صموئيل بولس


  16 يونيو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 Samuel_Boulus@deaconsamuel.net

محاولة لتعريف أقباط المهجر بأبرز قضايا واحتياجات شعبهم في الداخل:
(1) ماذا تعرف عن الحالات الخاصة في مصر ؟

 

يظن الكثيرين من أبناء شعبنا في المهجر ، وأحياناً داخل الوطن ، إن الحالات الخاصة تقتصر فقط على حالات الاهتداء للمسيح من الخراف الآخر !!! بينما الحقيقة إن تعريف الحالات الخاصة يشمل الفئات التالية :
1 - المتألمين من أجل الإيمان.
وهؤلاء ينقسمون إلى فريقين :
أ) الذين يستحيل استمرار بقاؤهم داخل مصر .
ب) الذين يمكن استمرار بقاؤهم داخل مصر .
الفريق الأول :
يضم بعض خدام الكنيسة الذين تعرضوا للاعتقال لأسباب تتعلق بالدفاع عن هويتهم الدينية ، أو الدفاع عن حقوق المظلومين من شعبهم ، وأصبح لهم ملفات في مباحث أمن الدولة بسبب خدمتهم الجريئة ، وبعضهم تعرض للتعذيب الوحشي داخل المعتقلات ، واقسام الشرطة ، سواء بواسطة أفراد الأمن ، أو المعتقلون أنفسهم بتحريض من الأمن.
وبعضهم الآخر تعرض للفصل التعسفي من العمل.
وفريق منهم تعرض لاعتداءات جسدية ونهب ممتلكاته من قبل الجماعات الإسلامية والرعاع .
كما تشمل أيضاً بعض الأقباط العاديون من غير الخدام ممن تعرضوا لاحتكاكات ، ومواجهات مع الجماعات الإسلامية الإرهابية أدت إلى تعرضهم للاصابات الجسدية ، وحرق ونهب منازلهم ومتلكاتهم ، وقتل بعض أقاربهم ، وتعرضهم للاعتقال أحياناً ، كما في حالة بائع الفراخ الشهير ، وكما في حالة القبطي المتهم باطلاق النار في احداث الزاوية ، بالإضافة إلى الأقباط الذين تعرضوا لاعتداءات منظمة كما في حالة الكشح ، والحالات المشابهة .
ويضاف عليهم حالات المتنصرين النشطاء ، أي هؤلاء الذين أظهروا أنفسهم بعد اعتناقهم المسيحية ، وراحوا ينادون بتعاليم المسيحية ويوضحون الأسباب التي قادتهم للارتداد عن الإسلام ، وغالبيتهم تعرضوا للاعتقال مرات كثيرة ، وبعضهم تمت تصفيتهم داخل المعتقلات دون أن يسمع بهم أحد ، وبعضهم مهدد بنزع أطفاله وزوجته منه بحجة أنه أصبح نصراني كافر ، وجل افراد هذا الفريق المتألم بشدة يعانون ظروف غاية في القسوة ، إذ ليس لهم محل إقامة ثابت ، ويعيشون داخل مصر مطاردون من مدينة لاخرى ، وجميعهم يحتاجون للمساندة العملية لتدبير احتياجاتهم المعيشية ، لحين البحث عن سبل لإخراجهم من مصر سالمين
الفريق الثاني :
وتشمل نفس فئات الفريق الأول ، لكن تتميز عنه بقدرتها البطولية على مواصلة الحياة داخل مصر ، من خلال تدابير معينة تستلزم نفقات كثيرة ، كتدبير مأوى آمن ، وتوفير مصدر للعيش ، ومعالجة مستنداتهم الشخصية .
2 - أقباط متألمون بسبب الإعاقة الجسدية ، ويحتاجون إلى الرعاية والمحبة العملية .
وهي فئة تجلد الضمير القبطي ، إذ تتعلق بأبناء شعبنا الفقير من ( المعاقين / المكفوفين / الصم والبكم / مرضى المستشفيات / معهد الأورام / مرضى الجذام / دور العجزة / دور إيواء الأيتام )
بجانب : طلبة الجامعات / الأسر المستورة / أخوة الرب / تجهيز البنات الفقيرات للزواج / النازحون من جنوب السودان
وكل هذه الفئات تطلب لرعايتها الكثير جداً من المجهودات الروحية الشاقة ، والمبالغ الضخمة .
3 – حالات الانحراف الجنائي والاخلاقي
هناك المئات من الآسر القبطية الفقيرة جداً ممن تعيش أوضاع مزرية تنتج عنها انحرافات شديدة تصل أحياناً الى حد ممارسة البغاء بالنسبة للفتيات ، وممارسة الإجرام بالنسبة للفتيان، وقد بزداد الأمر تدهوراً فيصل إلى حد تسجيل بعضهم جنائياً كخطرين على الأمن العام ، وقد أكتشفت وجود هذه الشريحة أبان خدمتي في الحالات الخاصة ، وأعانني الرب إلى متابعة عشرة منهم ( 9 رجال ) وامرأة واحدة ، وجميعهم مسجلون خطر على الأمن العام فئة أ وسبق الحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في جرائم قتل وسرقة بالإكراه ، وبعضهم اعتقل احترازياً مرات كثيرة .
بجانب المسجونين الجنائيين العاديين ، وحالات الأدمان ، وفي كل الأحوال نوجه عناية خاصة بأسرهم ، ثم نتوجه لخدمتهم شخصياً وتحتاج هذه الفئات الى محبة من نوع خاص ، ويتطلب لإعادة تأهيلها بذل الكثير من المجهودات الروحية والنفسية والمادية والقانونية .
4 – حالات الارتداد
ويهمنا هنا التأكيد على هذه الحقائق الغائبة عن اذهان الكثيرين :
حالات الارتداد متشعبة جداً ، وإن كان البعض يختزلها من قبيل الاستسهال في الذهاب الى الازهر او المديرية !!
رغم إن الأمر أبعد من هذا بكثير ، وقد تمكنت في عام 1988 من تصنيف حالات الارتداد كالتالي :
( حالات مهيأة للارتداد / حالات الشروع في الارتداد / حالات االعدول عن الارتداد / حالات ارتداد نصفي / حالات ارتداد كامل / حالات ارتداد قهري / حالات ارتداد وهمي/ حالات عودة / حالات تنصير عن طريق حالات الارتداد العائدة ).
ويضاف على ذلك ( اسر المرتدين والعائدين ) وكل فئة من هذه الفئات تتطلب شرحا مطولاً مما لا يسع المجال ، وكل فئة تتطلب تعامل من نوع خاص ، وكل الفئات تحتاج إلى مجهودات روحية ومادية في غاية الصعوبة .
وبعد ..
فهذه فكرة ملخصة عن الحالات الخاصة ، والتي تباركت بخدمة معظم فئاتها، منذ انضمامي لأسرة الأنبا ابرام لخدمة الذين ليس لهم أحد يذكرهم ، والتي يشرف عليها قدس أبونا القمص أنسطاسي الصموئيلي ، ذلك الأب الراهب الجسور الذي أختار المرور من هذا الباب الضيق جداً ، وقد استطاع أن يلهب قلوبنا بالحب والحماس والتضحية لخدمة هذه الفئات المتألمة ، والمنبوذة ، وجعلنا نتعايش مع مشاكلها وقضاياها واحتياجاتها ، وبأسلوب روحي في غاية الإتزان .
وقد أدركت إن خدمة الحالات الخاصة هي من أصعب الخدمات الكنسية على الإطلاق ، وأكثرها احتياجاً للمجهودات الروحية ، والمادية ، وكنت أتعجب كثيراً لعدم معرفة عموم الشعب القبطي بوجود مثل هذه الفئات، وحتى من يعرف منهم ، نراه يبتعد بعيداً خوفاً من مشاكلها ، وتهرباً من سداد ضريبتها ، ونتج عن ذلك تزايد أعداد الحالات الخاصة التي تحتاج لمن يرعاها ولكنها لا تجد ، أو تجد ، ولكن ليس بالشكل المرجو .اعتراضات والرد عليها
يعترض بعض الاٌقباط ، ومنهم آباء أساقفة وكهنة للأسف الشديد ، على اعطاء هذه الخدمات حجماً أكبر من حجمها بداعي إنها حالات محدودة كما يتضح من التعريف بها ( حالات خاصة) وليست عامة ، وإن علينا تركيز اهتمامنا على قضايا الغالبية .
يرد قداسة البابا ، ومعه العديد من أحبار الكنيسة والكهنة الغيوريون ، إن السيد المسيح اهتم بالفرد نفس اهتمامه بالجماعة ، وإن كل نفس مهمة عنده ، لا سيما النفوس المتألمة ، وإن الأب يهتم بأبنه المعاق أكثر من السليم ، لأن السليم لا يحتاج لمن يرعاه بعكس العاجز المسكين .
ثم إن الحالات المتألمة من أجل الإيمان هي فخر الكنيسة ، وهي وسام فخر لكل قبطي ، لأن هؤلاء ضحوا بأنفسهم من أجل خدمة الكنيسة والرعية ، وليس من عادة الكنيسة أن تتنكر لتضحيات أبناؤها ، لذلك نرى تعليمات سيدنا قداسة البابا واضحة جداً في هذا الصدد ، وهي :
إذا كانت الكنيسة لا تتخلى عن أولادها الذين جحدوها ، فكيف تتخلى عن أولادها الذين تعبوا وضحوا من أجلها ؟؟؟
وفي مجال الإعاقة الجسدية ، قام قداسته برسامة أول قسيس في تاريخ الكنيسة لخدمة الصم والبكم ، وقد سمعت مؤخراً إن هناك قسس أخرين تمت رسامتهم لنفس الغرض .
ويشجع على خدمة بقية فئات المعاقين والتقى بالكثرين منهم .
وبالنسبة لحالات الانحراف ، وحالات الارتداد ، فقداسته كان أول بطريرك في العصر الحديث يطالب رجال الكنيسة بالبحث عن الخروف الضال لإعادته ثانية إلى أحضان الكنيسة .
فأين هي المشكلة ؟
المشكلة تكمن فينا نحن لاننا دوما ما نختار الخدمات السهلة التي لا تطلب تضحيات ونفقات .
أنني أدعو جميع الأقباط ، لا سيما الذين في المهجر ، إلى المساهمة العملية في خدمة الحالات الخاصة
وأدعو السادة رؤساء واعضاء الهيئات القبطية في المهجر بوضع قضايا واحتياجات الحالات الخاصة ضمن اجندتهم ، لأنه ليس من المعقول ولا من المقبول أن تقوم الهيئات الإسلامية في المهجر بإرسال سيارات الإسعاف المجهزة للمستشفيات الإسلامية ، ومعها الكثير من كراسي وأجهزة المعاقين ، بينما نحن نتحدث فقط عن الحقوق السياسية ، كما ليس من المقبول أن تجمع هذه الهيئات الأموال لدعم الإرهابيين ، بينما نحن نعجز عن جمع تبرعات لمساعدة المساكين المسالمين ، ودعم المتألمين من أجل البر .
مجاملة السفير أم مساعدة الفقير ؟

والأقباط الذين يحرصون على ترتيب حفلات للسيد السفير ، داخل أي بلد من بلاد المهجر ، وعلى الفاضية والمليانة ، وينفقون الآلاف على العزومات والهدايا ، دون الاهتمام بمساعدة الكنيسة ، وشعبها الفقير والمتألم ، هم خونة ومجرمون لأنهم استبدلوا مجد الله الذي لا يفنى ، بمجد السلطان الزمني الفاني .
قومية أم إسلامية ؟
إن جميع الهيئات العربية في الخارج ، ومنها الهيئات المصرية ، تنطلق من رؤية إسلامية بحتة ،وجل عملهم منصباً على تلميع صورة الاسلام في عيون الغربيين ، ولا يمثلون كل الشعب المصري أقباطه بمسلميه ، وهناك اتحادات مصرية كثيرة يسيطر عليها متطرفون ومتعصبون يعملون ضد مواطنيهم الاٌقباط ، ونراهم يتبجحون وينفون تعرض الاقٌباط للاضطهاد في وطنهم ، ويلمعون صورة النظام الحاكم بطريقة عفنة مقززة ، والغريب إنك ترى بعض الاٌقباط ينضمون إليهم !!
ونحن نشترك في أي عمل قومي مصري ، شرط أن يكون قومي ، وليس إسلامي ، ولكن مصر أصبحت دولة إسلامية خالصة ، حتى فريقها الرياضي في كرة القدم هو فريق اسلامي وليس قومي ، لانه يخلو من أي لاعب قبطي ، فكلمة قومي تعني كل مواطني الوطن ، لكن بما إن كل توجهات وأنشطة هذه الهيئات المصرية تنطلق من مبدأ إسلامي عنصري ، فنحن لا نشترك فيها حتى تعود مصر وطناً لجميع المصريين .
لكني لا أخفي إعجابي بهؤلاء المسلمين المصريين لأنهم أكثر وعياً بقضاياهم الإسلامية ، وهكذا نرى حكمة أهل العالم تتفوق على حكمة أبناء الله ؟
أننا نريد من الهيئات القبطية في الخارج ، وهي صارت جزء من ضميرنا القبطي ، أن تدعو لفعل الامران معاً :
1 - تطالب بحقوق الشعب القبطي الدينية والمدنية .
2 - تطالب بسد احتياحات المتألمين منهم.
وبذلك تقتدي بتعاليم المسيح ( افعلوا هذه ولا تتركوا تلك )
فالمسيح كان يقدم الغذاء الروحي للشعب ، وكان يعترض على ظلم الرؤساء ، دون إغفال إشباع جوع الشعب بالخبز والسمك
وشعبنا الفقير لا يطلب السمك ، بل يطلب الخبز فقط ، فهل يجده ؟
مع تحياتي ومحبتي
الخادم المكرس للحالات الخاصة

صموئيل بولس عبد المسيح
 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون