتق (المرقع) ونقوصه بعد أيام قليلة من اتخاذه لهذا الموقف المتشدد واضطراره للتقهقر والتظاهر باستجداء مجلس شعبه (اللي زي قلته) لتعديل الدستور (المنزل) والسماح بترشيح أكثر من منافس واحد أوحد لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة في أكتوبر من هذا العام . هذه المؤشرات تنبئ باقتراب النهاية . فتراجع الطغاة هو أول علامات بداية النهاية . ولنا مثال في شاه إيران الراحل الذي اضطر للهروب من بلاده عام 1979 عندما تعاظم عدد المتظاهرين ضده في شوارع طهران إلي أن أصبح من المستحيل أن يؤلب جيشه لضرب الملايين من شعبه في شوارع عاصمتهم .
هذه المظاهرات العفوية غير المفتعلة والمنظمة بعملاء الحكم تميل دائماً إلي التعاظم والتفاقم ككرة الجليد وهي تنحدر (snow ball ) حتى يصبح من غير الممكن إيقافها فهي تدهم كل من عاق طريقها .
الصيف القادم سيكون صيفاً حاسماً حاراً ربما انتهى بسقوط حكم العسكر – قولوا أن شاء الله – بعد تحكمهم في رقابنا وأرزاقنا ومستقبلنا وماضينا وحاضرنا لأكثر من نصف قرن !
يحدث كل هذا وقد بدأ الأقباط في اليقظة . فهم يرفعون أصواتهم الآن داخل مصر وخارجها مطالبين بحقهم في المساواة التامة والحقوق غير المنقوصة كمصريين من الدرجة الأولى . ويساعدهم في ذلك أن اجتاحت العالم ايديولوجية جديدة تقول بأولوية الحفاظ على حقوق الإنسان كمسئولية أولى للدولة الحديثة بصرف النظر عن وجود حدود مفتعلة . فقد تحقق الأقباط من أنهم لن يحصلوا على ما أغتصب منهم عنوة إلا إذا طالبوا  به  بقوة وإلحاح .
وتشير النظرة البعيدة المحايدة إلي أن واقع الأحداث في مصر الآن قد يؤدي إلي بداية انفراج أزمة الأقباط في بلادهم . فكلما ازدادت الضغوط على جماعة اعتادت عليها وتمرست على مجابهتها مثل الأقباط كلما ازداد عزمهم على المقاومة . فأظلم لحظات الليل هي ما تسبق بزوغ الفجر .
وقد جاءت آخر الأنباء القادمة من مصر تحمل بشرى السماح لحزب "مصر الأم" بممارسة نشاطه السياسي بعد أن عارضته عصابات العسكر بشدة  أدى إلي الالتجاء إلي المحاكم . وربما كان من قبيل المصادفة أن المستشار الذي أصدر حكمه لصالح شرعية تكوين الحزب كان قبطياً . وكان حكم القضاء هذا بمثابة ضربة جديدة لعصابات العسكر المترنحة نرجو أن تكمل عليه – قولوا أن شاء الله .
حزب "مصر الأم" هذا يدعو إلي العلمانية وفصل الدين عن الدولة وعودة مصر إلي مصريتها وأصولها وجذورها الراسخة منذ آلاف السنين وابتعادها عن كل ما هو ليس في صالح مصر والوطن .
نرجو لهذا الحزب المستنير كل النجاح وأن تبدد أعماله ظلمات الهوس الديني المتخلف وأن تعود مصر للمصريين جميعاً كما قالها جد أحد مؤسسي الحزب – معلم الأجيال – المرحوم احمد لطفي السيد باشا طيب الله ثراه .
لعل هذه الظواهر العديدة تشير إلي قرب النهاية وبداية عصر جديد . فقد طالت علينا هذه الفترة المؤسفة – فترة تشابه الفترات الوسيطة في تاريخ بلادنا القديم عندما كان انحلال عصر دولة تتبعه فترة وسيطة ثم قيام دولة جديدة فتيه قوية تواصل صناعة الحضارة وقيادة الإنسانية . قولوا أن شاء الله .
 
 
                                                                  صبري فوزي جوهره
                                                        استاذ جراحة القلب والصدر المساعد
                                                        جامعة اوهايو الطبية - تبوليدو
 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون