بقلم: سعيد فايز المحامي
محكمه .....
سَمعت هذا الصوت الذي رج المحكمة من الحاجب وقف الجميع احترمًا للهيئة القضائية حتى المتهمين في القفص وقفوا، وكان بينهم "رامي عاطف خلة وخاله رأفت خلة" أصحاب معركة الأميرية.
كنت أنظر إلى رامي كانت عينيه زائغة من كثرة التفكير وانتظار القرار وكان لهما (عينه) مفعول السحر فلم أستطع أن أحيد عنهما ولا حتى لثانية واحدة كنت أقرأ ما يفكر فيه وأسمعه أيضًا.
لِمَ أنا هنا؟ وبما سوف أُحكم؟ وعلى أي قانون أو شريعة سوف يكون قرار إدانتي؟
هل سوف أُحكم طبقًا للقانون المصري؟
طبقًا لهذا القانون فأنا لم أقتل هذا الشاب -الذي غرر بأختي- متعمدًا بسبق إصرار أو ترصد، بل كنت تحت ضغط عصبي كبير وإن كنت لم أقتله لكان قتلني هو، فمن المعروف لكل الناس وللشرطة أنه هو وعائلته مما يتاجرون في المواد المخدرة فأنا كنت أدافع عن نفسي وكنت تحت ضغط عصبي كبير، فقد كنت أموت كل يوم منذ هربت أختي معه ورجعت لتسكن في نفس الشارع الذي نسكن نحن فيه وهي مسلمة وعلى يدها طفل السفاح.
كانت نظرات الناس تذيبني كل يوم، كل أنواع النظرات هذه (الشماتة، والإزدراء، والتشفي)، حتى نظرة الشفقة التي كانت توجه لي أُقسم بالله أنها كانت تقتلني كل يوم والذي فعلته إنني ذهبت كي أستعيد أختي ولكنني كنت عُرضة للقتل فأصبحت قاتل.
أم أنهم سوف يحكمونني طبقًا لشرع رجال الصعيد الذي أنا منه؟ حتى لو كان هذا فأنا كنت أُدافع عن شرفي وشرف عائلتي، فأختي التي كانت في حضني وحضن عائلتي هربت وزنت مرتين مرة منهم مع هذا الشاب والأخرى حينما تركت حبنا لها ودينها لتحمل سفاحًا، فأنا رجل ولي عروق تجري فيها الدماء وتغلي أيضًا.
أنا آمنت بأنه "إن ما يؤخذ بالقوة ينبغي أن يُسترد حتى ولو بالقوة، فلماذا الآن تدينوني؟؟؟
أم أنهم سوف يحاكمونني بالشريعة الإسلامية؟ حتى بهذه لا يستطيعوا إدانتي، ولنأخذ بالقياس فقد رأيت أكثر من حادث ولكن المعتدي كان مسلم وليس مسيحي مثلي ودائمًا يكون الحكم مخفف أو مع الإيقاف مثل أحداث الإسكندرية وبني سويف وغيرها الكثير والكثير، ثم إني أخذت المبدأ الذي تؤمنون به (من بدل دينه فإقتلوه).
ولكني لو قتلت أختي إذا لا بد أنكم سوف تحاكمونني طبقًا للمبدأ الوهابي الذي يقول لا يؤخذ دم مؤمن بدم كافر، هذا المبدأ الذي سمح لكل مؤمن بأن يُقطعني إربًا واستحل دمي وإن صرخت وطلبت بحقي أجد من يقول لي أصمت أنت كافر إياك والصراخ.
على العموم حتى لو صدر الحكم بإعدامي فأنا لن أهتم، فقد أعدموني يوم أن شق هذا الشاب صدري وقطع جزءًا من قلبي الذي هو أختي، انهم سبقوه وأعدموني حينما صَورتني الصحف بتوجيه من أرباب الفكر الوهابي على أني سفاح الأميرية صاحب الجريمة المدبرة رغم أن هذا على غير الحقيقة، أعدموني حينما وجدت الأمن ومعاوينهم ورجال الطب الشرعي يقوموا بمسك كل دليل ضدي وينسوا ويغفلوا عن أي دليل في صفي ليجعلوني هذا الوحش، وليتم إرهاب كل من يبحث عن أخته بعد إجبرها على الإسلام.
أنا لم أكن أبدًا فاعلاً بل إني رد فعل لكل الجرائم التي صدرت ضدي (ضد بيتي)، ولكنهم لم يحسبوا يومًا هذا الفعل بل حاسبوني.
وفجأة إنتبهت على هذا الصوت "حكمت المحكمة حضوريًا على كل من رامي عاطف خلة ورأفت خلة بإرسال أورقهم إلى فضيلة المفتي لإرتكبهما جريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد".
وعدت بسرعة إلى عين رامي الذي رسم ابتسامة هادئة وهو ينظر إلى كل القاعة وما أن جاءت عيني في عينه حتى سمعته تقول كلمتها الأخيرة وهي تصرخ صرخة مكتومة "أنا لم أكن أبدًا فعل بل أني رد فعل، حاكموا الفعل وحاكموني ولكني أعذركم فأنا من قبل موت وأنا الآن ميت وغدًا سوف أموت"، وسحب عينه من عيني بهدوء رغم أنه يومًا لم يعرفني وأنا أيضًا لم أعرفه ولكني وجدت نفسي أقول حاكموا الفعل قبل أن تُحاكموا رد الفعل.
تنويه : مقالي هذا من محض خيالي ولكني أقرأ فيه مأساة كل أسرة من من تعرضوا يومًا للأسلمة الجبرية والتغرير ببناتهم.