بقلم: أشرف عبد القادر
الحج هو أحد الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام،ويعتبر أكبر تجمع إسلامي يشهده العالم في كل عام، وأخشي ما أخشاه أن يحاول الإخوان المسلمين إفساد هذا التجمع الهائل برفع شعار الإخوان المسلمين على جبل عرفات،لتدويل قضيتهم أمام العالم، فقد نقلت بوابة الأهرام بتاريخ 2013/9/29 تصريحاً يقول:" قال الموقع الرسمي لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمون، إن أحد الناشطين على موقع "فيسبوك" لم تكشف عن هويته اقترح فكرة رفع إشارة رابعة على جبل عرفات بصمت بدون ترديد أي هتافات (...)وأضاف الناشط: "جميع القنوات الفضائية ستنقل هذا الحدث، وأن المطلوب هو طبع 500 ألف بوستر لشعار رابعة، وتوزيعه على جميع الجاليات المسلمة، وخاصة المصريين والأتراك والباكستانيين والماليزيين، على أن تساعد في عملية الطبع الجالية المصرية في السعودية وإيصال البوسترات إلى جبل عرفات".
 
والجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية حذرت من إقحام السياسة في المناسك الدينية خلال الحج،وأكدت أن من سيرفع شعار "رابعة"أو يرفع أي شعار سياسي سيتم ترحيله في الحال.
 فقد حاول الإخوان المسلمين إفساد فرحة المصريين والعرب بانتصار أكتوبر المجيد،وبعنادهم العصابي أصروا على التظاهر في هذا اليوم،في تحد سافر للشعب المصري وجيشه العظيم،مما أسفر عن 53 قتيلاً و271 جريحاً،ولنتخيل حجم الخسائر التي يمكن أن تحدث لو حدث نقاش أو جدل أو تشابك على جبل عرفات حيث ملايين الحجاج!
 
الإخوان المسلمين يريدون دائماً خلط الدين بالسياسة لتحقيق مآرب سياسية لا علاقة لها بالدين،أنهم يسخرون الدين ويتاجرون به للوصول إلى السلطة،فقد رفعوا شعار"الإسلام هو الحل" ومبارك في الحكم،وبمجرد وصولهم للحكم أختفي هذا الشعار للأبد.ومخاطر هذا الخلط تتجلى في حالة البلبلة التي يعيشها العالم العربي ومصر الآن،فالدين مقدس،والسياسة مدنس،فكيف يمكن خلط المقدس بالمدنس في حزب واحد؟!
 
الدين يتطلب الطهر والنقاء،والسياسة كما نعرفها "هي فن الممكن"،الدين لا يحث على النفاق والخداع والملاوعة على العكس من السياسة التي تقوم على الميكافيلية حيث الغاية تبرر الوسيلة،وخلط الدين بالسياسة هو تشويه للدين وإضرار بالسياسة،لأن الدين له رجاله وعلمائه المتبحرين في علومه،والسياسة لها فرسانها الذين يجيدون فن الكر والفر حسب معطيات الواقع وحساب موازين القوى الإقليمية والدولية،الدين محله القلب حيث التسليم الكامل للخالق،والسياسة مكانها العقل.
إن استخدام "الدين"في الخطاب السياسي هو سبب الفرقة التي نعيشها الآن،و التى نهى عنها الإسلام، فلا أحزاب في الدين إلا حزب الحق وحزب الباطل. أما في السياسة فالأحزاب السياسية تعد وسيلة فعالة في المجتمع المدني، وتعمل على مشاركة الأفراد في الحكم بواسطة الانضمام إليها، فهي مؤسسات لها دور فعال في حماية المجتمع من الفساد والظلم والديكتاتورية.لذلك لا يجوز لحزب ديني – المنهي عنه شرعاً وقانوناً في التعديل الدستوري الجديد - أن يدخل المعترك السياسي المختلف عنه في الفكر والمنهج.
 
كم كنت أتمنى على الإخوان المسلمين، لو مارسوا نقدهم الذاتي، أن يستغلوا هذا التجمع العظيم ويعلنون رجوعهم عن العنف والإرهاب،ويتوبون إلى الله توبة نصوح،ويطوون صفحة الماضي،ويبدأون صفحة جديدة مبنية على التسامح والعفو والمحبة، فالله تعالى يقول في محكم كتابه:"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل 125)فالله سبحانه وتعالى أمر نبيه(ص) أن يدعو الناس لدينه بثلاث طرق:الحكمة،والموعظة الحسنة، وإذا وصل الرسول (ص)معهم للدرجة الثالثة وهي الجدال فليكن بالتي هي أحسن.
 
أي بكل حب وتسامح ومن حق كلا الفريقين الإحتفاظ بوجه نظره دون ضرر أو ضرار،ولم يأمره باستخدام العنف حتى مع من آذوه،فقال له:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك( آل عمران 159)،فلو كان رسول الله (ص)فظاً وعنيفاً فلن يؤمن به أحد،فهل يقتدي الإخوان المسلمين بسنة نبينا وهو المبعوث رحمة للعالمين، ومن تاب تاب الله عليه،والله غفور رحيم. 
 
فضيوف الرحمن ما جاؤوا للحج من شتى بقاع الأرض  لا لشيء إلا لطلب العفو و المغفرة ،وأداء مناسك الحج بسكينة وطمأنينة،ولا يهمهم إذا كان الجيش أو مرسي على حق أم على باطل،فلا تسيسوا الحج وتوظفوه لأجندتكم السياسية غير مهتمين بإفساد هذه الشعيرة الدينية العظية.
 
فهل سيسبح الإخوان المسلمين ضد التيار وسيحاولون تنفيذ مخططهم برفع شعار رابعة على جبل عرفات ويتحدون السلطات السعودية كما تحدوا السلطات المصرية لإفسد أكبر تجمع إسلامي يشهده العالم؟ هذا ما ستجيبنا عليه الأيام القادمة.