بقلم: عزت عزيز
تناولتُ في الجزء الأول تعريفًا للمذبحة وقلتُ إن قطع الأرزاق هو قطع للرقاب أو بمعني أصح هو الموت بعينه. وسردت ما قاله لي بعض الضحايا ممن خَربت بيوتهم وقُطعت أرزاقهم ومنهم من يدعي لطيف جاد وابنه أسحق وأوضحت حجم الدمار والخراب والنهب والسلب الذي تعرضا له والذي حصد شقى عمرهم على حد وصفهم وخسائرهم التي تعدت المليون جنيه.
وفي هذا الجزء من مقالاتي حول شهادتي لمدى الخراب والدمار الذي أصاب تجار بل ومسيحي فرشوط على وجه العموم أُكمل حديثي حول هذه المذبحة وأحب أن أنوه هنا أن هناك تساؤلات حول جدوى كتابتي لهذه السلسلة من المقالات في الوقت الذي كنت قد وضعت فيديو هذه اللقاءات علي موقع "الأقباط متحدون". ومن يتساءل له كل الحق ولكن أحب أن أنوه لأشياء رأيتها ولم يتم تصويرها وهناك ما سمعتها ورفض من يخبرني بها أن أقوم بتصويره - وله الحق ومطلق الحرية في ذلك - فوددت أن أذكرها في أجزاء متلاحقة ..وفي هذا الجزء أبدأ بما جاء في حواري مع أحد ضحايا الغزوة الهمجية وهو المدعو ميخائيل جرجس صاحب محل كلف وخردوات والذي ذهب لمحله يوم السبت 21 نوفمبر فلاحظ علامة الصليب وقد رسمت علي القفل المتحرك والموضوع على أسفل باب محله ولكنه لم يعط الأمر اهتمامًا كبيرًا ولاحظ أن الأمر تكرر مع باقي جيرانه المسيحيين!!؟ وعندما علم بأن هناك هجومًا قادمًا علي المنطقة التي توجد بها محلاتهم، أغلق باب محله وبعد ذلك علم بتدمير محله حتي كراتين الزراير أخذوها! ويتساءل: ها يعملوا بيها ايه؟ ويجلس الآن بمنزله يضع يده على خده حسب تعبيره.. وتساءل: لماذا كل هذا الاهتمام بموضوع الكورة بين مصر والجزائر ومفيش اهتمام بالكارثة اللي احنا عايشين فيها؟
أما أميل صبري السوداني فهو أيضًا صاحب محل ملابس جاهزة وخردوات فقد تم نهب كل ما بمحله وقدر خسائره بخمس وثمانين ألف جنيه ووضعه قد يكون غريبًا لمن يلتقي به حيث إن الرضاء والقبول لمشيئة الله قد سيطرا عليه. فعند سؤالي له عن توقعه لتلقي تعويضات رد علينا وقال اللي يعمله ربنا زين واحنا تحت سيطرة ربنا مش تحت سيطرة المخلوق وأضاف: جابولنا تعويضات خير وبركة ما جابولناش خير وبركة برضة!! ولما سألته ها تفتح محلك منين قال: من ربنا برضه وولاد الحلال كتير عن ولاد الحرام يعني ها نعمل ايه؟ وقال ها أعمل ايه يعني وقولوا لي على صرفة واحنا نعلمها ونطلب من ربنا انه يصبرنا..
وبلقائي بالأستاذ هاني صليب شاكر وهو صاحب مكتب بيع مستلزمات طبية أخبرني أنه لم يمض علي افتتاح مكتبه سوي عشرين يومًا فخسائره لها شكل آخر، حيث إن الأصناف التي يبيعها غير متداولة، بمعنى أنها تختلف عن أصناف البقالة مثلاً ، مثل الأجهزة التعويضية الخاصة بالمعوقين جسديًا والأربطة وغيره. وقال حتي أوراق المحل من سجل ورخصة أخذوها، وقد اتصل بالأمن حيث إن منزله يبعد عن المحل مائة متر فقط وقام بتصوير كل شيء ولكن لم يتم الاستجابة لطلبه ولم يحضر أحد، فعاود الاتصال مرة أخري ولم يحضر الأمن وأخبرنا أنه لو حاول النزول لمنعهم كان قد قتل .. وصرح بأنه شاهد سيارة شرطة مصفحة تجوب الشوراع وعلى مقربة من الهمج الذين ينهبون المحلات ولكنها كانت تقذفهم بالمياة فقط ثم تسرع بعيدة عنهم!!؟
أما رأفت رمزي ميرهم وهو صاحب محل لبيع مستلزمات الديكور والمعادن فقد اتصل به أخاه ليطلب منه غلق محله لأن هناك أحداث هجمات سوف تصل لمكان محله فأغلقه علي الفور وتوجه لمنزله، وبعد ساعات اتصل به أخاه لكي يذهب لغلق محله الذي تم فتحه بالقوة وتخريبة ونهبه وخاف أن يذهب للمحل لكن والده تشجع وذهب فمنعه الأمن من أن يغلق المحل المفتوح!! ولكن صرخ والده في من يطلق عليهم أفراد أمن وعندها صرح له الضابط ان يغلق محله بعد أن تم نهب وسلب كل محتوياته حتي الستائر المرسوم عليها صور دينية مسيحية أخذوها الهمج ومن يتستر عليهم .. وصرح بأنه لم يمر أكثر من شهر علي افتتاحه لمحله.
وقدر خسائره بستين ألف جنيه وقال إن سبب هذه الهجمات هو الغيرة والحقد علينا كمسيحيين وليس موضوع الولد والبنت هو السبب ولكنه حجة للتخريب والحرق والتدمير ووجه اللوم لمركز فرشوط الذي كان يرى كل شئ وتواطئ مع المهاجمين..
اما كريم فلي جرجس وهو صاحب محل خردوات وإكسسوارت جملة فأضاف أن هناك محلات تم إشعال النار فيهم باكرًا وأنه ظن أن الأمن متواجد ولكن الأمن لم يفعل أي شئ وقال إن فتارين العرض تم تدميرها ونهبها حتى سلم وكرسي المحل أخذوهما .. وقدر خسائره بحدود مائة ألف جنيه عبارة عن بضائع وهناك عشرون ألف جنيه نقدية كانت موجودة بالمحل وهي خاصة بجمعيات مع زملائه التجار.. وطالب بالتعويض عما حدث له وأنه لا يملك مصدر رزق آخر ولدية زوجة وأولاد ويستأجر شقة ومحل وعليه أقساط بنوك وكمبيالات ومحتاج مصدر رزق آخر. وأضاف أنه لا يعرف أي مصدر آخر وهناك مطالبات من الدائنين له والبنوك بدأت تطالبه ولم يعترفوا بأي صور للمحاضر التي قدمها لهم.. ولا يعلم مصيره في البلد؟!
لكن العم / بسوس جرجس وهو من عزبة وزير التابعة للكوم الأحمر فله حكاية أخري وهي أن هناك خمسة بيوت مسيحية بالعزبة - عزبة الوزير - وأضاف أن الغوغاء أشعلوا النيران في البيوت والموتوسيكلات وهناك من قام بإطلاق أعيرة من مسدسات صوت فتم القبض على ابنه وابن أخيه لأنهم حاولوا الدفاع عن أنفسهم وبعد ذلك جاء عمدة الكوم الأحمر واسمه عثمان وطلب منهم أن يتركوا منازلهم بأمر من الأمن!!
والشئ الخطير في كلامه أن المهاجمين كانوا يقولون "عايزين بنات النصارى" ويقولون "الله اكبر" ولما سمع ابنه وابن اخيه هذا حاولوا أن يدافعوا عن بناتي الأربعة فأطلقوا أعيرة من مسدس صوت لتخويف الهمج والغوغاء ولذلك تم القبض عليهم.. وأضاف ان هناك ستة وعشرين منزلاً خاصة بمسيحيي الكوم الأحمر تم تخريبها ونهبها وهجروا كل من فيها ووصل الأمر إلى انهم خلعوا ملابس بناتهم وألقوا عليهم قوالب وحجارة وبدون سبب أو جرم ارتكبناه وطالب بأنه يريد أن يرى ولده وولد إخهه لأنه تم الإفراج عنهما بعد عرضهما على النيابة ولكن تم اعتقالهما بعد الأفراج عنهما لأنهما حاولا الدفاع عن أخواتهم البنات من الاغتصاب..
هذا هو الجزء الثاني من شهادتنا على الجرائم والمذابح التي ارتكبت ضد أناس أبرياء لا ذنب اقترفوه حتى يلقوا هذا المصير والتجويع والتخريب والذبح حتى ولو كانوا على قيد الحياة.. ونلتقي قريبًا في الجزء الثالث وقد يكون الأخير.