بقلم: نرمين رضا
عانى المواطن المصري خلال الأيام الماضية حالة من الحزن والألم النفسي الشديد والقهر الذي طال الجميع سواء من المثقفين أو الفنانين أو الإعلاميين بشتى وسائل الإعلام المختلفة، في أعقاب الأسلوب العنيف الذي تعامل به الجزائريون مع المشجعين المصريين في السودان وكأنهم في حرب وليس مباراة بين فريقين أحدهم سوف يفوز والآخر لم يحالفه الحظ.
عبّر العديد من الشخصيات العامة والسياسية والإعلاميين عن غضبهم وآلامهم النفسية والبعض البدنية الذين أصيبوا من الجمهور الجزائري بل اصاب المصريين جميعًا وليس من ذهبوا للسودان فقط، وإساءة العلم المصري.
وفي محاولات بعض وسائل الإعلام من إبراز وتوضيح وعرض الفيديوهات التي توضح إصابات الجمهور المصري وهمجية التشجيع الجزائري العنيف، ومن جهة أخرى من نهج أن العرب سوف يرجعون لبعضهم وكأنه لم يحدث شيء على الإطلاق، وفريق آخر ألقى المسئولية على الشعب السوداني والحكومة السودانية، ومن حاول من الأطفال التعبير عن رأية بقدر معرفته، وآخرين من حاولوا إنشاء مواقع أو منتديات تعبر بأسلوب علمي عن تفسير الحدث ككل وتوضيحه للعالم.
انتظر العديد اعتذار الحكومة الجزائرية رسميًا عما حدث أو موقف الفيفا عقب تلك الأحداث، وإن كان الاعتذار لا يكفي، والآن الجميع في حالة ترقب وانتظار تتابع الأحداث وأيضًا انشغال الإعلام والرأي العام بتلك الواقعة التي أحزنت جميع المصريين، وأصبح الاتجاه كليًا لتك الحادثة دون النظر إلى الحياة العادية والمواطن الفقير الذي يبحث عن القوت اليومي.
والشيء المحزن جدًا وأصابني بحالة ألم نفسي شديد حين شاهدت إحدى السيدات تسير أثناء المباراة في الشارع الهادئ جدًا والفارغ من الناس تقريبًا، وبعد عدة أيام شهدتها فتوجهت إليها سائلة: انتِ كنتِ رايحة فين يوم الماتش؟ وإذ بها تحكي لي وأنا لم أفهم شيئًا لأن كلامها غير مفهوم على الإطلاق، فهي تعبر بلسانها الذي لم أفهم منه شيئًا والمتحدث بالعربية وأطراف جسمها الغير متماسكة لإصابتها البالغة، ونهاية قولها فهمت أنها تخشى السير حتى لا يهزء الناس منها أو تتعرض لأي إصابة لصعوبة سيرها ودون اتزان، وقتها تألمت لما شاهدته في تلك السيدة وأن كثرة همها ومرضها وفقرها الشديد جعلها تترك كل شيء وتهتم لأمرها دون أن تدرك أنها تدبر حالها لأن بها إصابة بالمخ أفقدتها اتزانها جعلتها تتأرجح حين تسير. فهي أصابتني بحالة من الإحباط أدت بي لغلق هاتفي والانعزال عن الناس تقريبًا، واتجهت لمتابعة وسائل الإعلام لمواصلة ما يحدث.
انتهت المباراة وعانى المصريون وحاول الإعلاميون باتجاهاتهم المختلفة التعبيرعن غضبهم، وكأن ما يحدث رسالة من السماء للمصريين ككل دون تفرقة مسلم أو مسيحي غني أو فقير الكل على حد سواء، رسالة عامة للجميع لإعادة التفكير ولتوحد المصريين دون النظر بعنصرية وتعجرف وتعصب، لأن في النهاية نحن داخل وطن واحد، نأكل جميعًا ونشرب والضرر الآتي ليس على أحد دون الآخر بل على الجميع، فعلينا الاهتمام بشئوننا الداخلية، وترك متخذي القرار متابعة الأحداث واتباع الأساليب المناسبة بإعلام مثقف يعي ما يقدمه للجمهور المصري.
ونعود للمواطن البسيط الفقير الذي لا يعرف أي شيء وكأنه معزول في عالمة الخاص المحاط بالأمراض والفقر.
إنما غدًا لناظره قريب.