CET 00:00:00 - 13/06/2010

حوارات وتحقيقات

الأب "سمير خليل اليسوعي":
•المسيحيون يعرفون القرأن والإسلام  جيدًا، أما المسلمون فيعرفون معلومات لا بأس بها.
•انحدر مستوي الحوار؛لإنتشار التيار الراديكالي الإسلامي عند مسلمي "مصر"، وكذلك عند الاقباط الذي كان بمثابة رد فعل ودفاع عن الذات.
•نعتقد أن المسيح هو كلمة الله، فكيف بعدما أنزل الله كلمته  يعطي كلمة جديدة التي هي القرأن؟
•الحوار المسيحي الإسلامي الذي يتعرض للعقيدة دائمًا يفشل.
•النص الديني ثابت، ولكن البحث العلمي هو تحليل للنص والكلمات بهدف فهم النص.
•في الغرب ليس هناك عنف ديني، وسببه في الشرق هوأن كل شئ يأخذ طابع ديني في المنطقة العربية.
•نسأل الباحثين الإسلاميين الذين  ينقدون التوراة: هل هم اخصائيون في التوراة، ودارسين لها؟ أم إنهم ينقدون ويفسرون علي أهوائهم؟

أجرى الحوار: مايكل فارس
فى إطار الحرص على أهمية الحوار الإسلامي المسيحي، ومناقشة القضايا الشائكة المتعلقة به،  وأسباب العنف الديني فى الشرق والغرب ونتائجه، و كان لـصحيفة "الاقباط متحدون" مع الأب "سمير خليل اليسوعي"،  وهو ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ العربي المسيحي ﻟﻠﺘﻮﺛﻴﻖ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ، ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ المسيحة في جامعة القديس "يوسف" في "بيروت"- الحوار التالي:

* متي بدأ الحوار المسيحي الإسلامي؟
بدأ الأب "سمير خليل اليسوعي": الحوار الديني الذي يتعرض للعقائد ينتهى بالفشلالحوار المسيحي الإسلامي في القرن السابع، وبعد وفاه رسول الإسلام، خاصةً مع مسيحيي السريان، وكانت هذه الحوارات بسيطة سريعة. وابتداءً من العصر العباسي كانت هناك حوارات شاملة،  ولدينا نصوصًا كثيرة توضح أن المسيحيين يعرفون القرأن والإسلام معرفة جيدة، أما المسلمون فيعرفون معلومات لابأس بها عن المسيحية. وكانت الحوارات صريحة جدًا، وفي قمة الأدب دون جرح بين الطرفين، وكانت تتم بين علماء مثقفين.

 وهناك حقيقة تاريخية يجهلها الكثيرون، وهى أنه في العصر العباسي، وفي "بغداد" تحديدًا كان المسيحيون أغلبية والمسلمون أقلية من حيث العدد، وكان ذلك حتى سنة 1000م ، وهذا ماأكده الباحثون.

وكان كل طرف يعرف حدوده وامكانياته، فكان هناك احترام متبادل. كما كان الأطباء مسيحيين حتي القرن الحادى عشر الميلادى، وخاصة في قصر الخلافة.

وهناك حقيقة أخري أن المسيحيين المثقفين هناك، كان  أغلبهم من السريان، ولغتهم الأصلية السريانية، ولكنهم أجادوا اللغة العربية والفكر الإسلامي، وهو ما أدي للحوار المبني علي الإحترام المتبادل.

وفى القرن العاشر الميلادي مثلاً كان هناك "ساويرس ابن المقفع" وحوارات رائعة، وفي عصر النهضة القبطية وتحديدًا منتصف القرن الثانى عشر وحتي منتصف القرن الرابع عشر، كانت حوارات ناضجة جدًا بين الطرفين، حيث كان مستوي الكنيسة القبطية  رفيع جدًا حيث أنتجت أكثر من أي كنيسة أخري في العالم من حيث الفكر والأدب، فكانوا يدرسون "الصفي بن العسال" الذى  درس الكثير من علومه علي يد "الرازي" الذي توفي عام 1290 م  فكان هناك أخذ وعطاء بين المسيحيين والمسلمين علي مستوي رفيع.

* وماذا عن العصر الحديث؟
بدأ عصر النهضة في القرن التاسع عشر في "مصر"، ولكن للحوار بين الطرفين، لابد من وجود قاعدة مشتركة، وكانت هي الحضارة العربية. ولكن مع بدايات القرن العشرين تاثر المثقفون المسيحيون والمسلمون بالحضارة الغربية، والتي كونت قاعدة مشتركة جديدة بين الطرفين، وخلقت جو علماني يتحدث فيه الجميع بلا خوف. حيث ظهرت دولة لايسيطر عليها دين وتحديدًا في "مصر"، وكان ذلك منذ مطلع الثلاثينيات حتي الستينات. وبعدها انحدر مستوي الحوار لإنتشار التيار الراديكالي الإسلامي عند مسلمي "مصر"،  وكذلك عند الأقباط والذي كان بمثابة رد فعل ودفاع عن الذات.

فمثلاً كتابات "يوسف زيدان" تثير حفيظة الأقباط، ولكن لو كُتبت منذ ثمانين عامًا ما احدثت أي مشكلة؛ نظرًا للجو الحواري الليبرالي الذي كان منتشرًا آنذاك.

* تحاورت مع السنة، والشيعة، والأرثوذكس، والكاثوليك،  والإنجيليين... أيهما أكثر تسامحًا في الحوار، وأيهما أكثر تشددًا؟

أكثر التيارات تسامحًا في الإسلام من حيث الحوار هم الشيعة،   وحاليًا في كل الملل والنحل والديانات هناك تيار أصولي يعوق الحوار بينهم، في حين أن الحوار بين الباحثين والدارسين أسهل بكثير؛ لأن الإتفاق هنا علي البحث العلمي غير الحوار المبني علي المرجعية الدينية.

فلو كان حوارك دينيًا، وبه أفكار دينية من حقي أن أعترض عليها؛  لأنه دينك وأنا موقفي عكس موقفك. لذا فالديانة لاتناقش العقيدة الدينية للآخر.

 فاذا قال المسلم إن محمد نبي هذا من حقة، ومن منطلق القرأن فهو خاتم الأنبياء، ولكني كمسيحي لو قلت ذلك لا أكون مسيحيًا؛ لأننا نعتقد أن المسيح هو كلمة الله، فكيف الله بعدما أنزل كلمته، وابنه يعطي كلمة جديدة التي هي القرأن. فالمسلم إذا رفض ذلك لامشكلة،  فكلٍ حسب ايمانه، لذا ففي الحوار لابد ألا ندخل العقيدة في البحث العلمي والعكس. فإذا سألني مسلم وقال لي: ماذا تقصد بالثالوث؟ وأنا سألته: ما معني أن القرآن منزل؟ أو أن "محمد" خاتم الأنبياء؟  هذا الحوار المسيحي الإسلامي، الذي يتعرض للعقيدة دائمًا يفشل.

وعن الحوار المسيحي المسيحي، هناك تقوقع من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالرغم من إنها كنيسة الأغلبية في الشرق، فيتم مناقشة تفاصيل لا أهمية لها بالرغم من أن الأصول مشتركة وواحدة،  والكتاب المقدس واحد، وقانون الايمان واحد، والعقيدة واحدة. فالحوار يفشل لأن هناك طوائف متمسكة بالتقاليد، ويفعلون كما فعل أسلافهم، ولكن علينا أن نميز بين الأساسي والثانوي. فعندما نجعل الشئ الثانوي هو الأساسي فهنا يفشل الحوار. وعندما تأتي جماعة تصلي بشكل معين، وتريد الباقين يصلون بنفس الطريقة هنا يفشل الحوار.

* لماذا يكون الحوار صعب مع التيارات الإسلامية المتشدده؟
ستجد المسلم الليبرالي يجد صعوبة في حواره مع المسلم الراديكالي،  فمثلاً السعودية تكفّر كل من ليس وهابي أي من أي تيار إسلامي آخر، وهذا خلق جو من التعصب، وهو أن يعتقد الشخص أن ما يقوله هو الصواب المطلق، وكلام الآخر هو الخطأ.

 كما أن المساس ليس بالمقدس الإسلامي بل بالتراث يؤدي إلي صدام،  فمثلاً في القرأن كلمات دخيلة علي العربية عندما نقول ذلك يتم مهاجمتنا، فعندما نقول إن كلمة قرأن ليست عربية أساسًا يجب علي الجميع أن يفرقوا بين البحث العلمي والعقيدة.

* ولكن هل أنت مع نقد النص الديني بحجة البحث العلمي؟
النص الديني ثابت، ولكن البحث العلمي هو تحليل للنص والكلمات بهدف فهم النص، فندرس مثلاً الكلمات في أي سورة فإن وجدناها متكررة فذلك يدل علي أهميتها، وسنري كلمات دخيلة من بيئة مسيحية سريانية، إذن هذا النص لة صبغة مسيحية، فنذهب ونبحث في الأناجيل علي دلالات هذا النص.
 فمثلاً في القرأن ستجد كلمات ليست عربية كما فى سورة "المائدة"،  وهذا ليس عيبًا، فعندما أسألك عن موبايلك...هل أصبحت أكلمك بالإنجيليزية.. لا... بل هي كلمات دخلت مصطلحاتنا، وكذلك الكلمات الأعجمية التي دخلت القرأن.

* هل من الضروري أن يكون هناك حوار عقيدة؟ أم حوار أتباع ديانات؟ أم حوار ثقافات؟.. أيهم أصلح؟
كل الحوارات مفيدة وتقرب وجهات النظر، ولكن الحوار العقائدي هو أصعبهم؛ لأنه حوار المطلق، ولابد أن يكون بين متخصصين.

* ما هى  أسباب العنف الديني بين الشرق والغرب، فى رأيك؟
في الغرب ليس هناك عنف ديني، ولكنها مشكلة المغتربين والهجرة غير الشرعية لغير الأوروبيين، والتي شكلت مشكلة إجتماعية ثقافية. فيأتي المهاجرون من بلاد عربية إسلامية، لايعرفون كيف يتأقلمون، ولايعرفون تقاليد وثقافة البلد التي يذهبون إليها، فيحدث صدام مع المجتمع، خاصةً وأنهم لا يريدون تغيير ثقافتهم.

وفي الشرق سبب العنف الديني، هو أن كل شي يأخذ طابع ديني في المنطقة العربية: الأكل، والشرب، والملبس، فيحدث صدام مع من يخالف هذه الصوره الدينية.

* كيف تري هجوم الباحثين الإسلاميين علي نصوص التوراة والإنجيل، في حين رفضهم أن يقترب أحد من النص القرأني؟
علينا أن نسألهم قبل أن ينقدوا التوراة: هل هم إخصائيون في التوراة ودارسين لها؟ أم إنهم ينقدون ويفسرون علي أهوائهم؟ كما يجب عليهم أن يدركوا أن  الدين مرجع أخلاقي وروحي، وليس تاريخي.

* هل تعتقد أن هناك حرب من الغرب علي الإسلام، وعلى الشرق عموما؟

هذه تفسيرات سياسية، فمنذ ستين عامًا استولت "اسرائيل" علي "فلسطين"، والغرب هو سبب خلق دولة "اسرائيل"، والتي بنيت علي حساب "فلسطين". وتري "اسرائيل" أن السلام ليس في "صالحها"؛ لأنها ستقوم بإرجاع ما احتلته من أراضي، وهي تريد احتلال المزيد. بالإضافة إلي أن "أمريكا" وراء  "اسرائيل".

وبعد كل حرب مع "اسرائيل" يخسر فيها العرب ويفقدون جزءًا آخر من فلسطين، يقولون إن هناك حرب غربية علي الإسلام؛ لأنهم يخلطون بين السياسة والدين. ويقولون إنها حرب علي فلسطين الاسلامية. وفلسطين ليست إسلامية فبها المسيحي واليهودى والملحد. فلماذا يقصرونها علي الإسلام فقط؟
كما أن الدول الإسلامية تقول إنها  مع "فلسطين" وستقدم لها العون؛ لأن مفهوم الوطن عند المسلمين هو أي بلد يوجد مسلمون به، وكذلك يرون أن الغرب مسيحي، وهو ليس كذلك. فمثلاً لو نظرت للقوانين التي يشرعونها هي ليست مسيحية، مثل قانون الإجهاض الذي يرفضه الكتاب المقدس، وكذلك زواج المثليين.

* هل تخشى أوروبا  من زيادة عدد المسلمين بها؟
نعم، لأن الذين يهاجرون لها أغلبهم مسلمين من بلاد عربية مختلفة،  ويأتون بتقاليد إسلامية عربية مختلفة عنهم، وعن ثقافتهم، وأعدادهم تتزايد يومًا بعد يوم لأنهم كثيروا الخلفة في حين أن سكان أوروبا الأصليين ينقصون عددًا عاما بعد عام؛ لأنهم لاينجبون كثيرًا، وهذا الإختلال الديموغرافي سيجعل المسلمين والعرب في السنوات القادمة أكثرية في أوروبا وهو مايقلقها.

* هل يمكن أن يؤدى الإنحدار الأخلاقي فى "أوروبا" و"أمريكا"  إلى إنهيارهم؟
نعم،  وانتشار التيار الإسلامي فيهم، والذين حاولوا أن يحاربوه بالسلاح ولكنهم فشلوا. وقد قوي التيار الإسلامي هناك بعد فشل كل التيارات الأيدلوجية والدينية، مثل  المسيحية، والشيوعية، والليبرالية.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق