الاقبــــــاط والكــــورة
صورة تعبيرية
بقلم: مايكل ماهر عزيز
تابعت مع الكثيرين يوم أمس مباراة كرة القدم بين المنتخب الوطني المصري ونظيرة المنتخب الغاني في المباراة المؤهلة لكأس العالم ، إنتهت نتيجة المباراة بهزيمة ثقيلة منيٌ بها منتخب الفراعنة أو كما يسميه بعض المتأسلمين " منتخب الساجدين " . هُزم منتخب الساجدين كما يحلو للبعض تسميته ، وتبخر حلم الذهاب إلي مونديال كأس العالم بالبرازيل للمرة الخامسة علي التوالي ، وبهذه النتيجة يتغيب المصريين بالمشاركة عن هذا الحدث العالمي لمدة أربعة وعشرون عاماً ، ويعد ذلك الامر إنتكاسة في تاريخ الكرة المصرية الذي فشل أبناءها في تحقيق أي إنجاز عالمي يتخطئ القارة السمراء .
لست خبيراً بالشأن الرياضي لإتحدث عن الامور الكروية ، ولكن هناك أمراً يشعرني بالاسف كمواطن مصري مسيحي ، هذا الامر يترائ لي عندما أري منتخبات أفريقية وأوروبية عدة تجمع بين صفوفها مواهب رياضية متميزة ، تلك المواهب قد لا تكون من بين أبناء البلد الاصليين أو بمعني أخر لا يدينون بدين الاغلبية ، لكنهم عاشو بتلك البلدان وتمتعوا بجنسيتها وأستخدمت هذه البلدان تلك المواهب الرياضية من أجل أن تمثلها في المسابقات الرياضية العالمية ، ونذكر علي سبيل المثال اللاعب من الاصول البوسنية زلاتان إبراهيموفيتش مهاجم المنتخب السويدي ، مسعود أوزيل لاعب المنتخب الالماني وهو من جذور تركية وزميلة اللاعب سامي خضيرة وهو من أصول تونسية والجزائر الاصل كريم بنزيما لاعب المنتخب الفرنسي ، بالاضافة إلي اللاعبين السود الذين يلعبون بالمنتخبات الاوربية والكثير والكثير .
وكمهتم بالشأن القبطي فقد بحثت عن بعض الرياضيين القلائل من الاقباط الذين تمكنوا رغم الصعوبات بأن يفرضوا موهبتهم علي الجميع ، ومن ضمن هؤلاء الكابتن محسن عبد المسيح كابتن نادي الاسماعيلي السابق ، والكابتن هاني رمزي المحترف السابق في نادي فيردر بريمن الالماني وهذان اللاعبان فقط هما من مثلو الاقباط في لعبة كرة القدم وهذا أمراً مخجلا للغاية ، فعندما تنظر الي عدد الاقباط الذي يقدر بالملايين ولا يخرج منهم سوي نجمين فقط للعب كرة القدم تأكد أنه توجد مشكلة لا أحد يعلم مصدر أسبابها .
هنا تطرح تساؤلات هامة : متي يلعب الاقباط أبناء البلد الاصليين في منتخب بلادهم مثلما يفعل أبناء أقليات الدول الاخري بالتمتع والمشاركة باللعب مع منتخبات بلادهم ؟ ومن المسئول عن إستبعاد الاقباط عن المجال الرياضي ؟
الاجابة علي تلك التساؤلات تلقي علي عاتق المسئوليين الرياضيين العاملين بالشأن الرياضي وعدم اهتمامهم بإكتشاف المواهب المسيحية ، وتقديم تلك المواهب للعب داخل الاندية المصرية ، وتعاني تلك المواهب الرياضية حقيقتاً من عدم الاهتمام الحكومي بها وتشكو من ظلم المسئولين العنصريين الذين يستبعدونهم من تلك الاندية الرياضية ، فتوجد حوادث عنصرية كثيرة عاني منها هؤلاء الناشئين الاقباط الذين أنضموا إلي الاندية المصرية الشهيرة ومنها نادي الاهلي والزمالك .
وسأذكر لكم قصة حدثت بالفعل مع إحدى الشباب المسيحي حديثي السن ، هذا الشاب كان منضم الي إحدي تلك الفرق الكروية ، ويدعي " مينا " وقد أتي موعد اختباره الرياضي بالنادي ونجح الشاب مينا عن جدارة ، ولكن المسئول عن قطاع الناشئين قال بكل عنصرية لتلك الموهبة الناشئة : " انت كويس جدا يا مينا . بس خسارة انتا اسمك مينا " ومينفعش اسم مينا وتلعب ضمن التشكيلة الرئيسية للفريق !! . شعر هذا الشاب بالاحباط الشديد علي تلك المعاملة العنصرية ورغم موهبته الرائعة والجميلة ترك ناديه الرياضي بلا رجعه ، ولم يعد يلعب كرة القدم مرة أخري .
هذه المأساة التي نعانيها قتلت مواهب عديدة كانت من الممكن أن تفيد بلادنا مصر ، فعندما أري الدول الاوروبية والافريقية تستعين بمواهب اللاعبيين ولا تهتم بديانة هذا اللاعب أو ذاك سواء كان مسلم أو مسيحي ، أشعر حينها بالالم والحزن علي الحال الذي وصلنا فيه بمصر ، هذه الحالة هي سر فشلنا في كل المجالات العامة فكراهية الاخر وأضطهاد المختلف معه بالديانة يعد أمراً مخزياً ، ولا يمكن أبدا أن يقود أمه إلي النجاح ، فالكراهية لا تبني الشعوب ولكن المحبة هي سر نجاح الشعوب .
ليس مينا وحده من حدث معه ذلك ، بل توجد مئات الحالات التي عانت من التهمييش والابعاد ، تلك العنصرية الفجة هي إحدي العوامل الرئيسية لفشلنا الرياضي في مصر ، فتوجد مئات المواهب الرياضية القبطية علي مستوي جميع الالعاب قد تم تجاهلها وتهمييشها نتيجة الحقد الطائفي والكراهية التي غزت قلوب هؤلاء الرياضيين العنصريين الذين لا يتمتعوا بالروح الرياضية الحقيقية . فهم لم يعطوا مساحة من الفرصة لتلك المواهب الشابة لتنمو وتبدع ، بل علي العكس قتلوا تلك المواهب بكراهيتهم وتعصبهم الاعمي .
لذا فقد أدرك الشباب القبطي أخيراً ، أنه ليس بإمكانهم اللعب بتلك الاندية الرياضية مرة أخري، فتركوا تلك الاندية وأبتدأو يبحثون عن شيئا أخر بحثا عن وقتاً يقضون فيه أوقات فراغهم ، وهنا جاء دور الكنيسة لتلعب ذلك الدور وتحتوي هؤلاء الشباب المساكين ، ففتحت الكنيسة أبوابها في الصيف ليبدأ ما يسمي : " بالنادي الصيفي " والنادي الصيفي هنا يكون بالاشتراك ويشترك فيه أبناء الكنيسة لممارسة الالعاب الرياضية في محاولة منهم لإيجاد بديلاً عن الاندية الكبيرة التى نظرت إليهم علي انهم مسيحيون ومواطنون من الدرجة التالتة ولا يمكنهم المشاركة معهم باللعب .
مــا هــو الحـــل إذن ؟
يتسائل العديد منا ، ما هو الحل الامثل لإستعياب هؤلاء الشباب القبطي المفعم بالطاقة والحيوية ، هذا الشباب الذي يريد الانخراط في المجال الرياضي بأشكاله المتنوعة ورغم ذلك يواجه عقبات وتحديات واقفة أمام طموحاته ؟
الحل هنا يتمثل في أن يتبني رجال الاعمال الاقباط في بناء مدارس رياضية جديدة ، وذلك بمساهمة وتشجيع الكنائس المصرية والشعب المسيحي علي ذلك ، ويجب أن تعتمد الدولة إنشاء مثل تلك الاندية القبطية التي سوف تفتح أبوابها للجميع دون تمييز لعرقً أو دين ، لتكون تلك الخطوة جزء مهم لبناء المنظومة الرياضية المتهالكة ، تلك الخطوة سوف تفتح أفقاً جديدة وستغذي جميع اللعبات الرياضية برياضيين جدد ومواهب جديدة سوف تسري في عروق تلك الالعاب بأشكالها ، وستكون تلك المواهب قادرة علي التمثيل اللائق لمصر في معظم المجالات الرياضية وفي شتي البطولات الدولية .
من الممكن أن أكون حالماً ، وهذا أمراً لا بأس به ، فلا أحد يدري فمن الممكن أن تتحول تلك الكلمات إلي واقع وحقيقة ، وهذا هو هدفي ومرادي ، هدفي هو أن نحلم ونحلم حتي لا ينقطع الامل فينا فأنا أحلم أن يكون للاقباط فريقاً رياضياً يستطيعون المنافسة به علي البطولات الرياضية ، المحلية منها والافريقية كي نصل بها الي العالمية . هدفي أن أري حنا ومينا يلعب مع محمد وحسين سوياً ، هدفي أن نصل للعالمية مع بعضنا البعض ، لو فعلنا ذلك فمن المؤكد إننا سنتأهل يوماً إلي كأس العالم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :