يعاني الكثير في مجتمع الصحة العالمي من أمراض فتاكة مميتة من بينهم الملاريا، التي تقتل 400 ألف شخصا سنويا، من بينهم عدد كبير من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات في أفقر المناطق بأفريقيا، وفقا لصحيفة "سي إن إن" الأمريكية.

 
وكشف تقرير صادر عن 41 من أبرز علماء الملاريا في العالم وعلماء الطب الحيوي وعلماء الاقتصاد وصانعي السياسات الصحية، الأحد الماضي، أنه يمكن القضاء على الملاريا تماما بحلول عام 2050، موضحا بالتفصيل حالة المرض وطرق القضاء عليه نهائيا بعد 50 عاما من فشل المحاولة الأولى.
 
وأوضح التقرير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب أن تضخ الحكومات والعلماء ومسؤولو الصحة العامة قدرا أكبر من الأموال، تصل النفقة إلى ما يقرب من ملياري دولار إضافية سنويا على مستوى العالم، بالإضافة إلى الاستعانة بالابتكارات لمكافحة هذا المرض والبعوض الذي ينقله.
 
وقال ريتشارد فيتشيم، مدير المجموعة العالمية للصحة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، الذي شارك في رئاسة مراجعة للقضاء على مرض الملاريا بتكليف من دورية لانسيت، إن القضاء على الملاريا نهائيا كان حلما بعيدا، ولكن أصبح الآن لدينا دليل على إمكانية القضاء على الملاريا بحلول 2050.
 
وأضاف فيتشيم، أنهم على استعداد للقضاء على الملاريا بفضل التقدم المحرز من أدوية وابتكارات تكنولوجية جديدة، موضحا أنه ينبغي على السلطات الصحية العودة إلى المسار الصحيح؛ لتحقيق الأهداف الحالية المرجوة مثل خفض حالات الإصابة بالملاريا والوفيات بنسبة 90% بحلول عام 2030، مشددا على ضرورة الالتزام بالفترة الزمنية المحددة لتحقيق الأهدف، ضاربا مثال لحديث الرئيس الكندي في عام 1961، عندما قال إننا سنمشي على سطح القمر قبل نهاية العقد، حتى تمكنوا من السير بالفعل على سطح القمر بحلول عام 1969.
 
وبالرغم من ذلك، كان لمنظمة الصحة العالمية رأي آخر وسابق لرأي فيتشيم ولجنة لانسيت، فهى ترى أنه لا يمكن القضاء على هذا المرض في وقت قريب، وأنه يمكن القضاء على الملاريا في غضون 30 عاما، وسيظل هناك11 مليون حالة إصابة بالملاريا في أفريقيا في عام 2050، كما أن تحديد أهداف غير واقعية بتكلفة غير محددة وبدون إطار زمني معين يمكن أن يؤدي إلى "إحباط وردود فعل عكسية".
 
* عدو معقد وهدف طموح
كمرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغة البعوضة، تعد الملاريا أكثر تعقيدًا بكثير من معالجه الجدري أو شلل الأطفال، على الرغم من أن كلاهما كائنات بسيطة نسبيا، إلا أن طفيلي الملاريا يمر بالعديد من التغييرات المختلفة خلال دورات حياته سوا في البعوضة أو الجسم البشري.
 
* محاولات سابقة
حاول العالم القضاء على الملاريا بعد فترة وجيزة من تأسيس منظمة الصحة العالمية في عام 1948، من خلال برنامج استمر من عام 1955 حتى عام 1969، في العديد من البلدان، إلا أنه لم ينفذ في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي المنطقة الأكثر تضررا.
 
وبالرغم من ذلك تم إحراز تقدم هائل بين عامي 2000 و2015، حيث انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالملاريا بنسبة 62%، وتراجع في عدد الحالات بنسبة 41%، ومع ذلك عادت الملاريا بانتقام، تلاها ملايين الوفيات وأشارت البيانات الحديثة إلى أن الملاريا تستعيد عافيتها، حيث سجلت 219 مليون حالة في عام 2017، مقارنة بـ217 مليون في عام 2016، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
 
من ناحية أخرى، أعربت المجموعة الاستشارية الإستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية حول القضاء على الملاريا في ملخصها لمراجعة استمرت 3 سنوات نُشرت في أغسطس الماضي، عن شعورها بالهزيمة وإهمال جهود مكافحة الملاريا، والتخلي عن البحوث في أدوات وأساليب جديدة.