بقلم: مادلين نادر
عالم قدير وإداري بارع وعلاقته بعالم السياسة محدودة وحديثة العهد.. تصدر الدكتور محمد البرادعي المشهد السياسي والإعلامي خلال الفترة الأخيرة لأسباب ليس لها علاقة بانتهاء عمله في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها بالجدل الدائر حول إمكانية ترشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المزمع عقدها في 2011.
البداية كانت حينما جاء اسمه ضمن قائمة ترشيحات للشباب المصري عبر الإنترنت والفيس بوك تضمنت الدكتور "أحمد زويل" العالم المصري، و"عمرو موسى" الأمين العام لجامعة الدول العربية، ثم انطلقت حمى الجدل من فضاء الإنترنت إلى داخل الأحزاب التي راح بعضها يؤيد والبعض الآخر يرفض.
فحزب الوفد العريق حيث كان والد البرادعي من قياداته يرفض ويشكك في نوايا البرادعي الابن في الترشيح، بينما بارك الحزب الدستوري الاجتماعي هذه الخطوة وعرض على "البرادعي" الانضمام إليه وتولى منصبًا قياديًا داخله. بينما شن الحزب الوطني هجومًا عنيفًا جدًا على "البرادعي" استخدم فيه كافة الأسلحة ومن بينها ما يدخل في دائرة السب والقذف. أما حركة كفاية وأخواتها فانقسمت على ذاتها بين مؤيد ومعارض.
الدكتور البرادعي تعامل مع هذه المطالب بجدية ومنذ البداية قال أنه يحترمها ولكنه ينتظر إلى انتهاء فترة عمله بالوكالة الدولية لتحديد موقفه ثم حدد مجموعة من المطالب والضمانات يجب توافرها للدخول في الانتخابات هي كما جاءت في بيان له: ضرورة أن تجري الانتخابات في أجواء من الديمقراطية والشفافية ووسط إشراف قضائي كامل، مع وجود مراقبين دوليين من قبل الأمم المتحدة وتنقية الجداول الانتخابية لتكون صادقة وكاملة، وإتاحة فرص متساوية للمرشحين في وسائل الإعلام الحكومي ليتمكنوا من طرح أفكارهم وبرامجهم.
اشترط «البرادعي» أن يتم فتح باب الترشيح لجميع المصريين في إشارة منه إلى عدم وضع قيود على ترشيح المستقلين، وذلك عن طريق إزالة العوائق الدستورية والقانونية المقيدة لحق الغالبية العظمى في الترشيح، مشددًا على ضرورة أن يكون الرئيس القادم توافقيًا يلتف حوله الجميع.
وأكد على ضرورة وضع دستور جديد للبلاد يقوم على كفالة الحريات وحقوق الإنسان والتوازن بين السلطات والمساواة بين جميع المواطنين.
ثم تراجع الدكتور البرادعي –بعض الشيء– وأكد في تصريحات لجريدة "المصري اليوم" مؤخرًا: أنه لن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة من خلال أي حزب سياسي في مصر.
وأضاف: إن رفضه الترشح تحت مظلة حزبية يرجع إلى قناعته التامة بغياب الإطار الدستورى الشرعى الذى يتيح لأى مصرى الترشح لهذا المنصب، مشيرًا إلى أنه سيخوض المنافسة مستقلاً إذا توافرت الضوابط والإجراءات الكفيلة بذلك. وقال إن «دخولي الانتخابات الرئاسية عبر حزب سياسي يعنى أنني أوافق على الإطار المصطنع للممارسة السياسية في مصر، وأنني منحت هذا الإطار شرعية، ووافقت على الدستور الحالي الذي يمنع ما يقرب من ٩٥٪ من الشعب المصري من الترشح لانتخابات الرئاسة لأن أعضاء الأحزاب في مصر لا يزيدون على ٥٪ من تعداد الشعب».
يذكر أن محمد البرادعي ولد في مصر عام 1942، وبعد نيله الإجازة في الحقوق من الجامعة المصرية في القاهرة عام 1962 بدأ حياته العملية موظفاً في وزارة الخارجية المصرية، حيث مثل بلاده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وفي جنيف.
سافر إلى الولايات المتحدة للدراسة ونال في العام 1974 شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من كلية نيويورك الجامعية للحقوق.
عاد إلى مصر في عام 1974 حيث عمل مساعدا لوزير الخارجية إسماعيل فهمي ثم ترك الخدمة في الخارجية المصرية ليصبح مسئولاً عن برنامج القانون الدولي في معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث عام 1980م، كما كان أستاذًا زائرًا للقانون الدولي في مدرسة قانون جامعة نيويورك بين عامي 1981 و 1987.
رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، أواخر العام 1997، وأعيد اختياره رئيسًا لولاية ثانية في سبتمبر 2001 وولاية ثالثة في عام 2005.
في أكتوبر 2005 حصل محمد البرادعي على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنحت الجائزة للوكالة ومديرها اعترافًا بالجهود المبذولة من جانبهما لاحتواء انتشار الأسلحة النووية.
نصَّ القرار على أن الوكالة الدولية ومديرها العام حازوا هذه الجائزة "لجهودهما الهادفة إلى منع استخدام الطاقة النووية لأغراض عسكرية والتأكد من أن الطاقة النووية الضرورية لأغراض سلمية تستخدم بأكثر الطرق أمنًا".
والدكتور البرادعي عضو في عدد من الرابطات المهنية منها رابطة القانون الدولي والجمعية الأمريكية للقانون الدولي .وهو متزوج من السيدة عايدة الكاشف المدرسة بالمدرسة الدولية في فيينا ولديهما بنت تسمى "ليلى" وابن "مصطفى" ويعمل مهندس صوتيات وكلاهما يعمل ويقيم في لندن.