1928 / 1997
سليمان شفيق
في اطار سلسلة المفالات الخاصة برواد العمل الاجتماعي من المواطنين المصريين المسيحيين ، ومن الاجانب الذين تمصروا وعاشوا ودفنوا في تراب مصر ، كتبنا عن الاباء اليسوعيين : عيروط وتأسيسة لجمعية الصعيد ، واسطفان ديمونجلوفيية في جراجوس والتي كتبها الاب وليم سيدهم ، وملحمة اخميم التي روتها لولا لحام ، ومنير خزام ودورة التنموي في ارمنت ، ثم المطران الرائد اثناسيوس مطران بني سويف ، والان نتوقف امام رائد وقس ومفكر اجتماعي القس الدكتور صموائيل حبيب ، الذي ولد في عام 1928 في مدينة الواسطى بمحافظة بني سويف، وتخرّج في كلية اللاهوت الإنجيلية بالعباسية عام 1952، وصار أستاذًا في نفس الكلية ووصل لمنصب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر.

الدكتور القس صموئيل حبيب هو مؤسس ومدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية منذ أن أسسها عام 1950، وحتى رحيله عام 1997، كما كان يشغل منصب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، وقد كرمته الدولة بمنح نوط الامتياز مرتين.

أن الدكتور القس صموئيل حبيب، رؤية فكرية جديدة داخل المجتمع المصري، تَتَلمذَت على يديه أجيال وأجيال، ولقد كنت واحدًا ممن تعلموا في هذه المدرسة، مضيفا  تعلمنا أن الاختلاف والتنوع يساهم في دور أكثر قوة وفاعلية، تعلمنا احترام الرأي الاخر فلقد كان الكتور القس صموئيل  حبيب سابقاً عصره بعشرات السنين.

جاء اهتمام القس صموائيل بالصعيد ليس فقط لميلادة بالصعيد ولكنة ورث حب الخدمة والعمل العام لكل ابناء الوطن من والدة المهندس حبيب سوريال مرقص ، ووالدتة منيرة يني صالح التي كان والدها من اعيان قرية البياضية بالمنيا والرجل الثاني بعد العمدة ، ومن والدتة تأثر كثيرا بمساعدة المرأة ويقول : (كانت النساء في تلك الايام يجلسن في الجانب الاخر من الكنيسة ، وفي كل الكنائس في مصروكان الساتر الذي يفصل بين الرجال والنساء من الخشب وفي بعض الكنائس كان يبلغ المترين ، وكنت اهاجم هذا بشدة في الخمسينات والستينات ..)

ارتبطت تلك المؤثرات الحداثية من علاقتة بوالدتة والي اختيارة لزوجتة التي كانت مدرسة في كلية رمسيس للبنات 1951، فتاة قاهرية تقيم في جاردن سيتي والتي انهت دراسة اللاهوت في مركز عمانوئيل ، وتمت الخطبة في 1953 والزواج 1954، وهكذا لعبت الام والزوجة دورا كبيرا في وقوف صموائيل حبيب في العمل التنموي طوال الخمسينات وحتي رحيلة . وحول ذلك كتب الراحل الكريم أيضًا كتاب "كيف تكون موضوعيًا" وكيف تزوج الراحل الكريم من السيدة فوزية صموئيل والتي كانت عضو في المجلس الملي الانجيلى.. وكتاب :" دور المرأة في الكنيسة والمجتمع ".

ذهب للخدمة في المناطق الريفية الفقيرة، اهتم بتنمية الفرد فعمل على مشروع لمحو الأمية وزيادة نسبة المتعلمين، وفي منتصف الخمسينيات انتشر هذا المشروع في المناطق المجاورة, وقام القس صموئيل حبيب بتدريب و تعليم القيادات المحلية على شن حملات ضد العادات الريفية السيئة. أنشأ برنامجًا لتدريب القيادات على اقتصاديات المنزل وتحسين العلاقات الأسرية وإقامة مشروعات لزيادة الدخل.

كتابات ورؤية :
كتب صموئيل حبيب كتاب "لاهوت التحرر" إشارة إلى تجربة "لاهوت التحرير" بعد ان تم اشهارالهيئة ، واعتراف الحكومة المصرية عام 1960 بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، التي تعمل في مجال التنمية وتقدم خدماتها للمسيحيين والمسلمين بدون أي تفرقة. وتعمل على تحسين الأوضاع المعيشية في المجتمعات الفقيرة و منح الأفراد قروض للمشروعات الصغيرة.

في 1965 كتب ايضا كتابا :" عن الكنيسة في مجتمع متطور " ، وكان ينتقد فية صيغة الاشتراكية الناصرية ،ويري ان مثل تلك الكتابات كانت محل انتقاد من الكنيسة التي كان دورها يقتصر علي الوعظ والجانب الروحي ،ولكن القس استمر وكتب في التسعينيات كتاب الكنيسة والتنمية" وكتاب "الكنيسة والدولة"، الامر الذي يعتبر مع كتابات اخري كتبت في تلك الفترة تأسيس" للاهوت السياسي ولاهوت المشاركة" ، جنبا الي جنب مع نهضة كتب فيها في ذلك الاتجاة الاسقف صموائيل الراحل والمسئول عن اسقفية الخدمات والقمص متي المسكين والانبا اثناسيوس والاب وليم سيدهم اليسوعي والاب عيروط واخرين .

كما كتب الاب عيروط كتابة المؤسس عن الفلاحين ، قام القس الدكتور صموائيل حبيب بنشر أول مجلة تهتم بالفلاح المصري بعنوان "النور" بالإضافة لرئاسته لتحرير عدة مجلات كنسية منها مجلة أجنحة النسور، الهدى.

ويعتبر الدكتور القس صموئيل حبيب من أوائل من كتبوا في علم الإدارة المسيحية والتي كان يقوم بتدريسها في كلية اللاهوت، فكتب كتاب "الإدارة الكنسية" يشرح فيه مفهوم الإدارة ومكانها في الكتاب المقدس ودورها في الكنيسة.

وكتب الراحل الكريم أيضًا كتاب "كيف تكون موضوعيًا" وهو هو أحد كتب الإدارة حيث عالج قضية الذاتية والموضوعات حيث تظهر آثارها في دول العالم النامي بدرجة أوضح مما في الدول المتقدمة. كما يهدف الكتاب إلى معاونة رجال الإدارة بتقديم الرؤية بتقديم الرؤية العلمية والعملية السليمة التي يسطرها في هذا الكتاب.

كتابه "موسوعة الثقافة الجنسية" يناقش قضية الحياة الجنسية. وأهمية الثقافة الجنسية قبل الارتباط. وعن "كيف تتعامل مع شخصيات صعبة" عالج حبيب هذه القضية الاجتماعية من واقع خبراته الكثيرة والمتنوعة التي تتصل بعلاقات البشر وكيفية التعامل بينهم وبين البعض, حيث توجد شخصيات صعبة غير مريحة في التعامل معها, هو كتاب مهم لأنه يتعامل مع قضية كل يوم أو كل ساعة.
وعن "فن الحوار" عالج الكتاب قضية اجتماعية راهنة ترتبط بعلاقات الناس وكيف يتفاهمون على شيء معين وخاصة في وقتنا المعاصر, فالحوار هو فن وله آدابه وأساليب تنميته وأهمية استمراره, تحكمه عوامل النضوج والإحساس بالمساواة والاقتناع به كوسيلة فعالة تبني الثقة,

وكتب صموئيل حبيب كتاب "لاهوت التحرر" إشارة إلى تجربة "لاهوت التحرير" التي ظهرت في أمريكا اللاتينية حيث وصلت المعاناة إلى حد لا يصدقه عقل مما دعا الكنيسة للنزول للواقع الإنساني. وكتب "المسيح ثائرًا" الذي قدم من خلاله رؤية جديدة للمسيح، فتحدث عن "لاهوت المسيح" و"إنسانية المسيح" أيهما أهم؟ وشارك أيضًا في موسوعة "دائرة المعارف" وغيرها من الكتب.
الانتقال للسماء :

في عام 1997 وأثناء رحلة رعوية للولايات المتحدة الأمريكية، باغتته أزمة صحية فانتقل على إثرها إلى الرفيق الأعلى، وجاء جثمانه إلى مصر وشيعت جنازته من الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، وكانت جنازته مهيبة شارك فيها العديد من مختلفي الطوائف المسيحية وممثليين للأزهر وللحكومة المصرية. لتفقد الكنيسة والمجتمع مصريًا أصيلاً عاش من أجل الكنيسة والوطن.

وتقدم الهيئة سنويًا جائزة للتمييز في العمل الاجتماعي التطوعي باسم شخصيتنا هذا الأسبوع الدكتور القس صموئيل حبيب.

المراجع :ــ عماد توماس... صموئيل حبيب... محطات في طريق التنمية ،4 /12 / 2005، اقباط متحدون .

صموائيل حبيب .. قصة حياة الدكتور القس كما رواها ... دار الثقافة 1999

سليمان شفيق .. حوار مع صموائيل حبيب صحيفة الاهالي 1994