بقلم: مادلين نادر
أسقفية الخدمات بالكنيسة المصرية التي تعد واحدة من أهم الأسقفيات المتخصصة في خدمة المجتمع والتى تم تأسيسها في بداية الستينيات من القرن الماضي لها دور بارز فى خدمة المجتمع، أما الأنبا صموئيل الذي كان رائدًا للعمل الاجتماعي والوطني حيث كان أول أسقف للخدمات وأنشأ أسقفية الخدمات التي لا تزال تعمل حتى وقتنا هذا في نشاط ملحوظ... وقد كان الأنبا صموئيل مثال للعطاء بلا حدود.

الانبا صموئيل مع قداسة البابا شنودة الثالثبدأ سعد عزيز –الانبا صموئيل– خدمته للآخرين وعطاءه قبل أن يكون راهبًا أو أسقفًا بسنوات، حيث كانت البداية بخدمة المهجر مبكرًا جدًا قبل شيوع ظاهرة الهجرة ذاتها في ستينات القرن العشرين بوقت طويل، ونعود إلى عام 1938 حيث كان سعد عزيز طالبًا بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول –القاهرة حاليًا–، وفي أحد اجتماعات الشباب بكنيسة مارمرقس بالجيزة دخل أحد زملاء الخدمة وهو يواجه مجموعة الخدام في تحد قائلاً [أنتم هنا بتاكلوا بقلاوة وهناك من لا يجد فتات الخبز!] وعندما سألوه في اندهاش عما يعنيه فبدأ يقص عليهم قصة عائلة بأكملها تركت الإيمان في بلدة أوسيم، ولقد تحمس سعد عزيز وزملائه للذهاب إلى تلك البلدة، وهناك قابلهم الأب الكاهن بفتور وأخبرهم أنه يقوم بالخدمة والوعظ ولا يحتاجهم وطلب منهم الذهاب إلى البلاد التي لا يوجد بها كنائس، فبدأت خدمة القرية والمناطق المحرومة التي كانت هي المثال الأول لبلاد المهجر المحرومة أيضًا من الكنائس.
وهكذا التهب قلب الشاب سعد عزيز بالغيرة الصالحة للخدمة في كل مكان يريده الرب أن يخدم فيه سواء في داخل مصر أو خارجها، ولكن ظل اهتمامه الأكبر بالبعيدين والمحرومين ومن ليس لهم إنسان، وهكذا كانت البداية في القرى المحرومة وتبعتها الشرارة الأولى خارج مصر في بلاد الحبشة.

** أسقفية الخدمات والمهاجرين
أما أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية الوليدة التي كان الأنبا صموئيل أسقفًا لها، كان لقسم العاملين في الخارج والمهاجرين مكانًا متميزًا في هذه الأسقفية الوليدة كما كان في قلب أسقفها النشيط الأنبا صموئيل، وأصبحت هذه الأسقفية تعرف باسم أسقفية الخدمات العامة الاجتماعية والعلاقات المسكونية وشئون المغتربين، ولعب الأنبا صموئيل دورًا هامًا ومحوريًا لا يمكن إغفاله في تأسيس كنائس أمريكا وكندا وأستراليا وأوربا والشرق الأوسط ويحتاج تسجيله وحصره إلى مجلدات كبيرة، لكننا سوف نعرض لأهم الخطوات الرئيسية في هذه الخدمة الكرازية في كنيستنا القبطية. كما أصدر نشرة دورية بعنوان (أبناؤنا في الخارج).
وتصف الأستاذة أيريس حبيب المصري المؤرخة المعروفة لقاءات الأنبا صموئيل بالمغتربين بأنها لقاءات حارة امتزجت فيها أحاسيس الفرح الشامل بالصلوات والتسابيح والتهليل الروحي، حيث كان يقوم بخبز القربان المقدس بنفسه وإقامة القداسات الإلهية وغيرها من الصلوات الطقسية.
كان الأنبا صموئيل أسقفًا وطنيًا وتاريخه حافل بالمشاركة في هموم وأزمات هذا الوطن، منها على سبيل المثال ما قد قام به أثناء العدوان الثلاثي على مصر سنة1956، حيث قام بجولات في الخارج لإرسال المعونات الغذائية والطبية للجرحيى والمرضى. كما تولى جمع التبرعات لمنكوبي الحرب والمهاجرين من مدن القناة في 1967, وسعى لإعفاء الإعانات من الرسوم الجمركية لتوزيعها علي المنكوبين، وأيّد طلب وزارة الصحة بشأن التبرع من الخارج بكميات كبيرة من الأدوية بمناسبة حرب الاستنزاف خلال عشر سنوات, وكان عضوًا بلجنة المواطنين من أجل المعركة1970.
اهتم أيضًا الأنبا صموئيل برعاية الفقراء ولكنه كان يعمل بمثل "بدل من أن تعطيني سمكة علمني الصيد"، فأسس مشروع (التدريب المهني) وتخرج منه آلاف الخريجين الذين يعملون في كافة المهن.
وأخيرًا وبعد رحلة كفاح طويلة خدم فيها الكنيسة بكل أمانة وإخلاص, وبذل الجهد من أجل وطنه مصر سقط شهيدًا في حادث المنصة في 6-10-1981.

** الأنبا صموئيل ومحطات حياته:
وُلد سعد عزيز بالقاهرة في 8 ديسمبر 1920م، حصل على ليسانس الحقوق عام 1941، ثم حصل على دبلوم الكلية الإكليريكية 1944 بعدها عمل مدرسًا للإكليريكية بأديس أبابا بالحبشة من 1944 وحتى 1946. رهبنه قداسة البابا كيرلس السادس بدير الأنبا صموئيل فى إبريل 1941م باسم الراهب مكاري ثم أرسله إلى دير العذراء السريان فى عام 1950م مع الراهب باخوم ورسم قسًا في عام 1950م وقمصًا فى عام 1955م كان سكرتيرًا خاصا لقداسة البابا كيرلس، وحصل على بكالوريوس تربية وعلم ونفس ثم ماجستير فى التربية الدينية من برنستون عمل مدرسًا للإكليريكية، أيضًا رئيسًا لقسم الدراسات الاجتماعية للمعهد العالى للدراسات القبطية.
ثم رسمه الأنبا كيرلس أسقفًا للخدمات مع الأنبا شنوده أسقف التعليم يوم الأحد. 3-9-1962 فكان الأنبا صموئيل مؤسسًا لأسقفية خدمات بمصر.. وأضحت حياته مثالاً للنشاط والعمل الكرازي، زار معظم عواصم العالم مقدمًا خدمات جليلة للكنيسة ووطنه، وكان نموذجًا للتضحية من أجل الآخرين بكل بشاشة وسرور، وكان عضوًا فى اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي ومثل الكنيسة في عدة مؤتمرات الخارج، وبعد نياحة الأنبا كيرلس كان ضمن الثلاثة الأسماء التي ألقيت عليها القرعة الهيكلية لاختيار البابا البطريرك..
تنيح الأنبا صموئيل في 6 أكتوبر 1981م عندما كان حاضرًا العرض العسكري مع الرئيس السادات وتعرض للقتل معه.