بقلم: مجدي ملاك
الدبلوماسية عمل راقي يمثل فيه الشخص دولته في مختلف الظروف والأحوال، كما تشمل أهم مهامه في رعاية مصالح الدولة في الخارج ومحاولة تحقيق أقصى استفادة في تطوير العلاقات مع الدولة التي تم إقامة علاقات دبلوماسية معها، ومن المفترض أن يقوم بهذه المهمة أبناء الوطن لأنهم أولى وأجدر برعاية مصالح دولتهم، واختيار هؤلاء يجب أن يستم بقدر من الدبلوماسية بقدر ما يستم بقدر من الشفافية.
وفي القريب ظهرت نتائج الإختبارات التي تعقدها وزارة الخارجية المصرية لتعيين دبلوماسيين مصريين في السلك الدبلوماسي، وكالعادة لم تشمل القائمة الخاصة بأعضاء السلك الدبلوماسي على أي اسم لشخص مسيحي، وحتى لا يمكن أن يفهم البعض أنني أتبنى وجهة نظر طائفية أو ضيقة أو دينية، فأبداً ليس هذا الهدف بقدر ما أسعى لتحليل وتفصيص الواقع الذي نعيشه دون تجميل أو تحيز لا يستند على أي دليل، ولكن حين يكون الواقع أمامك فيجب علينا أن نرصده وبكل أمانه من أجل المعالجة والتأكيد على أن ما يُقال في حب البلاد يجب أن يتحول إلى واقع ملموس يعبر عن ما نسعى لنشرة بالفعل لا أن يكون كلام خالي من أي مضمون حتى لا يكون ما نقوله عبارة عن أمنيات لا تؤدي إلى تحسين واقع مؤلم نعيشه ونلمسه جميعاً في حياتنا.
فهل لا يوجد بمصر كلها شخص واحد مسيحي قادر على تمثيل مصر في السلك الدبلوماسي؟
في الحقيقة أنا أبحث عن أوجه القصور في العديد من الأمور التي لا أجد منطق يمكن أن يحكمها، فليس من المعقول أن الأقباط الذين كانوا أمهر في الطب والهندسة وغيرها من المهن التي أعتقد البعض في كثير من الأحيان أنها حِكر على الأقباط، لا يعقل أنهم أصيبوا بالغباء بشكل مفاجئ لا يستطيعون معه أن يصلوا إلى هذا المنصب الرفيع في الدولة، ومن ثم فأنا لا أفهم هل تتعمد الدولة كسب مزيد من الغُبن في نفوس المصريين من أجل حرمان فئة بعينها من مناصب ترى الدولة أنها لا تستحقها، وحينما رفض العديد من الأقباط فكرة الكوتة ضد مجموعة أخرى كانت ترى أن الحل في الكوتة، بدأت الحكومة تهلل لمن رفضوا الفكرة، وأنا هنا ليس في موقع تهليل أو تهوين أو تهويل ولكن إذا كانت الكوتة مرفوضة، وإذا كان استعمال العدل مرفوض، وإذا كانت محاولة فهم مبررات ذلك الإستبعاد أمر مرفوض أيضاً، إذاً ما هو السبيل للإصلاح الحقيقي من أجل أن يشعر الكل بأنه قادر على تحقيق ما يريد بشرط أن يجتهد فيما يسعى للوصل إليه.
هل تغيرت قيمة مفاهيم ومعايير مثل الكفاح، والإجتهاد، والإخلاص، وأصبحت لا يمكن أن تساوي مفاهيم أخرى في مقابلها مثل ابن فلان، أو هذا لا يستحق نتيجة انتمائه لفئة معينة داخل الوطن؟؟
إنه أمر محزن أن نجد أن نسبة كبيرة من مواطني الدولة لا يُمَثلون في الكثير من المناصب، والغريب أن السبب الذي يمكن أن نقوله في الكثير من الأحيان يتم استبعاده من جانب فئة الأغلبية، فنقوم ونبحث عن أسباب أخرى فلا نجد أسباب أخرى، ولا هم يقوموا بتوضيح تلك الإسباب، والنتيجة هي غياب المعرفة التي يمكن إن وضعنا أيدينا عليها أن نُصلح من أنفسنا حتى نكون قادرين على توضيح الصورة بالشكل المطلوب والمنافسة على كل المناصب التي ترى الدولة أن سبب القصور هو تلك الفئة التي أصبحت غير مؤهلة من أجل احتلال تلك المناصب الرفيعة.
ثقافة الإستبعاد والتهميش التي تصر الدولة على اتباعها مع الأقباط أصبحت غير مفهومة على الإطلاق، كما أن مبرراتها أصبحت أيضاً غير منطقية، وأصبحنا على يقين أن الحل والمشكلة لا تتمثل في الأقباط، ولكن المشكلة الحقيقية هي في توازنات الدولة التي تأتي في كثير منها على حساب الأقباط، ليصبح الأقباط هم الضحية التي تسوقها الدولة في كل الأحيان وفي كل الظروف، ومن ثم أصبح الحديث عن أن الأقباط قاموا بعزل أنفسهم بأنفسهم أمر غير مقبول على الإطلاق ولا ينبغي أن نستسلم لتلك النظرية التي يمكن بمنتهى السهولة تتبعها ومعرفة أنها ليست حقيقية.
إذاً الحل في يد الدولة وليس في يد أحد آخر ولا يجب علينا أن نحاول أن نجد مبررات للدولة على حساب الأقباط، فكما وجدت الدولة حلول لتمثيل المرأة حينما أرادت أعتقد أنه على الدولة أن تبحث عن حلول لتمثيل الأقباط إذا أرادت ذلك. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|