CET 00:00:00 - 14/05/2010

أخبار وتقارير من مراسلينا

كتب : عماد نصيف - خاص الاقباط متحدون
استقبلت "المجموعة المصرية للتوعية الدستورية"، و"مركز شفافية للدراسات المجتمعية"، موافقة أغلبية مجلس الشعب المنتمية للحزب الوطني  ، علي قرار جمهوري بتمديد حالة الطواريء لمدة عامين تاليين بداية من أول يونيو المقبل، بكثير من التحفظ، معتبرين إعلان الحكومة قصر تطبيق هذا القانون علي جرائم الإرهاب والاتجار بالمخدرات، خطوة سياسية تحتاج إلي تفسير تشريعي، يتفق والتزاماتها الدستورية والدولية لصون حقوق الإنسان مكتملة.

وقد جاءت موافقة (308 ) من أعضاء المجلس علي القرار بمد العمل بقانون الطواريء، ليؤكد للرأي العام المصري إصرار النواب المؤيدين للقرار، علي إختيار الشعب لهم مجددًا كنواب لبرلمان ( 2010 ) بطريقة مشكوك في نزاهتها مسبقًا، بعد ما شهدته انتخابات ( 2005 ) التشريعية من جرائم بلطجة، واستغلال نفوذ، وسيطرة رأس المال، وما تلاها من تعديلات دستورية استبعدت الإشراف القضائي الكامل علي الإنتخابات العامة في مصر.

هذا وقد شهدت الأيام التى سبقت موافقة البرلمان علي القرار الجمهوري، جدلاً حول تصريحات نُسبت إلي نواب تحت القبة، أكدوا خلالها استحقاق المتظاهرين من الشعب المصري الضرب بالرصاص من قبل رجال الأمن، في مبادرة نيابية غير مسبوقة، لتوريط رجال الشرطة في نزاع يزيد الفجوة بينهم وبين رجل الشارع صاحب الحق الدستوري في التعبير عن رأيه بالسبل العلنية . وتلت التصريحات البرلمانية تهديدات أمنية لنواب، وعدد من نشطاء التيارات السياسية أصروا علي الخروج في مظاهرة سلمية انتهت بالتفتت في شوارع وسط القاهرة. 
                                                  
وجاء القرار الجمهوري وتفسيرات البرلمان والحكومة له مشيرًا إلي تحمل الأخيرة المسئولية عن " اتخاذ تدابير مناسبة للحفاظ علي الأمن العام " ، مع "وضع القيود علي الأشخاص في الإجتماع والإنتقال والإقامة والمرور في أماكن وأوقات معينة " ، وأيضا " تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية " الأمر الذى يعني التفاف القرار وتفسيراته علي حرية الحياة الخاصة للأفراد، والذى لم يعد منطقيًا الحديث معه إتخاذ قرار بإيقاف " مراقبة الصحف والرسائل والمطبوعات والمحررات ووسائل الدعاية والإعلان قبل نشرها وإغلاق أماكن طبعها، أو تحديد مواعيد فتح المحال الخاصة وإغلاقها ".

وجاء البيان المشترك، بين الحكومة وحزبها المسيطر علي البرلمان، بأغلبية رجحت كفتها كتلة المستقلين، المرتمين بأحضان الوطني، عقب نجاحهم في انتخابات 2005 ، ليشير بسذاجة إلي نزاهة الإنتخابات المنتظر إجراؤها في ظل تمديد العمل بقانون الطواريء، وإلى إصرار الحكومة وأغلبية الحزب النيابية، علي سن قانون خاص بمكافحة الإرهاب، والذى تخوفت تفسيرات خبراء من صياغته ، عقب تسريب أغلب مواده إلي وسائل الإعلام والصحافة.
وفي هذا المناخ يمكن أن يرجّح المجتمع نظرية " الصفقات السياسية "، المنتظر إبرامها بين أحزاب المعارضة والحزب الوطني، قبل إجراء انتخابات برلمان 2010 ، والإنتخابات الرئاسية المتوقعة في 2011 أو قبلها، وربما يمكن لكثيرين تفسير غياب تمثيل أحزاب مثل الوفد والتجمع والناصري، عن مظاهرة رافضة لمد العمل بقانون الطواريء في هذا الإطار.

 ووفقًا لـ "لمجموعة المصرية" و"مركز شفافية" فان حالة الطواريء من الناحية القانونية مجرد تطبيق مباشر لحالة الظروف الإستثنائية، أي التي قد تطرأ فيها المخاطر والأزمات بشكل يهدد بقاء الدولة، ويفضى بها بالضرورة إلى الخروج عن المألوف من القواعد القانونية المطبقة في الظروف العادية، وهذا يعنى أن حكم مصر طيلة ثلاثين عامًا من الطواريء يًعد إعترافًا رسميًا بفشل الحكومات المتعاقبة في التغلب علي أزمات ومخاطر "حقيقية" يستشعرها المواطنون، وتدرك الحكومات خطورتها علي سلامتهم وأمنهم.

 والسلطات الإستثنائية لرئيس الجمهورية، في ظل قانون الطواريء، تنال تلقائيًا ودون أجتهاد أو تفسير، من الحقوق والحريات التي يحميها الدستور، حيث أن الدستور لا يجيز تقييد الحرية الشخصية بأمر من الحاكم العسكري،  ودون أمر قضائي حسبما تقول المادة (41) منه ، كما يتعارض تفتيش أو دخول المساكن مع المادة (44) من الدستور، التي ترهن هذه الأفعال أيضا بأمر قضائي .

وتمثل معضلة البرلمان في سن قانون خاص بمكافحة الإرهاب، علي حقيقة وجود قوانين مماثلة في التشريع المصري، أبرزها التدابير الخاصة بأمن الدولة رقم (119) لسنة 1964 ، والذي تم إلغاء العمل به بموجب القانون (37 ) لسنة 1972، قبل أن يصدر قانون جديد لمكافحة الإرهاب برقم (97 ) لسنة 1992 ، جرت معه تعديلات علي قوانين أخري، أبرزها الإجراءات الجنائية والأسلحة والذخائر وسرية الحسابات البنكية.

فالتشريع المصري يملك منظومة قوانين عادية واستثنائية متكاملة، لمواجهة خطر الإرهاب، يعتبر الحديث معها عن قانون جديد خاص بمكافحته، ليس أكثر من دعاية داخلية وخارجية له، ربما أُستهدف بها مواكبة إجراءات عالمية مشابهة، أو الإستجابة لضغوط دولية أو غربية، ترهن نعته بالديمقراطية بما يحققه من إنجازات علي الأرض لصالح قوي بعينها، خاصة بعد توالي هجمات إعلامية تصف المقاومة المشروعة وأنصارها المجابهين لدولة الإحتلال بالإرهاب.

وأكدت "المجموعة المصرية الدستورية" و"مركز شفافية للدراسات المجتمعية"، أن مد العمل بقانون الطواريء – فقط - لمواجهة الإرهاب وتجار المخدرات، يفرض علي الحكومة ضرورة إعلان حسن نواياها، والإفصاح بشفافية عن أعداد المعتقلين وهويتهم وأماكن احتجازهم، وإطلاق سراحهم وتعويضهم أدبيًا وماديًا عن فترات إعتقالهم، كما يفرض عليها ضرورة إعلان تقارير الأمن العام السنوية علي الرأي العام والإعلام، وإشراك متخصصين في دراسة وتقدير حجم الخسائر الإقتصادية، والأضرار الإجتماعية الناتجة عن إرتفاع معدلات جرائم الإتجار بالمخدرات والعنف المجتمعي، وأيضًا العنف المسلح، وإقرار خطط موضوعية لمواجهة العنف بمناطق الصراع الطائفي، وبؤر النزاع الطبقي المتزايدة، مع إقرار سياسات اقتصادية تضر بالطبقات الدنيا والمهمشة.

واعتقدت "المجموعة المصرية" و"مركز شفافية" ، أن إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية في ظل استمرار العمل بقانون الطواريء، يستدعي حصول جهاز الأمن المصري علي درجة إستقلالية، إلي جانب حصانة مقننة، تمكنه من أداء دور نزيه ومحايد إيجابيًا في العملية الإنتخابية، وهي المعضلة الوطنية الحقيقية في ظل إستبعاد الإشراف القضائي الكامل علي الإنتخابات في مصر.

 وأُختتم بيان "المحموعة المصرية" و"مركز شفافية" مشيرًا إلى أن الحكومة المؤيدة لإستمرار العمل بقانون الطواريء، تتحمل المسئولية الكاملة عن تزايد الإحتجاجات المطالبة بموضوعات لا ينكرها عاقل، والناتجة عن سياسات اقتصادية فاشلة، تسببت في تزايد معدلات الفقر والبطالة، وتأخر الزواج وجرائم العنف المجتمعي المرتبطة بالعوز والحاجة، كما عليها إدراك حقيقة أن المتظاهرين والمتجمهرين يمكن بسهولة تصنيفهم طبقا لتفسيرات  البرلمان لآليات التعامل مع سلوكيات الأفراد والجماعات بعد مد العمل بالطواريء، كخطرين علي الأمن والنظام، وربما دفع هؤلاء أعمارهم ثمنًا للفشل الحكومي في توفير معيشة مناسبة لهم، أو لتجريم سلوكهم الإحتجاجي علي حكومتهم بتطبيق قانون الطواريء عليهم.

كما أكد البيان أنه ومن غير المتصور الحديث عن مواجهة الحكومة منفردة لتنظيمات وخلايا إرهابية، وتجارة رائجة منذ عقود للمخدرات في مصر، دون تكاتف جهودها مع الأفراد وجماعات العمل العام والمدني، وبالتالي تظل الحكومة فى حاجة إلي إجراءات تعزز الحريات الشخصية والعامة، وترجحها علي أي قوانين أو حالات استثنائية تقوّض قدرات الأفراد والكيانات المدنية علي دعم المجتمع، ومواجهة مشكلاته.
 فجرائم الإرهاب والإتجار بالمخدرات تستهدف المجتمع قبل النظام الحاكم، ومواجهتها تستلزم شراكة أكثر اتساعا من الحوار الحكومي – البرلماني ، لصياغة إطار تشريعي وإجرائي لمحاصرة عناصر الإرهاب والقضاء علي تجارة المخدرات.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق