بقلم: رفعت السعيد
وفيما كان الأستاذ علي فهمي محمد يصدر ترجمته لكتاب الأمير علي الهندي.. كانت مجموعات متعاقبة من النساء المصريات يثبتن أقدامهن في المجتمع المصري.. وخاصة في مجال الحكيمات والتوليد. وبمراجعة دؤوبة في ملفات خدمة الموظفين في دار المحفوظات بالقلعة نجد ملفات عديدة من الرائدات المصريات.
زينب أفندي خير الدين: تاريخ الميلاد 1277 هـ. خريجة المدرسة الطبية عام 1292 هـ عينت حكيمة فور تخرجها وقضت في الوظيفة 24 عاما حتي تمت إحالتها علي المعاش بسبب تقدمها في السن وضعف نظرها. وكانت آخر وظيفة شغلتها حكيمة مستشفي أسيوط وبسبب كفاءتها منحت لقب أفندي.
زينب كامل حسن: ولدت عام 1902 انتهت دراستها الثانوية في مدرسة معلمات السنية ولتفوقها تم ارسالها في بعثة إلي لندن عام 1921 ثم التحقت بجامعة لندن لتتخصص في دراسة الكيمياء وتصبح أول مصرية تحصل علي بكالوريوس في الكيمياء ودبلوم في الباكتريولجي من جامعة لندن 1929. عينت معيدة بقسم الكيمياء بكلية العلوم. وفي نفس العام تم التحاق أول دفعة طالبات بكليات الحقوق والآداب والطب.
اختيرت في عام 1950 لتكون المثقفة العامة للطالبات الجامعيات بالاضافة إلي الاشراف علي بيت الطالبات، وفي عام 1961 عينت خبيرة لشئون المرأة والطفل بجامعة الدول العربية. ثم ملحقة بمكتب جامعة الدول العربية بلندن حتي توفيت عام 1993 وثمة شارع يحمل اسمها في المهندسين حيث توجد مؤسسة للخدمة الاجتماعية تحمل اسمها اقامها ابنها د. طارق علي حسن رئيس دار الأوبرا الاسبق.
أمينة حافظ المغربي: كانت ضمن أول خمس طالبات يلتحقن بأول قسم للمعلمات يفتتح عام 1900 للحاصلات علي الشهادة الابتدائية.
أوفدتها وزارة المعارف في بعثة إلي انجلترا لدراسة تربية الأطفال بمدرسة ستوكول وكانت أول فتاة تحصل علي بعثة خارج البلاد. وتطلب الامر الحصول علي اقرار من والدتها بالسفر للخارج كما سمحت الوزارة بسفر عمها معها علي نفقة الدولة وعندما عادت عينت معلمة في مدرسة عباس للبنات.
وهناك شخصيتان مهمتان في ساحة العمل النسوي والدفاع عن حقوق المرأة عاصرتا هذه الفترة.. هما هدي حاتم شعراوي وسيزا هانم نبراوي وكل منهما تستحق وقفة.
ونبدأ بهدي شعراوي واسمها الحقيقي نور الهدي محمد سلطان ولدت عام 1879 وهي ابنة محمد سلطان باشا وكان واحدا من كبار الملاك العقاريين. وكعادة الاسر الارستقراطية تلقت تعليمها في منزل الأسرة، وتزوجت مبكرا في سن الثالثة عشرة من ابن عمتها علي باشا شعراوي وكان يكبرها بأربعين عاما وكان شرطها لقبول الزواج منه ان يطلق زوجته الأولي.. وحملت كالعادة الارستقراطية اسم زوجها وقد بدأت منذ وقت مبكر في النشاط الاجتماعي فأسست جمعية لرعاية الاطفال عام 1907 وفي عام 1908 نجحت في اقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية وكان زوجها واحدا من نشطاء ثورة 1919 وشاركته نضاله بحماس فأسست «لجنة الوفد المركزية للنساء» وأسهمت في تنظيم أول مظاهرة نسوية التي هزت وجدان العالم والتي حركت مشاعر احمد شوقي بقصيدة شهيرة مطلعها..
خرج الغواني يحججن.. ورحت أرقب جمعهن.
لكن هدي هانم كانت غاضبة من قيادة الوفد لأنها لم تهتم في عملها ولا في برامجها بقضية المرأة، وانتهزت فرصة التظاهرة الهائلة التي استقبلت عودة سعد زغلول من المنفي فأصدرت بيانا حددت فيه مطالب المرأة المصرية.. وهي:
- رفع سن الحد الأدني لزواج الفتيات ليصبح ستة عشر عاما
- وضع قيود علي حق الرجل في الطلاق من طرف واحد
- العمل للحد من ظاهرة تعدد الزوجات
- التوسع في تعليم الفتيات
- العودة إلي خلع الحجاب
وقامت بالفعل بخلع الحجاب أثناء المظاهرة وساندتها في ذلك سيزا نبراوي وقد واجهت في سبيل ذلك هجوما شرساً. وأسست «الاتحاد النسائي المصري» عام 1923 بعد أن يئست من مساندة سعد زغلول وقادة الوفد لحركتها. وأسهمت في تأسيس «الاتحاد النسائي العربي» وأصبحت رئيسية عام 1935. وفي نفس العام اصبحت نائبة لرئيسة الاتحاد النسائي العالمي وحضرت العديد من المؤتمرات النسائية العالمية منها مؤتمر 1923 في روما ومؤتمر باريس 1926 ومؤتمر امستردام 1927 كما اسهمت في تأسيس مجلة «المرأة العربية».
وأصدرت بمشاركة سيزانبراوي مجلة Egyptienne عام 1925 وترجمة بالعربية المصرية عام 1937 وفي إطار الحركة النسوية المصرية كانت تواجهه منافسة يمينية من صفية هانم زغلول لكنها واصلت عملها في إصرار وفي عام 1938 أسست مؤتمرا نسائيا للدفاع عن شعب فلسطين في نضاله للاستقلال ودعت النساء المصريات والعربيات لجمع تبرعات للفلسطينيات والتطوع في التمريض والاسعاف. وفي 29 نوفمبر 1947 وعندما صدر قرار التقسيم الخاص بفلسطين ارسلت خطابا شديد اللهجة الي السكرتير العام للأمم المتحدة احتجاجا علي هذا القرار.. ويعدها بأسبوعين رحلت تاركة لزميلتها سيزا نبراوي مهمة النضال الليبرالي واليساري دفاعا عن حقوق المرأة.