د. صبرى فوزى جوهرة


05 اغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

 لمة المتعوس على خايب الرجا

بقلم صبرى فوزى جوهرة

تدخل القدر هذه المرة ليوقف عرض مسرحية هزلية كان مزمع عرضها في شرم الشيخ تحت أسم "مؤتمر القمة العربية" عندما أنهت وفاة فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية هذه المأساة قبل حدوثها .

يعلم الجميع أن مؤتمرات القمة العربية هذه لا رجاء منها ولا فائدة بل أن منها ما أدي إلي الكوارث مثل القمة الأولى التي جمعها الخالد قائد عصابة العسكر في يناير عام 1964 لمجابهة إسرائيل في محاولاتها تحويل مجرى نهر الأردن عندئذ . وانتهى الأمر كما نعلم جميعاً بعد ذلك بثلاث سنوات باحتلال إسرائيل لسيناء والضفة الغربية والقدس والجولان وأنهت خرافة الوحدة والقومية العربية ربما إلي الأبد . حدث كل هذا ولكن بقيت مؤتمرات القمة العربية تصارع الزمن وتؤكد للرايح والجاي أن ليس لها من فائدة إن لم تكن مضرة بصحة العرب المتهالكة .

كان من المزمع أن تناقش قمة عروش وكروش العرب في شرم الشيخ مشاكل الإرهاب وفلسطين والعراق .

وبصرف النظر أن مشكلة فلسطين قد مضى عليها أكثر ما يقرب من الستين عاماً وأنه ليس في استطاعة العرب حلها على كل حال ، وأن مأساة العراق ظهرت إلي الوجود منذ جيل كامل ، فإن أصحاب الجلالة والفخامة حشروها في جدول الأعمال مع الإرهاب ربما  لسبب خبيث وهو إقناع العالم بأن الإرهاب ليس من نتائج خيبتهم القوية بل أنه ينبع من بقاء هذه المشاكل بدون حلول ترضي العرب والمسلمين . وهذا نوع من محاولة الضحك على عقول الخواجات الكفرة الهبل الذين خيل لقادة العرب أنهم هياكلوا من الكلام ده .

أضف إلي ذلك أن الرئيس حسني مبارك – أدامه الله على عرش مصر -  أعجب أشد الإعجاب بالمسرحية الجديدة الرائعة التي مازال يقدمها للعالم ، وهي من تأليفه وتلحينه وإخراجه وتمثيله ومازال يعرضها على المسرح القومي المصري وأن لم تنتهي فصولها بعد ولن تنتهي حتى يكسب "الشجيع" حسني الخناقة ويهزم منافسه الشرير ويحظى بالعروس – وهي كرسي الرئاسة –  بالرغم أنها قد فقدت شرفها وعذريتها منذ نصف قرن وشوية . مسرحية الرئيس مبارك هذه تجري أحداثها وهو واقف قدام المرايا يكلم روحه ويتخانق معاها ، فليس هناك في هذه المسرحية من ممثلين آخرين غيره – أطال الله أيام جلوسه فوق نفس المصريين .

أنبسط الرئيس مبارك من الشغلة دي ولعبة المرايا وقال لنفسه ما نكررها بس على مستوى كبير نجمع فيه مشخصاتيه آخرين – كلهم فاشلين – قدام مرايا كبيرة ونعمل تمثيلية كبيرة أ وأن كانت قديمة أسمها "مكافحة الإرهاب" . وبذلك يحل الخواجة بوش عن انفاسنا ولو لحـين ، ونمارس التقية ونخداع الكفرة أوروبا وأمريكا وكمان استراليا . وفي ذات الوقت نعي الابن العزيز علاء حيث أن كل مشخصاتي وزعيم من الزعماء المشتركين في هذه اللعبة سيعود إلي بلاده وقد أعجبته واللعبة والتمثيل في المرايات فيشتري هو كمان مرايا من علاء وهو المتعهد الوحيد لتوريد المرايات لبلاد الشرق الأوسط بأكملها . ومش بس كده كمان الابن الحبيب جمال – مهندس الديكور الناجح-  يبروز المرايات ببراويز من تصميمه قبل إرسالها وبالطريقة دي يسترزق هو كمان ويكون رزق الهبل على المجانين كما نعلم جميعاً .

بقى أمر بسيط بم يعبأ به رئيسنا المحبوب كثيراً وهو تكاليف هذا السيرك الكبير ولكن لا بأس فالشعب المصري سعيد وفرحان بقبول السيد الرئيس حسني مبارك وتنازله بترشيح نفسه مرة خامسة (اسم النبي حارسه من العين) ولن يأبه المصريين كثيراً بأن معظمهم  مش لاقي يأكل ما دام المؤتمر سينفخ في صورة الرئيس ويضاعف من احتمالات نجاحه في الانتخابـات . ويصبح لنا قائداً مغواراً عظيماً يوفر الأمن والاستقرار للبلاد - ومش مهم أن يكون الاستقرار تحت الصفر – اهو استقرار وخلاص .

ولكنا المسرحية لم تتم - ولعل أكبر المستفيدين من هذا الأمر برضه – هو السيد الرئيس حسني مبارك . لأنه ربما كان حيطلع واحد قليل الأدب ولسانه طويل ليذكر الرئيس البطل أنه هو السبب في نمو الإرهاب وتشعبه في أرض الكنانة . فالعقول الفارغة التي تركها ما يسمي بالتعليم ، والأيادي الباطلة التي تتكاثر بمعدلات اطرادية ، والهلوسة الدينية التي استوردها من إرهابي الوهابية وحشر الدين في السياسة الذي بدأه المتأسلمون منذ سقوط آل عثمان الله يخرب بيتهم إذا كان لسه فاضل فيه حاجة ، وتهميش أهل البلاد لصالح جماعات السرقة والنهب من الداخل والخارج . كلها أسباب قد يتطاول واحد قليل الأدب  ويذكر السيد الرئيس بأنها تمت وترعرعت تحت رعايته وبأيديه الخضراء .

السيد الرئيس لا يحتاج لمؤتمر قمة مع فاشلين لعلاج الإرهاب . فهو سيد العارفين ، يعلم جيداً كيف ولد الإرهاب ويعلم كذلك كيف يمكن القضاء عليه . ليس بالمؤتمرات الفاشلة التي يصطف المتعوس إلي جانب خايب الرجا ، بل بالعمل العلمي الجاد واستئصال أسباب الإرهاب من جذورها وبناء صرح دولة جديدة يسود فيها القانون ومحاسبة المسئولين ويصبح الدين فيها لله وليس للدولة وتتداول فيه القوي السياسية الحكم بما يرضي الشعب الغلبان وتنقطع فيه الصلة الوهابية واللي جابوها وتتعاون كل فئات وطبقات الشعب المطحون لبناء وطن جديد ليس فيه منوفية ولا ملوخية .

سيادة الرئيس – الأمر أكثر بساطة من عقد سيرك غير قومي فاشل يكون اللاعبون فيه أكثر من المتفرجين . فالإرهاب معروف الأسباب وعلاجه مكتوب على كل الأبواب . كل ما عليك أن تفعله هو أن تعطي ظهرك للمرايا و.... كما ننصح أهل ريفنا الكرام  أن يفعلوا لمكافحة البلهارسيا . هذا طبعاً أن لم يكن جدول أعمالكم المخفي هو استمرار في الإرهاب لإجبار العالم  على الإسلام قبل أن تخلص عليه قنابل المؤمنين الباحثين عن عذارى الجنة .

سيادة الرئيس – الدولة التي تجلس على قمتها الآن هي دولة فاشلة حسب تعريف السياسيين – فماذا تريد أن تقول لعبد الله بن عبد العزيز الذي ما زال يمول مدارس الكراهية والعصبية والقتل في كل ركن من أركان العالم ؟ وماذا تريد أن تقول للأسد الصغير الذي يرسل مجاهدين عبر حدود لبنا والعرق وهو مستخبي تحت السرير خوفاً من جورج بوش اللعين ؟ وماذا تقول للأخ العقيد القعيد بتاع ليبيا الذي أعلن توبته واعتزال الإرهاب على يد الشيخ بوش حتى قبل أن تعلن فيفي عبده توبتها وعدولها عن هز البطن .

ليس هناك ما يمكن قوله أو فعله في مؤتمر قمة عربي جديد قد يجلب مصائب جديدة على دماغ اللي عملوه كما حدث بعد مؤتمر 1964 .

فليبقى كل واحد من المؤتمرين في مكانه بارك على أنفاس شعبه وربنا ما يحرمناش من عروشكم وكروشكم وما يحرمكوش من الاستعباط !

 

دكتور صبري فوزي جوهره

أستاذ جراحة الصدر المساعد

كلية الطب – جامعة أوهايو الطبية

 

 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون