صبرى فوزى جوهره
 
بديهيات يجب الرجوع إليها عند النظر إلى تقاعس الحكومة المصرية الحالية فى التعامل مع الإرهاب المسمى ب"اعتصام"المطززين في ميداني رابعة العدوية و النهضة.
 
أول هذه البديهيات هوان التأخر فى فرض العدالة إنما هو في واقعه ظلم مقيت بدرجة أو بأخرى. و ثانيها هو أن التردد في مواجهة ما هو إرهاب مبين يوحى بضعف السلطة القائمة فى مصر و عدم قدرتها على القضاء عليه مما يدعو الى المزيد من الشر و المعاناة و يتيح الفرص للي يسوى و اللي ما يسواش (توكل كرمان), للتدخل فى شئون مصر الداخلية خاصة ما كان منها ما لا يعنيهم . و ثالثها أن الشعب المصري لم يخطئ فى موعد شم النسيم و طلع ملء طرقات مصر و ميادينها يشمه فى 30 من يونيو و 26 من يوليو بل فعل ذلك بكل عزم و إصرار و وضوح ليعبر عن إرادته في التخلص من المطززين الفاشلين الخونة و رغبته الأكيدة فى التقدم و الرخاء. 
 
كان هذا من جهة,ومن جهة أخرى, علينا الاعتراف بان ليست هناك فى قائمة دول عالم اليوم, بما فى القائمة الولايات المتحدة الامريكية, دولة واحدة تستطيع ان تعزل ذاتها تماما عن ضغوط و مناورات الدول الاخرى مهما صغر شأن هذه الدول. بالتالي يصبح من غير الحكمة السباحة ضد التيار خاصة و ان كانت قوانا خائرة بما جلبناه على أنفسنا من أضرار خلال الستة عقود الماضية. علينا اذن التعامل مع الخارج بلطف لا يخلو من الحزم مع الإيضاح بأننا, كشعب عريق رائد, نعلم تماما ما هو خير لنا و نريد ان نعمل بكل إصرار على تحقيقه كما نرى و بغض النظر عما قد يبدو للبعض في الخارج ممن يدعون الوصاية على" ديمقراطيتنا" و الجزع عليها. أقول ذلك لأننا قد استقبلنا و ربما استوفدنا العديدين من الأجانب للكشف عن "عذرية" مقاصدنا نحو الحكم العادل المنجز السليم و التاكد من سلامتها و عزمنا على الحفاظ عليها. و جاء الحكم فعلا من جون كيرى وزير خارجية الولايات المتحدة, ولو بعد حين, و من لجنة حكماء افريقيا, على سبيل المثال لا الحصر, مؤيدا لشرعية ثورتنا و مناصرا لاهدافها. 
 
ثم قيل ان الولايات المتحدة "لسه مش مستكفيه" و تريد ارسال اثنين من كبار اعضاء مجلس شيوخها, جون ماكين و ليندزى جراهم للاطلاع على ما يجرى فى مصرو اجراء المزيد من الفحوصات فى شأن قضى امره! قيل ايضا ان السيد جراهم بالتحديد يريد ان يتحقق من ان ما حدث فى مصر ليس بانقلاب! لسه برضه بعد كل ده فاكر انه انقلاب! لم يرى او يسمع ما فعلته جموع شعب مصر! و لعله كان تحت تأثير مضغة قات تفضلت بارسالها له فى طرد
 
مستعجل الى واشنطن زائرتنا غير المرغوب فيها او المرحب بها السيدة توكل كرمان! خلاص. يجب ان نوقف عرض هذا السيرك السخيف.فنقول للزوار من الخواجات و غيرهم من لابسى القبعات او الدشداشه و العقال: شكر الله سيعيكم كتر خيركم. كفاية. وفروا على انفسكم متاعب السفر. ثم انه لم يعد هناك من يعتقد فى حسن نيه الولايات المتحده او غيرها حيال مصر اوذلك الجزع المبين على تبنى"الديموقراطية" بها. المسألة لا تعدو سوى توسع استعمارى صرف تؤججه الرغبة الجامحة فى السيطرة على منابع النفط و الخوف المفترض على سلامة اسرائيل و ضمان العبور فى قناة السويس. ليس فى صالح احد ان تستمر ظروف التوتر و عدم الاستقرار فى مصر. و تزيد الولايات المتحدة هذا التوتر سوءا بسياستها الفاشلة التى هى تراكم واضح فى الاصرار على التساط الاستعمارى و التمسك بمشروع قديم ارادت تحقيقه بمزيج من الغطرسة و الجهل و التآمر.بل انه يكاد ان يكون من المؤكد الان ان الولايات المتحدة لم تعد لها اية سياسة محددة مرسومة بعد ان أجهض شعب مصر جهودها المأسوف عليها و عايشة اليومين دول تترنح من يوم ليوم مثل عمال التراحيل. كل هذا بالرغم من ان آية نظره متفهمة للامور تشير الى ان مصالح الجميع, بما فيهم أمريكا و باقي شعوب العالم, ترتبط بشدة بقيام مصر من كبوتها معافاة قوية. و لن يتحقق ذلك سوى بالقضاء النهائي السريع على المطززين. هذا ما قاله شعب مصر المخضرم و العاقل من اتعظ. 
 
من جهة اخرى يجب على السلطة القائمة في بلادنا أن تعلن على الملأ و بوضوح عما اذا كانت قادرة على ازالة بثرتى العدوية و النهضة سريعا ام لا. اما حكاية "حاعد لغاية ثلاثة و ان ما سبتش حافضل اعد" فلا مكان لها مطلقا بعد ان قال المصريون كلمتهم فى هذا الشأن لأكثر من مرة تضاعفت إثنائها معاناتهم من العدوان و الإرهاب و الخيانة الى قدرا يستطيع شعب آخر ان يتحمله حتى أصبح المزيد من الصمت على هذا الامر خارج عن حدود الصبر الجميل و يتعداه الى"التلامه" المنفرة. إما و ان فاق تحدى المطززون قدرة حكومة مصر على مواجهته,فلتتنحى الحكومة نهائيا عن الساحة ليأتى شعب مصر بغيرها على قدر اكبر من وضوح الرؤيا و العزم و الصلابة. ثم انه يجب الا يغفل علينا ان فض تجمعات المطززين لن يكون نهاية المسار بل لعله بلا شك سيكون البدء فى سلسلة أخرى من الإرهاب و حرب العصابات التي سيثيرها المطززون القاطنون فى الجحور بعد أن يتشتتوا في كافة ربوع البلاد, وعلى من نسى او تناسى اومن لا يعلم بجرائم الإخوان في أربعينات القرن الماضي أن يضع ذلك فى الحسبان. مثل هذا التحدي لن تقوى حكومة مهتزة على مواجهته. فان كان هناك بد من وضع هذا الأمر أيضا في الاعتبار: يصبح من المحتم أن تتولى أمور مصر حكومة تتمتع بسلطة واثقة قوية تطرق الحديد قبل ان يبرد. و علينا ان نتذكر أيضا ان ضرب الحديد البارد سيحطم المطرقة. سلطة تنهى المعاناة وتبدأ المسير نحو بناء دولة حديثة يجدر للمصريين الاعتزاز و الفخر بها.
 
و اخيرا, يقترح العبد لله التعجيل و البدء الفوري في محاكمة زبانية المطززين أمام محاكم خاصة من القضاء المدنى فى علنية تامة ليرى العالم المتعاطف و الذى يدعى التعاطف معهم مدى الإجرام و الخيانة و الفشل المؤسف فى ادارة البلاد خلال السنة العجفاء التي بليت فيها مصر بحكمهم.سيكون فى هذا ابلغ الردود على المطالبين "باحتوائهم" فى العمل السياسي في المستقبل و هم من لم يأبهوا للحظة واحدة بمصير ما افترض السذج منا انه وطنهم.لا شك أن المحاكمات العادلة ستبين مدى خطورة و خيانة هذه الجماعة الشريرة الشاردة كما أن ذلك سيعزز المطالبة بعزلها تماما عن الحياة السياسية في المستقبل, بل اننى لا أبالغ أن جاء إجماع المصريين على حل هذه العصابة نهائيا و بلا أسف أو رجعة, فلا مكان لهم في وطن تآمروا عليه و تغاضوا بكامل وعيهم و إرادتهم عن الانتماء إليه.