جورج رياض


  30 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

"العربى" تهاجم البابا شنودة وشيخ الازهر ومرشد الإخوان

تقرير:جورج رياض

شن رئيس تحرير جريدة العربى – الناطقة بلسان حزب العربى الناصرى – عبدالله السناوى هجوما شديدا فى العدد الأسبوعى الأخير من الجريدة ضد قداسة البابا شنودة بطريرك الكنيسة القبطية وفضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهر ومحمد مهدى عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إضافة الى إنتقاد الرئيس مبارك
وجاء هجوم السناوى فى المقال الرئيسى للجريدة وعنوانه " أربعة رجال عند مأزق نهايات عصر: خريف البطاركة" ووصف رئيس تحرير العربى البابا شنودة بأنه شخصية تتمتع بإحترام واسع نظراً لمواقفه ضد التطبيع مع إسرائيل الرافض لجر الكنيسة المصرية إلى موقف يناهض الاتجاهات الرئيسية فى الرأى العام. إلا أنه أشار الى أن أدواره السياسية الأخيرة - بتأييده لتجديد رئاسة مبارك بصورة حماسية أحالت الكنيسة إلى لجنة دعاية انتخابية أخذت تنال من المعارضة السياسية ومن الشخصيات القبطية التى تناهض سياسات مبارك - تكشف أزمة البطريركية القبطية فى مصر فى عوالم جديدة وتفاعلات مستجدة متبنية الطموح الديمقراطى لتغيير سلمى للسلطة.
وقال السناوى أن أزمة البابا شنودة أنه أحال الكنيسة إلى حزب سياسى ديني، يوقف قسسا لأسباب سياسية، مثل القس فلوباتير، وينزع البركة المسيحية لأسباب سياسية عن المنسق العام لحركة كفاية جورج إسحاق، وهذا كلام لا يصح بأية معايير ديمقراطية، بل يناهض نصوص الكتاب المقدس التى تدعو لأن يكون لله ما لله ولقيصر ما لقيصر.
وربما تعود أزمة البطريركية القبطية إلى ثقافة موروثة ترسخت على مدى قرون، واستراتيجية تبناها الباباوات العظام فى تاريخ الكنيسة، منذ الفتح العربى لمصر، صلبها تجنب الصدام بين الكنيسة والدولة، وأن تكون هناك علاقة قوية بين رأس الكنيسة ورأس الدولة، وأن مثل هذه العلاقة ضرورية للحفاظ على مصالح الأقباط وحمايتها من الجور عليها. وهذا كله مشروع ومفهوم، بل لعله ساعد على صيانة نسيج الوحدة الوطنية على مدى قرون. وربما تفسر هذه الاستراتيجية - فى معناها العميق - أسرار الصدام فى نهاية السبعينيات بين البابا والرئيس السابق أنور السادات على خلفية الموقف من اتفاقية كامب ديفيد.
الاستثناء هو الصدام مع الدولة، وكان خيار شنودة أن الصدام حتمى لتجنب صدام أخطر مع المجتمع، أو تجنب اتهام أقباط مصر ب خونة الأمة العربية- بنص تعبير البابا.
أضاف أن الخطاب الملتبس الغالب على الأداء السياسى للبابا بات يضعف من الوزن الأدبى للكنيسة، ويدخلها طرفا فى صراعات سياسة لا شأن لها بها، ففى الانتخابات الديمقراطية لا يصح أن تدخل المؤسسات الدينية العريقة طرفا، أو أن تؤيد مرشحا ضد آخر، أو أن تعاقب بعض رعاياها لمجرد خلاف فى السياسة، والمعنى الحقيقى - الإيجابى للغاية - فى أن تترأس شخصية مسيحية حركة احتجاجية، وأن تقبل تيارات أخرى هذا الوضع ومن بينها تيارات تنتسب للإسلام السياسى وهذا بالطبيعة مما لا يصح أن يغضب الكنيسة بل الأدعى أن يثير إعجابها على حد ذكر الكاتب .

وفيما يتعلق بشيخ الجامع الأزهر وصفه السناوى قائلا: يبدو الدكتور محمد سيد طنطاوى بطريركا إسلاميا على رأس مؤسسة تليدة لها أعظم الأدوار فى التاريخ السياسى والاجتماعى والروحى المصري، والإسلام - كعقيدة وتاريخ - يتأبى على فكرة الكهنوت، ولا قداسة لرجال الدين فيه، وهناك من يرفض -أصلا- فكرة رجال الدين فى الإسلام، غير أن منطق المؤسسة - فى عصور الجمود والركود - أدى إلى تراجع فى الوزن الروحى لمنصب شيخ الأزهر، واهتزاز فى صورة المؤسسة العريقة، وتماهى الأزهر الشريف فى الدولة ومؤسساتها وأجهزتها بصورة أجهزت على هذه المؤسسة الروحية الإسلامية. كما انتقد تصريحات الدكتور طنطاوى بالتهديد بالصفع والضرب بالأحذية ووصف المعارضين بنعوت لا تليق متندرا على المستوى الذى وصلت اليه المؤسسة الدينية الرسمية فى عصر مبارك، وأضاف : هكذا دخل بطريرك المؤسسة الدينية الإسلامية فى مجهود الحملة الانتخابية للرئيس المرشح إلى مدى لا يليق بهيبة الأزهر واحترام الأزهر. وتبعته وزارة الأوقاف ومشيخة الطرق الصوفية التى خلعت بعض الجماعات فيها على الرئيس مبارك فى لافتة بالبحيرة لقب: أمير المؤمنين!. ثم دخلت أجهزة أمن على خط المبايعة، كأنه ليست هناك انتخابات، بإجبار الجماعة الإسلامية على استصدار بيان تأييد تبعه جدل وخلاف.

وواصل رئيس تحرير العربى هجومه وانتقد محمد مهدى عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين واصفا إياه انه بطريرك سياسى يستند إلى حركة دعوية إسلامية لها برامجها للوصول للسلطة دوره محورى فى الجماعة، ويمثل مركز القرار وصاحبه الرئيسي. وقال أنه بطريرك سياسى بمعنى إضفاء نوع من القداسة على سياسات من صنع بشر، وهو ما يتناقض مع توجهات جديدة للتحول إلى الديمقراطية تتبناها الجماعة، وأشار السناوى إلى استطلاع داخلى فى المكاتب الإدارية للجماعة فى المحافظات التى تماثل الأمانات فى الأحزاب السياسية حول الانتخابات الرئاسية كانت النتائج - بحسب ما تسرب عن قيادات الجماعة أن60% مع مقاطعة الانتخابات، غير أن المرشد العام فى اجتماع مكتب الإرشاد قرر المشاركة فى الانتخابات، وأن يترك الباب مفتوحا أمام أعضاء الاخوان، مع إيحاء بتصريحات صحفية خارج البيان الرسمى بأن الرئيس المرشح حسنى مبارك هو الوحيد الذى لن تنتخبه الجماعة.
أضاف أن القرار عكس أزمة الإخوان المسلمين، وكشف عن صراعات مكتومة بدأت تتسرب بين صقور الجماعة، الذين فرضوا سيطرة شبه مطلقة على مجالس شورى المحافظات فى انتخابات جرت أخيرا، وبين أنصار التحول الديمقراطى الواسع ومعارضة حكم مبارك ودمج الجماعة فى المجتمع المدنى السياسي، بما رشح لتكهنات باحتمال إخراج الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح رمز التيار الثانى فى مرحلة مقبلة، وهو احتمال نفاه لنا الدكتور أبو الفتوح، لكن أشباح الصراع المقبل تخيم على الجماعة العتيدة.
وفى تصور كثيرين فإن الجماعة عمدت لهذا الموقف الغامض والملتبس حتى يتسنى لأحزاب متنافسة فى الانتخابات الرئاسية أن تسعى للحصول على دعمها السياسي، وبدا لافتا أن أبواب الجماعة فتحت علنا وسرا لحوارات مع المرشحين الرئيسيين الثلاثة حسنى مبارك وحزبه الوطنى وأجهزته الأمنية، ونعمان جمعة وحزب الوفد، وأيمن نور وحزب الغد، وفى الخطاب الملتبس بدا أن موقف الجماعة يميل ضد مبارك، غير أن المعلومات تشير إلى اتصالات مع رجال الرئيس، وأن الباب مازال مواربا، بظن أن ذلك قد يكون مفيدا فى استكشاف الجهة التى قد تمنح أو تساعد الإخوان المسلمين على حصد مقاعد نيابية أكثر فى الانتخابات المقبلة. وأنهى رئيس تحرير "العربى" مقاله قائلا : أن الأزمة فى جانب منها تطرح سؤال مستقبل الإخوان المسلمين؟، فالاعتراف بهم ضرورة وضمانة فى ذات الوقت لسلامة الإنتقال الديمقراطى من عصر الى عصر ومن نظام الى نظام، غير أن هناك مخاوف داخل قطاعات مؤثرة فى المجتمع من أن ينقلب الإخوان على الديمقراطية إذا كسبوا معركتها، والمخاوف مشروعة، والأطراف التى يقال أنها سوف تعزل من الجماعة، وبالتحديد عبدالمنعم أبو الفتوح وعصام العريان، وحدها هى المؤهلة لحوار واسع ومقنع مع المجتمع السياسى يسمح بدمج الجماعة ديمقراطيا فيه. وهنا أزمة المرشد الكبري.


 


 info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون