دير البويب بإدفو مازال يعج بالحفائر الأثرية
تحقيق: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
تُعد منطقة دير البويب من المناطق الأثرية القبطية الهامة، وتقع هذه المنطقة علي الضفة الشرقية لنهر النيل جنوب مدينة إدفو بمحافظة أسوان، وهي عبارة عن حصن يقع بداخله دير وكنيسة وقلالي وملحقات أثرية أخرى لخدمة هذه المنشأة، وقد أثبتت الحفائر التي تمت حديثًا في هذه المنطقة أنها ترجع إلى القرن الرابع والخامس الميلادي، أي إلى بداية الرهبنة الباخومية التي انتشرت في صعيد مصر نسبة إلى الأنبا باخوميوس أب الشركة الذي كان يعمل جنديًا في جيش قسطنطين إلى أن اعتنق المسيحية، ونما فى حياته الروحية واعتزل العالم وتتلمذ على يد ناسك اسمه بلامون، وعاش فى حياة الوحدة إلى أن ظهر له ملاك وأعطاه لوحًا به البنود الأساسية لنظام حياة الشركة في الاديرة، فأسس القديس باخوميوس أول دير له حوالي عام 318م، واستمر إنشاء الأديرة منذ هذا العام على المبادئ والتعاليم التي تسلمها الأنبا باخوميوس من الملاك، ومن ضمن هذه الأديرة دير البويب بإدفو الذي اندثر.
ولإلقاء الضوء على هذا الدير التقينا مع "فرج فضة" رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية الذي قال: في البداية أحب أن أعطى القارئ فكرة مختصرة عن مدينة إدفو التي تقع بين مدينتي الأقصر وأسوان والتي كانت لها مكانة بارزة على مر العصور، ففي العصر الفرعوني كانت تمثل عاصمة لإقليم الصعيد حيث اعتبرها المصريون القدماء عرش للإله حورس، وفى العصرالمسيحي كان لها شأن كبير نظرًا لموقعها الجغرافي على ضفاف النيل، حيث ساعدت وجود الصحارى على انتشار المسيحية فتم بناء الأديرة في الصحراء مثل دير الأنبا باخوميوس بحاجر إدفو، ودير الشهداء بالجبل الغربي لمدينة إدفو، ودير البويب بالضفة الشرقية لنهر النيل، أما في العصر الإسلامى فكانت مدينة إدفو معبرًا تجاريًا للذاهبين إلى مكة للحج لذلك نشطت الحركة التجارية والدينية فشيدت المساجد والجوامع ومن أقدامها مسجد العمري الذي عُثر به على لوحة أثرية ترجع إلى العصر الفاطمي.
حفائر زهيدة.. ومساحة كبيرة
ومن جانبه أضاف دكتور "محمد الششتاوي" مدير عام التوثيق الأثري لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى للآثار قائلاً: إن هيئة الآثار سابقًا قامت بعمل حفائر بمنطقة دير البويب في عام 1972م على حساب هيئه سكك حديد مصر أثناء تعديل خط السكة الحديد في تلك المنطقة، ولكن بدأت أول حفائر علمية لهذه المنطقة عام 2003م على نفقة المجلس الأعلى للآثار ومنذ ذلك التاريخ تجرى بها الحفائر بصفة منتظمة سنويًا حتى هذا العام، وما تم من حفائر لا يمثل 20% من مساحة المنطقة التى تزيد عن خمسة أفدنة لذلك تحتاج هذه المنطقة إلى حفائر لأعوام طويلة .
وأشار إلى أن هذه الحفائر كشفت عن الكنيسة الأثرية التي تتوسط هذه المنطقة ونظرًا لتهدم الجدران والأسقف قام الأثريون برفع الأتربة والأحجار المهدمة، وهنا اتضحت العناصر المعمارية للكنيسة التي تتكون من مساحة مستطيلة حيث وجد بها جزء من بدن عامود حجري اسطواني الشكل ليس به أي زخارف، كما وجد الجدار الشرقي للكنيسة والذي يقع به الهياكل الثلاثة، ووجد خارج الكنيسة بجوار جدرانها حوض صخري بعمق واحد متر من الرجح أنه كان يستخدم كمغطس "معمودية"، كما تم الكشف عن مباني أخرى بعض منها كان يستخدم كمخازن لتخزين الحبوب والغلال والبعض الآخر كمكتبات، هذا إلى جانب الكشف عن بوابة الدير التي تأخذ شكل مستطيل وتقع في الركن الشمالي الغربي للدير، هذا بالإضافة إلى الكشف عن الطريق الموصل لأعلى الجبل والمنحدر إلى نهر النيل والذي كان يفصل المبانى الدينية -الكنيسة والقلالي بالجهة الجنوبية- عن المباني الإدارية -المخازن والمطابخ والحظائر بالجهة الشمالية-.
عظام حيوانية.. وأواني فخارية
وأوضح "عبد السلام حسن" مدير عام آثار إدفو أنه تم العثور أثناء أعمال الحفائر على بقايا شقاف فخارية البعض منها مكتوب عليها كتابات باللغة القبطية والأخرى مزخرفة بزخارف نباتية ترجع للعصر القبطي، كما عُثر على عظام حيوانية وعلى قطع صغيرة متهالكة من الأقمشة والمنسوجات الكتابية والصوفية البعض منها مشغول يدوي ومزخرف بزخارف تشبه الصليب، هذا إلى جانب العثور على آنية وأطباق فخارية ومسارج مزخرفه بزخارف نباتية، هذا بالإضافة إلى العثور على عملات معدنية متهالكة وغير واضحة المعالم من النحاس والبرونز وبفحصها تبين أن عليها كتابات باللغة العربية وهذا يدل على أن هذا الدير كان عامرًا حتى العصور الإسلامية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :