الأقباط متحدون | ماذا بعد 30 يونيو؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٠٧ | الثلاثاء ٢٥ يونيو ٢٠١٣ |   ١٨ بؤونة ١٧٢٩ ش   |   العدد ٣١٦٨ السنة الثامنة  
الأرشيف
شريط الأخبار

ماذا بعد 30 يونيو؟

الثلاثاء ٢٥ يونيو ٢٠١٣ - ٢٣: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 
ماذا بعد 30 يونيو؟
ماذا بعد 30 يونيو؟

بقلم شكري بسطوروس - لوس انجيلوس

أكثر من 16 مليون مصري ومصرية - وقت كتابة هذا المقال – وقعوا على استمارة حركة "تمرد" التي تدعو الشعب المصري للتظاهر والاحتجاج السلمي يوم 30 يونيو 2013 بهدف سحب الثقة من الرئيس مرسي واجراءات انتخابات رئاسية مبكرة، إذ سيكون قد مر عام كامل على تولى مرسي رئاسة مصر.

هذا يطرح عدة اسئلة اهمها:
لماذا كل هذا السخط العام؟ هل سيحقق المحتجون ما يريدون؟ متى؟ وكيف؟ وما التكلفة؟ ثم هل ازاحة مرسي ومعه جماعة الاخوان سيحل مشاكل مصر؟ ماذا بعد سقوط الاخوان، إن حدث؟ اخيراً، كمصريين في المهجر كيف ندعم اخواننا المحتجين في مصر؟
صُدم الشعب من تدهور الاحوال المعيشية لكافة المصريين، فمشكلات حياتهم اليومية تتفاقم بصورة لم يعهدوها طوال سنى حياتهم السابقة. مثلاً، الازمات لا تتوقف عند الطوابير الطويلة على رغيف الخبز المدعوم الذي ارتفع سعره 4 اضعاف، مما اثر على دخل الاسر الفقيرة التي تشكل 70% من الشعب. بل امتدت الازمات لتشمل كل انواع الطاقة: البنزين.. السولار.. انابيب البوتاجاز.. الكهرباء.

في شهور مارس وابريل ومايو 2013، رأي كاتب هذه السطور كيف ان طوابير سيارات النقل والاجرة والجرارات الزراعية تمتد إلى كيلومترات امام محطات الوقود انتظاراً لوصول شاحنات السولار بعد يوم او اثنين!! وبالطبع لا يكفي الوقود لكل المنتظرين!! هذه كلها اثرت بشدة على الطبقات الفقيرة - الداعم التقليدي للاخوان - ليس فقط بسبب معاناتها اليومية الطويلة في الحصول على هذه السلع الاساسية، بل بسبب ما ترتب على شحها من سوء احوال خدمات النقل والتنقل وارتفاع اسعارها. مما أدى إلى وقف الحال وقلة الرزق لملايين الحرفيين وعمال اليومية. هذا يفسر لماذا اندفع الملايين من سكان العشوائيات البسطاء للتوقيع على استمارات "تمرد".

صُدم الشعب من الانكماش الاقتصادي الناتج عن: أولاً، افكار الاخوان المتخلفة تجاه السياحة والتي توقفت تقريباً، في حين كانت المصدر الرئيسي للعملة الصعبة والمحرك الاساسي للاقتصاد. فتسبب ذلك في قطع أرزاق ملايين الاسر المصرية من مختلف الطبقات وألقت بهم في جحيم البطالة. ثانياً، اضطهاد الاخوان لكبار رجال الاعمال غير الاخوان وفرضهم اتاوات بالمليارات عليهم بل وسجنوا بعضهم، مما اضطرهم إلى بيع او اغلاق مشاريعهم، فهربت رؤوس الاموال، وقل الانتاج وتفشت البطالة وانهارت البورصة. هذا الانكماش الاقتصادي الحاد، كبد مصر ديون خارجية وصلت الى 20 مليار دولار خلال 10 اشهر من حكم مرسى اى بمعدل 2 مليار دولار شهريا. وهو ما يفوق ديونها في العشرين سنة السابقة له. هذا يفسر تفشي الغلاء والازمات وانهيار قيمة الجنيه.

صُدم الشعب المصري في الاخوان الذين اعتبرهم رجال دين اتقياء ثم وجدهم يطبقون نفس اساليب النظام السابق الفاسدة التي كانوا يدينونها من على منابر المساجد ثم فجأة اصبحوا يدافعون عنها!! صُدم الشعب بسبب كذب الاخوان الذي يتنفسونه كالهواء.

صُدم الشعب ونفذ صبره من الفوضي العارمة المتفشية في الشارع المصري وانعدام الامن وغياب هيبة الدولة وتقاعسها عن تطبيق القانون مما ادى إلى سيطرة البلطجية والغوغاء على الشارع. فكان ان انتشرت جرائم السرقة بالاكراه والخطف والتحرش الجنسي وحمل السلاح بلا سائل عن مسئول.

صُدم الشعب بسبب فشل الاخوان المريع في إدارة مؤسسات الدولة على كافة المستويات حتى وصل الامر إلى اذاعة مناقشات ازمة سد النهضة الاثيوبي - في مؤتمر منعقد بالقصر الجمهوري وبرئاسة رئيس الجمهورية ومن المفترض أنه يخص امن مصر القومي - على الهواء مباشراً ودون ان يعرف الحاضرون!! مما سبب لنا مشكلات خطيرة مع الدول الافريقية!!  فما كان من الرئيس إلا انه اقترح في حديث مذاع على الهواء حل المشكلة بالدعاء لله كي تكفي المياة الجميع!!

صُدم المصريون بسبب محسوبية وانغلاقية الاخوان وسعيهم المسعور لإزاحة كل مسئول غير اخواني وتولية "الاهل والعشيرة" للسيطرة على مفاصل الدولة بهدف "إمتلاك الارض" - كما قال القيادي الاخواني محمود عزت - بصرف النظر عن الكفاءة او الامانة!!

صُدم الشعب بسبب أنانية الاخوان ونبذهم وكراهيتهم لكل من هو ليس من الاهل والعشيرة والطعن في صحة اسلامه فما بالك بالمسيحي. فحاربوا المعارضة السياسية والمثقفين والاعلاميين والفنانين واتهموهم بالكفر والعمالة والخيانة بل وعذبوا النشطاء وقتلوهم. ايضاً مارسوا ضغوطاً على الكنيسة وشنوا حملات للتشهير بها، كما اضطهدوا الاقباط بقسوة، فخطفوا بناتهم وحرقوا كنائسهم وبيوتهم وقتلوهم على الهوية دونما عقاب او حتى تحقيق مع الجناة. كل هذا ادى إلى انقسام وتشرذم المجتمع المصري بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث. مما استتبعه انعدام الاستقرار واستمرار القلاقل.

صُدم الشعب - الذي عاني من ضعف سيادة القانون ايام مبارك -  عندما فوجيء أن الحال اسخم وأضل سبيلاً في ايام مرسي الذي عمل منذ توليه السلطة كي يقضي على سلطة القضاء. فحاصر اهله وعشيرته المحكمة الدستورية لمنع قضاتها من اصدار احكام ببطلان قانونيِّ الجمعية التاسيسية ومجلس الشورى مما يترتب عليه حلهما. في اثناء ذلك اصدر اكثر من اعلان دستوري بالمخالفة لكل الاعراف القانونية. فحصن قراراته ضد المسائلة القضائية وعين نائباً عاماً جديداً وسلق دستوراً عنصرياً في ليلة واحدة ثم تولى تزوير الاستفتاء عليه! وقبل واثناء وبعد هذه كلها ظل يتحدث عن ضرورة احترام الدستور والقانون!!

صُدم الشعب إذ وجد ان مصر صارت مرتعاً للارهابيين، فقد اشار تقرير سنوي نشرته جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية بتاريخ 11 يونيو 2013 إلى أن مصر حلت محل وزيرستان في باكستان كمركز رئيسي لتدريب الجهاديين! وأكد التقرير ان مصر باتت منصة رئيسية للمقاتلين قبل مغادرتهم إلى مالي أو الصومال أو سوريا!!

إذن لا عجب ان يُخطف جنودنا ويصوَرون على اليوتيوب في فيديو مهين وهم مقيدين ومعصوبي العيون ووجوهم للحائط صارخين "ألحقيني يا اما"، ثم يطلب "الرئيس" سلامة المخطوفين و "الخاطفين" وبالتالي لم يضبط اياً منهم!! لا عجب ان يًقتل ضباطنا وجنودنا الصائمون وقت افطار رمضان على الحدود ثم لا يقبض على الجناة حتى الان! لا عجب ان تكون لحماس والقاعدة اليد الطولى في سيناء! لا عجب ان تفتح الدولة رسميا المعابر بين غزة ومصر، وتظل الانفاق تعمل ليلاً ونهاراً في تهريب السلاح والمخدرات وكافة انواع السلع والوقود المحروم منها المواطن المصري والذي يذوق الامرين للحصول عليها! لا عجب ان تُسرق سيارات المصريين لتجري في شوارع غزة بعد ذلك! فحماس والقاعدة والجهاديون هم جميعاً من الاهل والعشيرة!! ولا اهمية للامن القومي لأنه يتعارض مع مصالح الاهل والعشيرة!!

لا عجب إذا هدد الارهابي عاصم عبد الماجد الكنيسة والاقباط بكلمات يعاقب عليها القانون واتهمهم بتهم اخرى بلا دليل في حديث على قناة الناس في 9 يونيو 2013 قائلا - ضمن ما قال: "اذا كانت الكنيسة تخشى على اولادها فلا تضحى بهم يوم 30/6/2013" وبدلاً من القبض عليه، يظهر بجوار الرئيس في "مؤتمر نصرة سوريا" بأستاد القاهرة في 15 ينويو 2013 لأنه من الاهل والعشيرة! لا عجب ان يكفر الارهابي محمد عبد المقصود من سيتظاهرون في 30 يونيو ويحرض ضدهم في نفس المؤتمر وفي حضور رئيس الجمهورية دون خوف من الوقوع تحت طائلة القانون، لأنه من الاهل والعشيرة!

لأجل كل ما سبق واكثر تمرد المصريون.. ولكن هل سيحقق المحتجون ما يريدون؟ متى؟ وكيف؟ وكم هي الكُلفة؟ والسؤال الاهم من سيحكم مصر إذا سقط الاخوان؟ اسئلة يصعب الاجابة عليها اجابات قاطعة، ولكن من المهم الاشارة إلى ان الاخوان فقدوا شعبيتهم بشدة وان لديهم مخاوف حقيقية مما سيحدث يوم 30 يونيو بسبب ضخامة عدد "المتمردين". لذلك شن الاسلاميون حملة اعلامية تهدف إلى بث الرعب في قلوب المحتجين محاولين  إثارة فتن طائفية لتفريق المحتجين بدعوى ان الاقباط هم المحرك الرئيسي لمظاهرات 30 يونيو لأنهم يرفضون الحكم الاسلامي.
ولكن من الناحية الاخرى، لا يظن احد ان الاخوان سيسقطون بسهولة كما سقط نظام مبارك. فلديهم الآن عناصر كثيرة في مواقع قيادية بالدولة فضلاً عن ميلشياتهم المدربة والمجهزة بالسلاح وكذا لحلفائهم من السلفية الجهادية.

هنا تظهر عدة اسئلة حاسمة لإحداث التغيير المطلوب: ماذا سيكون حجم المظاهرات السلمية؟ هل ستكون بالضخامة التي تردع هذه الميلشيات المتطرفة وبالتالي تفقدها القدرة على الحسم وتغيير موازين القوى كما حدث اكثر من مرة في الاونة الاخيرة؟ هل نظمت المعارضة نفسها لإدارة هذه المظاهرات؟ ثم ما هي ترتيبات المعارضة في حالة تنحي الرئيس او سقوطه؟ ماذا عن موقف الجيش خصوصاً إذا طال زمن الاحتجاجات او حدث سفك دماء على نطاق واسع؟ ماذا عن مواقف القوى الاقليمية والعالمية مما سيجرى؟

كل هذه الاسئلة يمكن ان تحسم اجاباتها لصالح الشعب إذا خرج الشعب بكثافة واصر على اسقاط هذا النظام الفاشي الفاشل. وفي تقديري ان المعارضة استعدت جيداً لهذه المظاهرات التي ستكون بكثافة كبيرة تردع المتطرفين عن القيام باي اعمال عنف. المهم هنا ان نذكر امرين: الاول، ان الضغط الشعبي عمل تراكمي يحتاج إلى وقت وليس مجرد يوماً او اياماً، كما أنه يحتاج إلى إدارة سياسة ناجحة. الثاني، أيا كان النظام الجديد سيكون افضل من الاخوان.

بالطبع لن تحل ازاحة مرسي وجماعته مشاكل مصر في القريب المنظور، إلا أن وجود حكومة وحدة وطنية تؤمن بالدولة المدنية وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية وتضع المواطنة وحقوق الانسان نصب عينيها هي خطوة هامة على الطريق الصحيح. ومع هذا فالطريق شاق لأن اي حكومة وطنية قادمة لابد وأن يكون هدفها الاول اعادة هيكلة دولة دستورها باطل ونائبها العام باطل وبلا مجلس تشريعي شرعي، وتعاني من مشكلات اقتصادية وانقسامات مجتمعية وغياب امني وفقدان لهيبة الدولة وتلاشي لسيادة القانون.

اخيراً، كمصريين مقيمين في المهجر كيف ندعم اخواننا المحتجين في مصر؟ في اعتقادي انه يجب علينا فضح السياسات الامريكية المساندة للاخوان في الميديا الامريكية وامام منظمات المجتمع المدني بهدف الضغط على صانع القرار الامريكي. بل علينا الاتصال مباشرة بصانع القرار الامريكي من خلال نواب الكونجرس بمجلسيه. وتنسيق الجهود بين النشطاء المصريين بالمهجر من اجل عمل مؤثر. ايضاً علينا مشاركة اخوتنا في مصر بالاحتجاج امام السفارات والقنصليات المصرية.

اخيراً، علينا ان نصلي من اجل سلام واستقرار وازدهار وطننا مصر.


 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :