بقلم: بولس رمزي
لقد سافرت الي سويسرا قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر وتعرفت هناك علي احدي الشخصيات السويسريه وكان سؤالي التقليدي المعتاد عليه في مصر هو ان اساله عن  عن ديانته فكان رد فعله علي سؤالي هذا غير متوقعا عندما فوجئت باجابه تحوي علي تلميحا يتهمني بالتخلف والغباء وشعرت بالخجل الشديد من نفسي ولم احصل منه علي اجابه ولم احاول ان احصل منه علي أي اجابه حول هذا الموضوع وتعلمت ان لا اسال احدا في سويسرا بمثل هذا السؤال السخيف مرة اخري 

     عايشت احداث الحادي عشر من سبتمر في سويسرا وفي لحظة الاعلان عن خبر تلك الاحداث كنت بصحبة رجل اعمال فلسطيني في طريقنا من زيوريج الي مدينة فينترتور وورد لنا الخبر  هاتفيا عن طريق احد الاصدقاء ولم استطع ان اخفي خيبة املي ولم يستطع صديقي الفلسطيني اخفاء بهجته العارمه  بتلك الاحداث بالرغم من اننا نعيش في سويسرا وهناك تخوفا من ردود الافعال التي سوف نتعرض لها كوننا كعرب مقيمين هناك الا انه لم يستطع ان يخفي بهجته بالرغم من انه يحمل الجنسيه الامريكيه وزوجته وابناؤه يعشيون في نيويورك الا ان تلك الاحداث اعطته شعورا عفويا بانتصار تاريخيا كبيرا قد تحقق في نيويورك وواشنطن وتوجهنا الي منزلي في زيورخ مسريعين لمشاهدة تلك الاحداث المروعه  وزنحن في الطريق وجهنا لبعض الاصدقاء العرب ان ياتون الي منزلي لمشاركتنا في مشاهدة الاحداث علي قناة الجزيره العربيه وتجمعنا في بيتي مجموعه لاباس منها من العرب المقيمين في زيورخ فتجد بيننا المصري والسعودي والفلسطيني والسوري والاردني والمغربي والسوداني الجميع تبادلوا القبلات والتهاني بهذا الانتصار العربي الكبير الذي تحقق بايادي رجال بن لادن في عقر الدار الامريكي وشربنا جميعا نخب هذا الانتصار علي الغطرسه والكبرياء الامريكي

      وفي المساء خرجت في شوراع زيوريخ لكي اتفقد ردود الافعال في الشارع السويسري ونزلت الي وسط مدينة زيوريخ  وتجولت في شارع بانهوف شتراس ويعتبر من اهم شوارع مدينة زيويخ وهناك لاحظت الوجوم والغضب هما السمه الغالبه علي رجل الشارع السويسري وصلت الي محطة السكك الحديديه في زيورخ التي كانت ومازالت تعتبر من اهم اماكن التجمع والاحتفالات في زيوريخ  كما ان هناك ساعه شهيره تعتبر موقعا يلتقي اسفلها الجميع سواء الاصدقاء او الاحباء او العشاق وكذلك رجال الاعمال ايضا يتواعدون علي التلاقي اسفل هذه الساعه  ولم اجد في هذا الوقت احدا اسفلها وشاهدت في ركنا بعيدا صوره مكبره لبرجي التجاره في نيويورك والطائرات تصطدم بهما وتدمرهما واسفلهما توضع الزهور وتضاء الشموع ويلتف حولها العديد من الشباب والكبار والدموع تنهمر من اعينهما حزنا علي تلك الاحداث وعندما شاهدونني بينهم بملامحي العربيه وتلقيت وابل من الشتائم والاتهامات التي لم استطع الرد عليها سوي بمغادرة المكان فورا حتي لا اتعرض لما لا يحمد عقباه

     اعتذر عن هذه المقدمه الطويله لكن كان لابد وان اروي هذه الواقعه التي عايشت احداثها في اجمل بقعه في العالم تسمي سويسرا التي لم يكن لها وجودا علي خارطة العالم قبل خمسمائة عاما ونيف , اعود بك عزيزي القاري الي هذا الاستفتاء الغريب والشاذ علي منع انشاء المآذن علي المساجد في سويسرا من خلال المحاور التاليه :

المحور الاول : خطورة هذا الاستفتاء
المحور الثاني : ردود الافعال العربيه والاسلاميه
المحور الثالث : الحل الامثل


     مما لاشك فيه ان هذا الاستفتاء يمثل سابقه خطيره من حيث النتائج التي قد تصل بنا الي الدخول الي نطاق الافعال وردود الافعال والمزيد من مخاطر الاضطهاد التي سوف تتعرض لها الاقليات من الجانبين :

المحور الاول : خطورة هذا الاستفتاء
    
      هذا الاستفتاء الغريب الذي يعطي الاغلبيه الحق في التضييق علي الاقليات الدينيه ومنعهم من بناء دور عبادتهم بالصوره التي اعتادوا عليها في بلدانهم الاصليه حيث هذه المآذن لا تمثل شيئا سوي انها اشاره الي ان هذا المني مسجدا فكثير من الغرباء يسافرون الي سويسرا ويبحثون عن مسجدا يقصدونه للصلاه به فبدون هذه المأذنه لم يستطيعوا الاهتداء اليها , في احد البرامج الحواريه علي قناة الجزيره  كان احد ضيوف البرنامج السيد محمد سليم العوا الذي هدد في احدي مداخلاته  بامكان الرد بالمثل علي مثل هذا الاستفتاء علي سبيل المثال باجراء استفتاء في مصر علي مشروع قانون يحظر انشاء الابراج في الكنائس في مصر وان كان هذا الكلام كان بشكلا مغلفا الا انه يحوي علي العديد من المخاطر الجمه نوجزها فيما يلي :


اولا – الاقباط ليسوا جاليه سويسريه في مصر تخضع لمعيار المعامله بالمثل بل هم مصريين متجذرين في الواقع المصري لايمكن ان يعاملوا كجاليه اجنبيه يتم عقابهم ومعاملتهم بالمثل لافعال هم غير معنيين بها ومسئولين عنها

ثانيا – الاقباط في مصر يعانون مما هو افظع من مجرد حظر بناء الابراج في كنائسهم بل هم يجرمون في حال بناء كنيسة لهم دون الحصول علي موافقة رئيس الدوله طبقا للخط الهمايوني الذي يمنع مساواتهم باخوتهم المسلمين في بناء دور العباده

ثالثا – يحظر علي الاقباط الاجتماع من اجل الصلاه في منازلهم ويتعرضون لاحداث في منتهي الخطوره وعلي سبيل المثال وليس الحصر احداث قرية بمها في العياط ومنقطين بسمالوط والعديسات بالاقصر وعزبة النخل وعين شمس بالقاهره وغيرها الكثير والكثير

رابعا – الم يكن الخط الهمايوني الذي يفرض علي الاقباط اشد وطأة واكثر طائفيه من هذا الاستفتاء الذي لم يمنع المسلمين المقيمين في سويسرا من بناء المساجد ولم يحظر عليهم عدم التجمع للصلاة في بيوتهم بل هم يمارسون شعائرهم الدينيه في منتهي الحريه ولا يوجد قانونا يحظر عليهم بناء مساجدهم بل لهم مطلق الحريه في بناء الف مسجدا يوميا لو ارادوا ذلك ؟

المحور الثاني – ردود الافعال العربيه والاسلاميه:

    كان اول رد فعل اسلامي لهذا الاستفتاء في تصريح لرئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب اردوجان عندما طالب العرب والمسلمين بضرورة سحب ودائعهم من بنوك سويسرا وايداعها بالبنوك التركيه وتغيير قبلة السياحه العربيه من سويسرا الي تركيا وتلي ذلك استدعاء الخارجيه الايرانيه للسفير السويسري في طهران لابداء انزعاج الحكومه الايرانيه من هذا القرار السويسري اما بالنسبه للدول العربيه لم يصدر منها أي ردود افعال علي المستوي الرسمي  وللتعليق علي ردود الافعال الرسميه وغير الرسميه من خلال النقاط التاليه :

اولا – بالنسبه لتصريحات السيد اردوجان رئيس وزراء تركيا فهي لاترقي سوي الي ان تكون استخدام العاطفه الدينيه في تحقيق مصالح اقتصاديه لتركيا ولا ننسي قيام السيد اردوجان بمصادرة اموالا وذهبا مهربان من ايران الي تركيا خوفا من صدور أي عقوبات دوليه اقتصاديه ضد ايران تقدر هذه الثروه بثمانية عشرة مليار دولارا امريكيا ولم يراعي السيد اردوجان بان هذه الاموال تخص دوله مسلمه جاره له واودع هذه الاموال ضمن ودائع البنك المركزي التركي فكيف يطمئن العرب والمسلمين علي ودائعهم في تركيا

