السيد رئيس جمهورية مصر
تحية طيبة وبعد ،
o عفواً يا سيادة الرئيس ... ولكن أريد أن أعرِّفك بأن قلبى موجوع وحزين ومكلوم !!
o كما أريد أن أحيطك علماً بأن وجع وحزن وأسى قلبى هذا لا يعادل بأى حالٍ من الأحوال وجع وحزن وأسى ولوعة قلوب الآباء والأمهات الذين أُخْتُطِفَت بناتهم القاصرات وغير القاصرات وهم لا يعرفون عنهن أى شئٍ غير أنهن قد ذهبن بعيداً وبلا رجعة ؟!!
o عفواً يا سيادة الرئيس ... ولكننى أسأل أين القلوب والعقول والمشاعر والأحاسيس والعواطف الإنسانية ولماذا لا ترق وتلين أمام عيون الآباء والأمهات التى تقطر دماً حزناً على فلذات أكبادهم ؟!
o عفواً يا سيادة الرئيس ... ولكننى أرى أن المشاعر والأحاسيس قد وُورِيَتْ ودُفِنَتْ فى التراب !! كما أن القلوب قد تحجرت ، والعقول قد تبلدت ، والعواطف الإنسانية قد تجمدت !!
o عفواً يا سيادة الرئيس ، لأن نفسى قد تمررت بسبب هذا الذل والإذلال والهوان والحيرة والشعور بالضياع الذى يعانى منه البعض من أبناء وطننا مصر .
o عفواً يا سيادة الرئيس ... ولكننى أعلم تماماً أن الدولة تحكمها المؤسسات الدستورية والتشريعية كما أعرف جيداً أن المادة 9 من الفصل الأول الخاص بالمقومات الإجتماعية فى الباب الثانى وتحت بند المقومات الأساسية للمجتمع ، هذه المادة تنص على أن الأسرة هى أساس المجتمع ، وأن قوامها هو الدين والأخلاق والوطنية ، كما أن الدولة تحرص على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وعلى ما يتمثل فى هذا الطابع من قيم وتقاليد ، مع تأكيد هذا الطابع وتنميته داخل المجتمع المصرى .
وتساؤلى يا سيادة الرئيس هو عن ماهيَّة وطبيعة هذه القيم والتقاليد التى تحرص الدولة على الحفاظ عليها ؟ وهل تلتزم القيادات والمؤسسات التنفيذية فى الدولة بتطبيق ولو الحد الأدنى من مفاهيم الدين والأخلاق والوطنية عندما تتعامل مع المواطنين وبخاصة فى الأمور التى تتعلق بأمن وأمان الأسرة وكيانها ؟ وهل تُؤْخَذ هذه القيم والمفاهيم فى الإعتبار عندما يستنجد رب أسرة مصرى بالسلطات - المنوطة بحفظ الأمن وبتوفير الأمان لكل فرد - لكى تساعده فى البحث عن إبنته التى أُخْتُطِفَتْ ، بل وعندما يقدم لهذه السلطات كل الأدلة التى تشير إلى أسماء وهويات وعناوين من قاموا بخطفها ؟!
أنا على تمام اليقين يا سيادة الرئيس أنك - كأب ورب أسرة فى المقام الأول - تعلم تماماً ما يعانيه الآباء والأمهات إذا ما أصاب أحد أبنائهم أى علة أو مرض أو مكروه ؟ ناهيك إذا ما حدث لأى منهم ضرر أو أذى بدنى أو نفسى ؟! وبخاصة إذا كان قد حدث لهم رغماً عنهم وبدون إرادتهم الشخصية ؟!
ماذا ستكون مشاعرك تجاه من يختطف أحد أولادك - ودعنى أكون أكثر دقة - وأقول إحدى بناتك !! ذلك لأن الولد حتى ولو كان قاصراً ؟! فهو على الأقل يمتلك من القوة البدنية والعضلية ما لا تمتلكه الفتاة ؟! وهو على الأقل سيستطيع مقاومة من يختطفه ويحتجزه عنوة وقسراً !! أما الفتاة فمن أين لها بالقوة البدنية لكى تدفع بها الأذى والخسة والنذالة عن نفسها وعن جسدها ، وعن عرضها وعفتها وشرفها ، بل وعن إرادتها ؟!
من المؤكد يا سيادة الرئيس أنك لن يغمض لك جفن ولن يهدأ لك بال ولن تستريح نفسك حتى تعود لك إبنتك أولاً - وهذا هو المهم بالدرجة الأولى - ثم بعد ذلك سوف تدع العدالة تأخذ مجراها مع الجانى أو الجناة وأقول الجناة لأنهم غالباً ما يكونوا عبارة عن مجموعة من الأفراد الذين هم بلا دينٍ وبلا أخلاقٍ وحتى بلا وطنية هذه المبادئ التى هى قوام الأسرة بحسب ما جاء فى الدستور !! هذه المبادئ التى ليست فى حاجة إلى دستور لكى يؤكدها !! إذ يكفى أنها مشاعر وأحاسيس آدمية ولكنها للأسف إنعدمت تماماً عند هؤلاء الأفراد ؟!
