بسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد أمين
أود أن أهنئكم جميعاً بعيد الميلاد المجيد , ناظرين إلي الذي وُلِدَ من أجلنا , تجسد فينا ليُبارك الطبيعة البشرية فيه وكما قال القديس أغريغوريوس " باركت طبيعتي فيك" فالحلول الألهي في الطبيعة البشرية أعطي لهذه الطبيعة منظوراً سماوياً ليُدرك الأنسان الرؤية الألهية لخلٌقهِ الأنسان علي صورة الله ليكون هو الشبه الألهي علي الأرض ليعكس الله فيه مَجدَهُ ومحبتَهُ ومُعٌلِناً مَسرتَهُ فيهِ .. فهذه البركة التي لنا أن نُدرك أن التجسد هو من أجلنا وفينا عمل دائم متجدد يحملنا معه في آفاق السماويات لندرك عِلم معرفة الخلاص الذي لنا ..
لقد أعلن الله محبة فائقة المعرفة بالحلول الألهي فينا فصار الأنسان مؤهلاً بالأيمان بالمسيح يسوع الآله المُتجسد.. صار مؤَهِلاً للبركات التي صارت للطبيعة البشرية بالتجسد والفداء والقيامة .
وهذه البركات صارت لنا لأنه هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له .. لقد أخذ الذي لنا أي الأنسانية وطبيعة الجسد المنظور أي تجسد وصار أنساناً.
أما نحن فقد أخذنا من صفاته.. وأعطاها لنا مع الفارق بين الآلوهية التي له والناسوتية التي لنا فأخذنا منه البركات الكثيرة منها:
1- بركة كرامة الأبناء" التبني":
لم يكن ممكنا لأحد أن يُعطي البنوة إن لم تكن له وفي سلطانه وفي طبيعته لهذا فأن الله الأبن المولود من الآب قبل كل الدهور هو الوحيد الذي له سلطان أن يعطي ما له لهذا فأن الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا اولاد الله أي المؤمنون بأسمه . الذين ولدوا ليس من دم , ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله . يو 13,12:1
لهذا كان أعطاء البنوة هو للأبن الذي تجسد فينا فصارت لنا البنوة فيه فأنظروا أية محبة اعطانا الأب حتي نُدعي أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه.أيها الأحباء الأن نحن أولاد الله 1يو2,1:3
أما بنوتنا نحن فهي بالتبني الذي صار لنا من خلال الأبن الحقيقي الآله الذي من ذات جوهر الآب فصارت لنا البنوة بالتبني .. وأذ هي تعطينا كرامة الوارثين معه فمن له الأبن له كل شئ , هي كرامة وبركة التجسد للبشرية.
2- بركة كرامة صورة المسيح :
" الذين سبق فعرٌفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة أبنه ليكون هو بِكراً بين أخوة كثيرين والذين سَبق فَعَيٌنهم فهؤلاء دعاهم فهؤلاء بررهم أيضاً والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً " رو30,29:8
"لقد خلق الله الأنسان علي صورته علي صورة الله خلقه تك 27:1"
ولكن الأنسان لم يُدرك الرؤية التي أرادها الله له أن يكون علي الشبه والمثال الذي وضعه الله له " نعمل الأنسان علي صورتنا كشبهنا..."
فكان سقوط الأنسان سقوطاً من هذه الرؤية.. لهذا تجسد المسيح لكي يُعطي للأنسان المثال الحقيقي الذي أراده الله له أن يكون منذ خِلقته الأولي , فصار لنا في المسيح يسوع كرامة تجديد الأنسان إلي صورته الأولي بل نحن صرنا فيه صورته المُدركة لنا فنحن فيه لندرك حكمة الله في حياتنا وهو إذ صار فينا بالجسد أعطي لنا أرتقاء للجسد فبناسوته المتحد بلاهوته صار لنا الفداء وبلاهوته المتحد بناسوته صار لنا التجديد فصرنا صورة المسيح الآله الذي حملنا فيه ليجدد من طبيعتنا علي مثال الصورة التي أرادها لنا .
3- بركة كرامة خدمة المصالحة :
لقد عبر الله لنا عن مشاعر الأسف حينما راي أن الأنسان قد أمتلئ بالشر ونتيجة لهذا الأسف الذي تأسف به الله في قلبه أنعكس علي كل الخليقة فكان الأنسان سبباً في أحزان الله وكل الخليقة معه
نقرا في سفر التكوين " وراي الرب أن شر الأنسان قد كثر في الأرض وان كل تصور أفكار قلبه أنما هو شرير كل يوم فحزن الرب أنه عمل الأنسان في الأرض وتأسف في قلبه . فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الأنسان الذي خلقته . الأنسان مع البهائم ودابات وطيور السماء لأني حزنت أني عملتهم .." أما نوح فوجد نعمة في عين الرب تك 8,5:6"
لقد حزن قلب الله ليس علي الناس فقط بل علي كل الخليقة التي خلقها من أجل الأنسان الذي وضع فيه صورته فأنعكس هذا الحزن علي كل الخليقة وثارت ضد الأنسان وأيضاً حَزِنت من أجل حُزن الله وصار دمار علي الأرض.
ولكن بالحلول الألهي في الأنسان بالتجسد الألهي فينا صارت المصالحة ليس فقط للأنسان بل صار فرح لكل الخليقة فلم تفرح فقط الخليقة العاقلة بل فرح مع الله كل خليقته العاقلة وغير العاقلة فنجد نجوم السماء تفرح وتعلن عن فرحتها بنجم يظهر في المشرق والملائكة تفرح مسبحين " المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة". وسكان المزود , الخليقة الغير العاقلة تفرح لميلاد ملك السلام بينها ..
فها نحن نري أن الحلول الألهي في الأنسان أنما يُفرح الأنسان وكل الخليقة السمائيين والأرضيين ..
لقد صار المسيح مصالحاً العالم لنفسه وأعطي لنا أيضاً ان نكون نحن صورته لنا كرامة خدمة المصالحة فيه وبه وله وإذ هو ملك السلام صرنا نحن فيه صانعي سلام مع كل انسان ومع كل الخلائق إذ فيه لنا خدمة المصالحة مع الآب وبالتالي مع كل الخلائق..
4- بركة كرامة شركة الطبيعة الألهية :
إذا أتخذ الآله الكلمة اللوغوس جسداً وصار أنساناً .. إذ لم يذل إلهاً صار أبن بشر فالله لم يره أحد قط وهنا نتحدث عن جوهر الله
"الثيئولوجيا Theologia" ولكن بحسب التدبير الألهي هو صار انساناً من أجل خلاصنا أي في تدبير الله " ألإيكونوميا Economia " ولهذا فأن الكرامة التي لنا هي أتحادنا في المسيح الآله الكلمة في التدبير "الإيكونوميا" وليس في" الثيئولوجياTheologia " أي اللاهوتية
"فأننا نفرح بهذا التكريم وهذه البركة أن الله أعطي لنا أن نصير شركاء الطبيعة الآلهية 1 بط4,1"
إذ في المسيح ندرك معه وفيه التدبير الآلهي لخلاصنا
التدبير الآلهي لتجديد طبيعتنا فيه
التدبير الآلهي لسكني الروح فينا
التدبير الآلهي لملكوت الله فينا
التدبير الآلهي لمجيئة الثاني وأعلان بر الأبرار
"لقد صار لنا فيه أدراك الإدراك المعرفي لُندرك مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي يمتلؤا إلي كل ملئ الله " 1 ف19,3
إن أمتلائنا بكل ملئ الله يجعلنا ندرك تدبير محبة الله لنا الذي جعله يتجسد من أجلنا ونتحد به , فيه , له لنرث معه إلي الأبد
لآلهنا المجد الدائم إلي الأبد
وكل عام وأنتم بخير
الأنبا توماس
أسقف القوصية ومير |