د.  صبرى فوزى جوهرة


  15 سيتمبر 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

أيها القبط
سيكون رد فعل مبارك لتأييدكم له

تعزيزاً ومصداقاً للحكمة القائلة

"وإن أنت أكرمت الكريم ملكته . وأن أنت أكرمت مبارك تمردا"

"وأتق شر من أحسنت إليه"

ومبارك سيكمل ويزيد في اضطهاد الأقباط ليثبت للسعودية

أنه وهابي أكثر منهم . يعني تمر فيه اللي قبضه منهم

 

بقلم الدكتور صبري فوزي جوهره

 

سيتوقف اتجاه المرحلة السياسية القادمة من تاريخ مصر - بعد انتهاء تجربة الانتخابات الرئاسية – إلي أبعد الحدود على سلوك ونوايا وقدرة حسني مبارك وما سيفعله بالبلاد . فلا أعتقد أن جزءاً من البرنامج الذي أعلنه يدعو إلي تغيير الدستور الحالي الفاسد والذي يجمع كل السلطات في يد رئيس الدولة . لذلك سيظل رئيس الدولة مصدر السلطات ومنفذ القوانين وقاضي القضاة وحتى مدير شركة أبو رجيلة للنقل العام (فاكرينها؟) . سيكون هذا هو الحال ربما لمدة ست سنوات قادمة .

فإذا كانت الحكاية كده ، وكان التطلع في مرآه الماضي يعكس صورة لما عسى أن يجلبه المستقبل ، فبصراحة أنا لست من المتفائلين .

ولنتحدث عن مشكلة الأقباط كمثل لما يمكن أن يحدث خلال السنوات القادمة . لم يكن حسني مبارك من المهتمين بالأقباط ورفع الظلم والعدوان عنهم . بل كان بلا مبالغة العامل الأساسي والقوي في إيقاع هذه الإساءات عليهم والتأكد والإمعان في الإصرار على أن تستمر هذه الاهانات خلال سنوات حكمه الميمون .

كل ما سبق ما هو سوى تحصيل حاصل يعرفه كل من يتابع أحوال أقباط مصر حتى عن بعد . إنما ما أردت أن أشارك القارئ به هو تجربة شخصية لي مع نظام حسني مبارك ورجاله .

بدأت القصة بأحداث الكشح الثانية التي وقعت في آخر أيام عام 1999 وأول أيام عام 2000 . تسربت تفاصيل هذه المذبحة لأقباط المهجر برغم التعتيم التام الذي فرضته حكومة مصر ووسائل إعلامها الفاسدة. قامت ثائرة الأقباط في المهجر ومنهم أقباط الولايات المتحدة ، وأستمر هذا الغضب الشديد لعدة أشهر جاء خلالها موعد زيارة مبارك السنوية للعاصمة الأمريكية في ربيع كل عام . تلك الزيارة التي يجئ فيها رئيس مصر ليتوسل الإبقاء على المعونة الاقتصادية ويهنكر له شوية هنكره يرجع يتعايق بيها على الغلابة في مصر . جاء موعد زيارة مبارك لواشنطن وقد جلس في البيت الأبيض رئيس جديد هو جورج بوش الابن . وكان من غير المستحب أو المقبول أن يقابل الرئيس المصري مظاهرات الاحتجاج على فشل حكومته في حماية أقباط مصر وتواطئها بالمشاركة في الاعتداء عليهم . وكانت هناك في الذاكرة ما حدث لسلفه أنور السادات في أحدي زياراته لواشنطن بعد شن أحدي "الغزوات" إياها ضد الأقباط وكيف استقبله أقباط المهجر بمظاهرات الاحتجاج التي أحرجته حرجاً شديداً .

لم يشأ حسني مبارك المعروف بشدة الحرص وحساب العواقب أن يسبب له أقباط الولايات المتحدة مثل الإحراج الذي لاقاه السادات فأمر رجال مخابراته "بعمل اللازم" . وكان العبد لله يعمل في مدينة نيويورك في ذلك الحين وعلى اتصال بالعاملين في قنصلية مصر هناك ابتداء من القنصل العام ، وكانت سيدة في ذلك الوقت ، إلي باقي العاملين . فلما وقعت أحداث الكشح أعربت للمسئولين في القنصلية عن غضب الأقباط الشديد لما حدث لذويهم في مصر . وفجأة ظهر في الأفق أحد رجال المخابرات المصرية الملحقين بالقنصلية وكان يطلق عليه صفة "المستشار" . كانت فترة خدمته في نيويورك قد انتهت وكان على وشك الانتقال إلي لندن للعمل مع البعثة الدبلوماسية المصرية هناك . وكان رجلاً صغير الحجم ، حسن السلوك ولطيف المعشر . كلف المستشار بالعمل على امتصاص غضب أقباط شرق الولايات المتحدة حتى لا يتجمعون في مظاهرات تحرج مبارك أمام مضيفه ، الرئيس بوش . والحق يقال أن الرجل قد فعل أقصى ما في وسعه لتحقيق هذا الهدف . فأجتمع مع من قبل لقاءه من الأقباط على حدة ومجموعات صغيرة وفي اجتماعات ضمت أقباط ومسلمي مدينة نيويورك . وكان لا يكل من إعادة مردود واحد وهو أن الرئيس حسني مبارك يريد أن يحقق للأقباط لهم مطالبهم وهو يعد بعمل أقصى ما يستطيع لتحقيقها . فقد تعلم من نار الكشح . وأنقسم أقباط شرق أمريكا إلي فريقين : فريق مخضرم يعلم تماماً أن هذا الكلام هجص وفض مجالس وكان الزعيم المصري العظيم المتنيح الدكتور شوقي كراس يتزعم هذا الفريق . وكانت هناك المجموعة الأخرى من السذج الذين رأوا في هذا الحديث فاتحة علاقة جديدة بين الأقباط والدولة وكان العبد لله من ضمن السذج ولا فخر !

جاء حسني مبارك إلي واشنطن وقابله بعض الأقباط بمظاهرات سلمية لم تتعدي فيها على شخصه ، وقابله البعض الآخر في جلسة خاصة لم تتاح فيها الفرصة لمناقشة تفاصيل مطالب الأقباط كإسقاط الخط الهمايوني والكف عن التهميش السياسي للأقباط . وكان هذا أول وعود المستشار المكسورة . فلم أشعر بالتفاؤل بنتيجة المقابلة وبدأ طريق الشفاء من السذاجة منذ تلك اللحظة .

وعاد حسني مبارك إلي مصر وحدث ما يلي بعد عودته مباشرة :

1 . اغتيل مثلث الرحمات صاحب النيافة أنبا مكاري أسقف جنوب سيناء في حادث سيارة مدبر من المخابرات المصرية .

2 . أغلقت كنيسة في منطقة البساتين .

3 . استمر تهميش الأقباط والاعتداء النفسي والجسدي عليهم وعلى ممتلكاتهم وخطف بناتهم إلي آخر هذه المآسي .

خلاصة القول أن ريما ستعود لعادتها القديمة . ولن يحدث أي تغير أو إصلاح لوضع الأقباط . بل أن ضرراً خطيراً قد ألحق بهم من جراء هذه التمثيلية الانتخابية النص كم . وهو إعلان الرئاسة والكنيسة تأييدها لمبارك بالرغم من سجله الأسود نحو الأقباط . وكاد ذلك أن يحدث انشقاقاً في الكنيسة لولا وعي الأقباط ومحبتهم وثقتهم في رئاستهم .

وكذلك أجبرت الكنيسة المصرية على اتخاذ موقف سياسي وهي التي كانت دائماً منزهة عن السياسة ومترفعة عنها . ولعلها قد فعلت ذلك خوفاً من استيلاء أصحاب فكرة فرض الجزية على الأقباط على السلطة . ويرجع السبب في تدخل الكنيسة في هذا الأمر إلي أنه ليست هناك هيئة مدنية سياسية واحدة تمثل الأقباط وتدافع عن حقوقهم . حتى مجلس الشعب اللي زي قلته .

وقد نتج عن ذلك أن تطاول بعضهم – مثل الأستاذ هشام الناصر- وأكد بأن "رأيه الصحيح" ومش ادعاء لا سمح الله ، بأن الأقباط هم الذين فرضوا حسني مبارك على مصر بانتخابهم إياه ككتلة موحدة ! يا مولانا من بقك لباب السما . يا ريت نشوف اليوم الذي يصبح فيه للأقباط التأثير السياسي المتناسب مع وجودهم وثقلهم وكيانهم داخل بلادهم . أليس الأقباط مصريون يا مولانا . يبقي لهم الحرية في انتخاب من يريدون – حتى ولو كان مش عاجبك .

كلمة أخيرة أوجهها للسيد جمال مبارك الذي سيكون الحاكم الفعلي لمصر خلال السنوات الستة القادمة على الأقل . أقول للسيد جمال : تذكر ما قيل أن نبي الإسلام أوصى به أتباعه من أنه أوصاهم خيراً بأقباط مصر وإذا كان الكلام ده مش عاجبك أو مش مصدقه ، فتذكر أن جدة سيادتك لوالدتك كانت نصرانية ، رحمها الله ورحمنا جميعاً

 

دكتور صبري فوزي جوهرة

أستاذ جراحة الصدر المساعد

كلية الطب – جامعة أوهايو الطبية - توليدو

 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون