CET 00:00:00 - 26/05/2010

مساحة رأي

بقلم : لطيف شاكر
اصطحبت في رحلتي الي سان فرانسيسكو كتاب وجدته في مكتبتي  بعنوان تاريخ الامة القبطية تأليف يعقوب نخلة روفيلة المطبوع سنة 1898م اي اكثر من مائة عام ,وكان الطقس في هذه المدينة شديد البرودة وعنيف الرياح مما جعلني افضل المكوث في الفندق  وعدم مبارحته لان صحتي لاتحتمل  قسوة الطقس المتقلب,وانتهزت الفرصة لانهل من كلمات صديقي  وانيسي الذي ينطق بالتاريخ وهو صامتا ليعطينا العبرة لمن يعتبر.

وعلي  رشفات القهوة الامريكاني رأيت انني اريد ان اتمهل في قراءة بعض فصول الكتاب  , وقد شد بصري فصلا بعنوان" الخليفة المستنصر بالله والحوادث التي حصلت في أيامه"..وكانت دهشتي ان التاريخ يعيد نفسه ومااشبه اليوم بالبارحة وتذكرت كلام سليمان الحكيم :دور يمضي ودور يجئ والارض قائمة الي الابد ...ماكان فهو مايكون والذي صنع فهو الذي يصنع فليس تحت الشمس جديد ..

وحرصت ان انقل ماكتبه مؤلف الكتاب نصا وحرفا بلغته المعهودة في زمانه:
وفي سنة 427 ه- 1036م-752ش توفي الظاهر وتولي ابنه المستنصر بالله مكانه لم يرتفع النيل سنينا متوالية فتعطل الزرع وقلت المحصولات وكثر الغلاء, حتي بلغ ثمن الاردب الواحد من القمح مبلغا عظيما ,واذ علم المستنصر بأن مصدر زيادة النيل من بلاد الحبش ,دعا اليه البطريرك وهو إذ ذاك الأب ميخائيل الملقب بالحبيس وبعثه اليها بهدية سنية برسم  النجاشي .

ولدي وصوله إستقبله بإحتفال عظيم وسأله عن سبب قدومه فأعلمه بما حل بمصر وأهلها من الضنك والجوع ,بسبب نقص زيادة النيل وأنه أتي ليستعين به علي إيجاد طريقة لمنع هذه الغوائل عن البلاد وأهلها ,وقدم له هدية المستنصر فأمر الملك فتح سد في إحدي الجهات التابعة لبلاد الحبش فجرت المياه منه إلي أرض مصر وزاد النيل في ليلة واحدة ثلاثة أذرع , واستمرت الزيادة حتي رويت البلاد وزرعت الأراضي فارتفع الغلاء وفي أثناء وجوده بتلك الاصقاع بذل جهده في تمكين عري العلاقات بين المستنصر وملك الاحب,اش فكانت هذه خدمة أخري قام  بتأديتها للخليفة غير الخدمة التي أرسله من أجلها فنال بذلك رضاه وممنونيته واحسن اليه وبالغ في إكرامه .

وكان للمستنصر وزير ضعيف الرأي سئ التدبير يسمي محمد اليازوري كان شديد الكراهية للمسيحيين عموما وللاقباط خصوصا لميل الخليفة اليهم فكان يترقب فرصة للايقاع بهم .
واتفق أن شخصا يسمي عبد الوهاب أبا الحسين عين قاضيا علي الاسكندرية وكان يتوقع أن ينال شيئا من الاقباط عن يد بطريركهم علي سبيل العطية ,فلما لم يجد فائدة وعلم أن في نفس الوزير حاجة من جهتهم سعي بالبطريرك عنده مدعيا عليه لأنه ظلم أناسا واغتصب اموالعم وبني بها قصرا شامخا وكنائس في ناحية يقال لها دمورا وأنه يحتقر الاسلام ,واذ كان الوزير يترقب فرصة للايقاع بالنصاري بني علي هذه التهمة العلالي, وأرسل علي الفور رجالا من عنده وأمرهم أن يهدموا الكنائس التي بتلك الجهة وتعمد مضايقة النصاري  والاقباط ,وعمل علي معاكستهم فصار يثير خواطر المسلمين
ويحرضهم علي التحزب ضدهم, ولكنه لم يجد إلا الاعراض لان الناس كانوا في شاغل في مثل هذه الاحوال نظرا للضيق الذي كان مستوليا علي البلاد بسبب الوباء والقحط .

ولما لم يجد فائدة من هذه السياسة  الخرقاء والتدابير العقيمة قبض علي البطريرك وبعض أساقفة الوجه البحري واعتقلهم وارسلهم الي القاهرة مدعيا عليهم بدعاو باطلة لا أصل لها .

أما الخليفة فانه رغما عن تمويهات الوزير لم يجد عليهم مايوجب هذه الاهانة فأخلي سبيلهم وطيب خاطرهم وصرفهم الي مراكزهم فشق هذا علي الوزير , ولشدة غيظه امر بقفل الكنائس المسيحبة في القطر المصري سواء كانت للاقباط او للروم, فثار مسيجيو القطر جميعا وتجمهروا وكادت تكون فتنة  ,لولا ان الخليفة تلافي الأمر وقبض علي هذا الوزير المستبد ونفاه في جهة تانيس بأقصي الوجه البحري , وبعد قليل قتله لأنه كان يهيج المسلمين عليه وينسب اليه أمورا كاذبة كادعائه عليه أنه لم يراع جانب المسلمين ويعين النصاري وغير ذلك مما لاصحة له .

وهنا لنا بعض الملاحظات  الهامة والمصيرية  علي هذا الفصل :
التعصب موجود في كل زمان لاسباب  لكن لابد من احتوائه .
ان مشكلة نقص المياه ادت الي وحدة الشعب ونبذ الخلافات والتعصبات وهذه دائما عادة البشر في مواجهة المشاكل الحيوية والعصيبة .
ربما نوجه اللوم للرئيس عن المصائب التي تلحق بنا لكن حينما تتضح الرؤية عن طريق اناس امناء يكون الحل والعلاج .
ان المسئولية تقع علي المسئولين علي قطاعات الدولة كل في مايخصه وحينما تكون النفوس صافية يعم السلام والرخاء في البلاد .
انه بالرغم من الوزير اليازوري كان يشحن الجماهير بالكراهية والبغضة الا ان الناس دائما تبحث عن ماهو اهم لحياتهم ومستقبل ابنائهم
انه لابد من استئصال عامل الفساد والفرقة والفتنة حتي تستقيم الامور ويستقر الوطن .
حينما نسلط الضوء علي تاريخنا  القديم نجد مايساعدنا علي حل مشاكلنا الحالية .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق