CET 15:15:02 - 27/06/2010

مساحة رأي

بقلم : عماد توماس
عبر سنوات عديدة، تابعت عن قرب بحكم العمل الصحفي، حضور مئات الندوات والمؤتمرات ، وكان لي أن ارصد عن قرب العديد من السلبيات المتكررة في معظم الندوات والمؤتمرات سواء الثقافية أو الحقوقية، ويمكني إيجاز هذه السلبيات في اثنا عشر نقطة كالتالي :

أولا: سوء اختيار المتحدثين: بعض منظمي الندوات يحرصون على دعوة أسماء إعلامية رنانه سعيا وراء جذب وسائل الإعلام المختلف، دون أن يكون لهؤلاء المتحدثين علاقة مباشرة ومتخصصة بموضوع الندوة، وبعض هؤلاء المتحدثين قد استهلكوا "كلاميا" من كثرة الحديث في موضوع محدد، وبالتالي لا يكون لديهم اى أفكار جديدة يقدمونها ، حضرت إحدى الندوات وألقى  المتحدث كلمة كانت هي نفس كلمته التي ألقاها منذ عدة أيام في ندوة أخرى فكان من السهل للصحفيين المتابعين عمل "نسخ" و"لصق" لما قاله في الندوة السابقة!!

ثانيًا: عدم دراية المتحدثين بموضوع الندوة : قد تندهش إذا تحدث أحد المتحدثين في غير موضوع الندوة أو في محور مختلف عما تم الإعلان عنه في برنامج الندوة والذى تم توزيعه على الحاضرين، حضرت أحد الندوات، وكان احد المتحدثين وهو رئيس لأحد الأحزاب السياسية، وفى نهاية كلمته قال انه لم يعرف بموضوع الندوة إلا الآن-اى قرب الانتهاء من إلقاء كلمته !!

ثالثًا: سوء اختيار التوقيت والمكان: من أساب عزوف الجماهير على حضور الندوات، بُعد المكان خاصة في ظل حالة المرور المتكدس في القاهرة، وقد يكون من الأنسب اختيار أماكن قريبة من وسط العاصمة، والإعلان عن أماكن انتظار السيارات القريبة من المكان، وتحديد اقرب محطة مترو إنفاق بالقرب من مكان الندوة. أما عن سوء اختيار التوقيت فحدث ولا حرج،  إحدى منظمات حقوق الإنسان دائما وأبدا تعقد ندواتها ومؤتمراتها الساعة الثانية ظهرا وهو توقيت لا يناسب الأجواء الحارة التي تشهدها بلادنا ولا يناسب الموظفين أو أصحاب الأعمال وبالتالي لا يشجع على حضور الجماهير. ولعلة من المناسب اختيار مواعيد ليلية مثل الساعة السابعة مساءً. والابتعاد عن نهاية الأسبوع و أيام العطلة الخميس والجمعة والسبت.

رابعًا: عدم الدقة في المواعيد: أكاد اجزم اننى لا أتذكر حضور ندوة واحدة بدأت في موعدها المحدد، فهذا يبدو من رابع المستحيلات في مصر أن تُعقد ندوة بدون تأخير، وعادة يكون التأخير إما لتأخر أحد المتحدثين، أو تأخر الحضور، أحد الندوات حضر المتحدثون في الموعد المحدد وتأخر الجمهور، وبعض المتمرسين في حضور الندوات يتعمدون الذهاب متأخرا لقناعتهم وإيمانهم بأن الندوة لن تبدأ في الموعد المحدد، وإذا كان من الممكن إبداء العذر لتأخير الجماهير، إلا انه ليس من المنطقي تأخر المتحدثين. وقد يحضر المتحدثين والجمهور في الموعد، ويتأخر بدء الندوة بسبب عدم وصول القنوات الفضائية أو تأخير تجهيزاتهم الفنية للتصوير فبعض منظمي الندوات يحرصون جيدا على تغطية الندوة فضائيا على حساب الحضور والدقة في المواعيد.
منذ عدة أيام ذهبت متعمدا التأخير لحوالي عشرون دقيقة، في احد ندوات المجلس الأعلى للثقافة والتي تعقد في  دار الأوبرا، وعند وصولي فوجئت بان الندوة قد بدأت وسط حضور جماهيري مقبول، وهى من المرات النادرة أن تبدأ ندوة في موعدها المحدد.

خامسًا:  غياب "الديالوج" لصالح "المنولوج": يحرص بعض المنظمين للندوات والمؤتمرات على حشد أكبر عدد من المتحدثين المؤيدين لموضوع الندوة، في وسط غياب تام للأفكار المغايرة وتصبح الندوة في اتجاه واحد، إما الجميع مؤيدين أو الجميع معارضين، وتخرج الندوة عن هدفها في الحوار الفعال بين الآراء المختلفة ويُصبح الحوار "مونولوج" من طرف واحد وليس "ديالوج" من طرفين.
شاركت في ورشة عمل في احد مراكز حقوق الإنسان، عن أزمة تعيين المرأة قاضية، وكان المتحدثين من رجال القانون والحقوقيين والصحفيين من مؤيدي تعيين المرأة قاضية، وغاب الحوار مع الطرف المعارض ولم تنجح ورشة العمل في الخروج بتوصيات لغياب الحوار.

سادسًا:  خروج المداخلات والتعقيبات عن الموضوع: تحرص معظم الندوات على إثراء الحوار، باستقبال مداخلات وتعقيبات الحضور لإثراء جو من النقاش والحوار إلا إن بعض المعقبين يخرجون عن موضوع الندوة فهذا يشكو من أمر شخصي ليس له علاقة بموضوع الندوة، وذاك يبدو كأنة يحفظ كلمتين عن ظهر قلب جاء يرددهم مثل الببغاء وأخر يشجب ويندد بدون تقديم اى حلول عملية، وأخر يطيل الحديث أكثر من الوقت المتاح. ومن هنا يأتى الدور المهم لمدير الندوة في عدم السماح لأحد المعقبين في الخروج عن موضوع الندوة أو تخطى الوقت المتاح.

سابعًا:  فوضى  استخدام وسائل الإعلام : نادرا ما احضر ندوة أو مؤتمر وإلا كان بها بعض المشاكل الصوتية، ويبدو وكأن منظمي الندوة استيقظوا فجأة ليكتشفوا وجود مشاكل صوتية، والطبيعي أن يكون تم تجربة كل التجهيزات الفنية الخاصة بالندوة قبل عقدها بوقت كافي، حتى لا يفاجئ الحضور بعدم تشغيل الصوت، أو مشاكل في ارتفاع صوت الميكروفون أو خفت الصوت،
ويثير بعض معدي البرامج الفضائية حالة من الفوضى، داخل قاعة الندوة، فإذا حضر مندوبي خمس قنوات فضائية، كل فرد يرغب في وضع المايك بالقرب من المتحدث، وكل قناة فضائية لها مصور يحمل الكاميرا يتحرك بها داخل قاعة الندوة،  ويحدث هرج ومرج داخل القاعة، على حساب الحاضرين الذين ربما لا يسمعون أو يرون المتحدث جيدا، وأحد الحلول لذلك أن يكون هناك منسق تابع لمنظمي الندوة تكون مهمته التنسيق مع مندوبي القنوات الفضائية بوضع المايكات الخاصة بهم وتجهيز مكان ثابت للمصورين بعيدا عن منع الرؤية للحضور.

ثامنا:  عدم تجاوز تشخيص المشكلة وتقديم حلول عملية: نحن بارعين في تشخيص ازماتنا، وسرد الأسباب وذكر التحديات وتحليل العقبات، يستغرق بعض المتحدثين في القراءة التاريخية للأحداث لكنه لا يستشرف أفاق  المستقبل، وينتهي الوقت المخصص للندوة بدون تقديم حلول عملية عصرية وطرق علاج فعالة، ويخرج الحضور مثلما دخل ويخيب رجاء الحاضرين في الخروج بتوصيات محددة.

تاسعًا: عدم التنسيق بين الهيئات في عقد الندوات : كثيرا ما يجد العاملين في المجال الصحفي والاعلامى، صعوبة في الاختيار بين حضور أحد الندوات، عندما يتعارض موعد وموضوع ندوة مع ندوة أخرى في ذات الوقت، ويضطر البعض إلى المرور-مرور الكرام- على الندوتين فيحضر جزء من هنا وجزء من هناك، وتكون التغطية الصحفية أو الإعلامية مخلة بالمعنى والمضمون.
عاشرًا: عدم تفعيل التوصيات وتوصيلها لمن يهمه الأمر: تخرج بعض الندوات والمؤتمرات بتوصيات رائعة، لكنها لا تصل إلى من يهمه الأمر، وحسنا ما تفعله منظمة "مصريون ضد التمييز الديني" فبعد مؤتمرهم الوطني الثاني والذي انعقد تحت عنوان "التعليم والمواطنة" تم مقابلة وزير التعليم وإعطاءه نسخة من توصيات المؤتمر وأوراق العمل التي قدمت، وهكذا إذا كانت التوصيات تتعلق بتشريعات وقوانين،فمن المناسب تقديم التوصيات لأعضاء مجلسي الشعب والشورى، وإذا كانت التوصيات تتعلق بالإعلام والصحافة، فمن المهم إيصالها لنقيبي الصحفيين ووزير الإعلام والمتخصصين في المجالين،  والأفضل دعوة بعض الأعضاء المعنيين بموضوع الندوة ليكونوا في دائرة الأحداث للمشاركة وتفعيل القرارات والتوصيات.

حادي عشر: عدم حضور بعض المتحدثين بدون عذر: يمكني أن أتقبل عذر عدم حضور احد المتحدثين لظرف طارئ أو اعتذاره المسبق، لكن من غير اللائق أن يغيب أحد المتحدثين بدون عذر مسبق، ففي أحد المؤتمرات تأخر أحد المتحدثين وحاول المنظمين الاتصال به لبيان سبب تأخره بدون اى رد منه، كما أنه من الواجب والاحترام على مدير الندوة أن يوضح للحاضرين أسباب عدم حضور المتحدث الغائب. غاب احد المتحدثين عن احد المؤتمرات، وتهامس البعض عن سبب غيابه، وسرت الشائعات تفسيرا لغيابهن خاصة لعدم اعتذاره، وبعد عدة ساعات اكتشف المنظمين إن المتحدث أثناء حضوره تعرض لحادث في قدمه اضطر للذهاب إلى المستشفى.

اثنا عشر: غياب المرأة والأقباط المسيحيون كمتحدثين: لعل الذكور لا يلفت انتباههم وجود خمسة من المتحدثين في احد الندوات من الرجال، وليس بينهم امرأة واحدة، كما أن بعض الندوات لا يكون فيها أحد من الأقباط المسيحيين كمتحدث، والحقيقة انه في الفترة الأخيرة تحرص الكثير من منظمات المجتمع المدني على دعوة الأقباط المسيحيين والمرأة كمتحدثين في الندوات، وبعض ورش العمل تعطى الأولوية للمرأة في الحضور.، وهو شئ ايجابي يجب الحرص عليه، في تمثيل كافة أطياف المجتمع بدون النظر إلى  النوع أو الدين.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق