CET 00:00:00 - 08/08/2009

كلمه ورد غطاها

بقلم: ماجد سمير
 "بنايوتي" صاحب مركز صيانة المواتير التي تعمل بالسولار في أول شارع مراد بالجيزة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي قبل أن تتحول محلات المنطقة إلى أبراج أسمنتية، تعرفت عليه سنة 1986 في محل "كوستا" تاجر الخمور بشارع المنيل الذي تحول بدوره لفكهاني في أواخر نفس القرن، بدأت العلاقة عندما رفض الاثنان كلمة خواجة التي ناديت بها "كوستا" فأخرج لي فورًا البطاقة المصرية الورقية القديمة، وقال: أنا مش بس معايا بطاقة مصرية "يا خبيبي" أنا معايا كارنية "الخزب" الوطني، ويعدها قام بنايوتي من مكانة في أخر المحل ووقف بجانب كوستا وقال: زمان كنّا "بنخب" كلمة خواجة لأنها بتفكرنا بأصولنا اليونانية كمان كانت الناس هنا "بتخبنا" لكن دلوقتي بيقولوها لنا كأننا أعدائهم، ونظر "كوستا" إلى بنايوتي وقال مش بس كدة "بنايوتي " دة كمان بيقولوا إخنا مش نعرف ربنا".

تعددت لقاءاتنا الثلاثية بعد التعارف سواء عند "كوستا" أو "بنايوتي" الذي عرفني باسمه في أول لقاء قائلاً "واخد" بنى بيت و "واخد" بنى فيلا أما أنا يا خبيبي "بنى ......يوتي" وضحك ملء شدقيه، وكان محل "كوستا" يشهد تناولنا العشاء مع أكواب البيرة أو النبيذ اليوناني الفاخر و أيضًا نسمع باستمتاع شديد لأغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عند "بنايوتي" الذي كان يختتم كل السهرات التي يستضيفنا فيها بعزف رائع على "الكمان" وكأنه "أنور منسي" أشهر عازف "كمان" في تاريخ مصر الموسيقى.
عانا العميين "كوستا" و"بنايوتي" وبني مِلتهم في مصر "المخروسة " التي استقبلت أجدادهم وآبائهم لعقود طويلة لكنها حاليًا ضاقت بكل من تختلف معهم، وتسببت كلمة "مصر المخروسة" كما كانا ينطقا اسمها بلهجتهما التي تخلط بين اليونانية والمصرية بشكل شديد التكامل في موقف طريف عندما نطقت مصر "المحروسة" بحرف الخاء مثلهما قال لي "كوستا": ماجد "خبيبي" أنت مصري تقولها المحروسة أما أنا "جريجي" أقولها "المخروسة".

ومرت السنوات وسحبني العمل في بلاط صاحبة الجلالة انقطعت خلالها اللقاءات الرائعة معهما إلى أن فوجئت ببناء البرج مكان مركز" بنايوتي" وكذا تحول محل كوستا إلى الفكهاني، وتذكرت كلامها وحزنت جدًا على فقدي أثرهما وأثناء سيري في شارع الروضة أمام "أطلال كوستا" مر شريط الذكريات أمام عيني كأنه فيلم سينمائي، ورغم الهدوء الشديد الناتج عن خلو الشارع من المارة بشكل يثير التعجب إلا أني أفقت على أصوات عالية جدًا تنم عن فرح شديد منطلقة من كل بلكونات ونوافذ حي مصر القديمة كله تقريبًا وتقول "جووووووووووووووووون" لقد أحرز الأهلي هدفًا.
وتذكرت فورًا أخر حديث دار بيني وبين "بنايوتي" و "كوستا" قالا فيه "خبيبي مع الأسف المصريين بيتصدروا دايمًا في الهايفة بس، مش بيتكلموا وصوتهم يبقى عالي إلا في الخاجات اللي ملهاش لازمة أما وقت الجد تلاقيهم ساكتين، وبيبقوا ساكتين أحيانًا بمزاجهم وغالبًا غصب عنهم، "عرفتوا" ماجد " إخنا" ليه بنقولوا على البلد مصر "المخروسة".

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

ماجد سمير

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

شارع السد

موسم التخفيضات

شتوي يا توقيت

كابتن مارتيني

مصر "المخروسة"

جديد الموقع