ثانيا -  حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعاني منها تركيا بسبب مواجهاتها الدمويه مع الشعب الكردي لها اثرا سلبيا علي السياحه فلايمكن للسائح ان يسافر الي بلدا غير مستقرا وبه الكثير من القلاقل وبالتالي فان السائح العربي كاي سائح اخر يسعي الي متعة السياحه وليس الي المشقه والمخاطر

ثالثا – هناك العديد من ردود الافعال الغير الرسميه في مصر والمنطقه العربيه من خلال وسائل الاعلام لاترقي ابدا لوضع تصورا صحيحا للمشكله ووضع حلولا منطقيه لها – فمثلا نجد من يصرح بضرورة ارسال وفودا عربيه واسلاميه لشرح الصوره الحقيقيه للاسلام وتحسين صورته امام المواطن السويسري وهناك من يطالب السفراء العرب والمسلمين المعتمدين بالدوله السويسريه بالاتحاد واتخاذ خطوات جاده ومنظمه من اجل تحسين صورة الاسلام امام الشارع السويسري

رابعا – هناك العديد من المطالبات بضرورة معاقبة سويسرا اقتصاديا ومقاطعة منتجاتها وبنوكها الي درجة طالب البعض بقطع العلاقات السياسيه مع دولة سويسرا وسحب السفراء وطرد سفراؤها في البلدان العربيه والاسلاميه

خامسا - كيف لنا نطالب بمعاقبة دوله مثل سويسرا اتخذت قرارا داخليا خاطئا الا يعتبر ذلك تدخلا في شئون سويسرا الداخليه؟ هل تقبلون مثلا ان تعاقب دول العالم ذات الاغلبيه المسيحيه مصر لانها تطبق الخط الهمايوني في بناء الكنائس ؟ الم يكن ذلك تدخلا في الشئون الداخليه في مصر ونحن دائما نقول التدخل في الشئون الداخليه خطا احمرا؟ هل الخط الاحمر لدينا في مصر فقط ؟؟؟


المحور الثالث : الحل الامثل

    كل هذه الاقتراحات سواء من يرون ضرورة معاقبة سويسرا ام من يرون ضرورة سفر الوفود من اجل تحسين صورة الاسلام امام الشعب السويسري ومن يري ضرورة طبع المنشورات والاسطوانات التي تشرح للمواطن السويسري طبيعة الاسلام وسماحته الا انني اري ما يلي :

اولا – تناسي البعض ان العالم قد اصبح بالفعل قرية صغيره ولم تعد بلداننا منغلقه علي من فيها الان كل العالم يعرف جيدا مايدور في بلداننا من ممارسات فالعالم يعرف ما يدور بالقاهره وما يدور في فرشوط ايضا فور وقوع الاحداث فلايوجد شيئا يمكن اخفاؤه ولتحسين صورتنا امام العالم لايصلح بعمل مؤتمرات وسفر وفود لشرح ابعاد سماحتنا فالكلام الجميل شئ والواقع الذي يراه العالم شيئا اخرا

ثانيا – لكي نحدث العالم عن سماحتنا لابد وان يري العالم بالفعل سماحتنا مع انفسنا اولا داخل بلداننا العالم لابحتاج الي محاضرا يشرح له لكنه يحتاج الي ان يري افعالا علي ارض الواقع

ثالثا –  دائما نري من يتحدثون عن ضرورة سفر وفود تشرح الصوره الحقيقيه للاسلام وتحسين صورته امام شعوب تلك الدول وفي حقيقة الامر  دائما اري الاخوه الذين  يتحدثون عن ضرورة تحسين صورة الاسلام في الغرب بانهم يقعون في اخطاء في منتهي الخطوره لانه في حقيقة الامر الاسلام لا يحتاج الي من يحسن صورته بل نحن في حاجه الي تحسين صورة الانسان المصري سواء كان مسلما او مسيحيا وليس الاسلام ولتحسين صورة المصريين لابد وان تكون من خلال الواقع الذي نعيشه داخل بلداننا لانهم يرون ويسمعون كل مايحدث وقت حدوثه واي مؤتمرات او اقوال تخالف حقيقتنا له مردودا واضافة سلبيه جديده تزاد بها سلبياتنا

رابعا – لابد وان تكون صورتنا نحن اكثر تحضرا مما نحن عليه لابد وان تتحلي صورتنا بقبول بعضنا البعض حتي يمكن للعالم ان يقبلنا