عفواً يا سيادة الرئيس ... يقينى أنك الآن تعرف تماماً ما الذى قصدته بقولى : ’’ أريدك أن تعرف أن وجع وحزن وأسى قلبى هذا لا يعادل بأى حالٍ من الأحوال وجع وحزن وأسى ولوعة قلوب الآباء والأمهات الذين أُخْتُطِفَت بناتهم القاصرات ولا يعرفون عنهن أى شئٍ غير أنهن قد ذهبن بعيداً وبلا رجعة ؟!! ‘‘
عفواً يا سيادة الرئيس ... ولكن دعنى أذكرك بهذا المثل العامى الذى يقول : ’’ اللِّى إيده فى الميَّة مُش زى اللِّى إيده فى النار !! ‘‘ وأيضاً : ’’ النار ما بتحرقشى إلاَّ اللِّى ماسكها !! ‘‘ والدليل على ذلك هو أنا شخصياً !! ذلك فأنا بعد أن أنتهى من تسطير رسالتى هذه لك ، سوف أتناول طعام العشاء الذى يتكون من كوبٍ من عصير البرتقال مع شريحة من الخبز المقدد وقطعة من الجبن وبيضة مسلوقة ، وربما سأتضايق بعض الشئ إذا كان عصير البرتقال غير طازج !!؟!! وأثناء أو بعد إنتهائى من تناول هذه الوجبة سوف أشاهد نشرة الأخبار على شاشة التليفزيون ، وإذ لم يكن هناك جديداً فى نشرة الأخبار فسوف أبحث عن قناة أخرى ربما تعرض أحد الأفلام المصرية القديمة ؟! وإذا لم أجد ما يروقنى منها فسوف أقوم بإغلاق جهاز التليفزيون وأطالع أحد الكتب ثم أذهب إلى فراشى ، ولكن الأهم قبل ذلك هو أننى سوف أقوم بإجراء بعض المكالمات التليفونية مع أولادى لكى أطمئن عليهم وعلى أحوالهم قبل أن أخلد إلى النوم ، ذلك لأننى لن أستطيع أن أنام قبل أن أتأكد أنهم بخير وأنهم لم يتعرضوا لأى شئ يضايقهم خلال اليوم ، وأن كل أمورهم تسير على ما يُرام ؟!
وعلى ذلك فإن وجع وحزن وأسى قلبى هذا لا يساوى الوجع والحزن والأسى الذى يعيشه الآباء والأمهات الذين أُخْتُطِفَت بناتهم القاصرات ، ومن المؤكد أن الجبن والبيض وعصير البرتقال - طازجاً أو غير طازج -والأكل عموماً أصبح لا يعنيهم ولا يهتمون به !! فهم لا يستسيغون طعم أى شئ ؟ لأن الحياة بالنسبة لهم قد أصبحت أكثر مرارة من العلقم فى حلوقهم ، كما أن النوم لا يعرف طريقه إلى جفونهم بعد أن أصبحوا لا يعرفون أين أُخذت منهم بناتهم فلذات أكبادهم رغماً عنهم وعنهن ؟!! وبعد أن أصبحوا معرضين للإهانة والضرب بل والحبس إذا ما فكروا فى الذهاب إلى أقسام الشرطة لكى يطلبوا المساعدة فى البحث عن بناتهم !!
عفواً يا سيادة الرئيس ... فأنا متأكد وعلى تمام اليقين أنك أيضاً تهتم بكل ما يتعلق بأولادك ، وأيضاً أنا متأكد وعلى تمام اليقين أن كل الآباء وأيضاً الأمهات فى أى مكان وفى كل مكان فى العالم هم على شاكلتنا وبخاصة فيما يتعلق بأولادهم وبناتهم ، بل وحتى الآباء من الذين هم بيدهم مقاليد وسلطات الضبط والربط والحفاظ على أمن وأمان المواطنين ، وأيضاً هؤلاء الذين يقومون بالتحقيق فى وقائع الجرائم المختلفة التى منها جرائم الإختطاف والتهديد والإغتصاب الجنسى وهتك الأعراض وغيرها من الجرائم التى يندى لها جبين الإنسانية !! هؤلاء منهم أيضاً آباء يحرصون كل الحرص على الإطمئنان على كل ما يتعلق بأولادهم وبناتهم الذين هم من أصلابهم ومن لحمهم ودمهم !! ولكن ماذا عن هؤلاء البنات القاصرات وحتى غير القاصرات منهن ؟؟ وماذا عن ما يعانيه آباؤهن وأمهاتهن من ألم ومن حزن وأسى ولوعة عليهن وعلى مصيرهن المجهول تماماً بالنسبة لهم ولكنه معروفٌ يقيناً بالنسبة للذين بيدهم زمام الأمور والتحقيق فى قضايا الإختطاف ؟؟!!
يا سيادة الرئيس ... إن هؤلاء الآباء والأمهات الذين فُجِعُوا فى بناتهم فلذات أكبادهم ، هؤلاء ليست أياديهم هى فقط التى فى النار ، وليسوا هم يمسكونها فقط ؟! بل إن نار اللوعة والحزن والأسى والمرارة تحرقهم بكاملهم فى كل لحظة يعيشون فيها !! وصدقنى يا سيادة الرئيس أنهم يتمنون لو لم يكونوا على قيد الحياة حتى لا يرون مثل سواد وحلكة تلك الأيام وفظاعتها وقسوتها عليهم وعلى بناتهم !!
عفواً يا سيادة الرئيس ... وها نحن على وشك الإنتهاء من نهاية عامٍ من عمر الزمان ؟! وها هو العالم بأسره يستعد للإحتفال ببداية سنة جديدة ، نرجو ونأمل أن تكون ملآنة بالسعادة والبهجة والسرور لكل إنسان ؟! وأن تسعد كل القلوب بالسلام والفرح والإطمئنان ؟!
وها أنذا وكلى أمل ورجاء وثقة فيك يا سيادة الرئيس أجد أنك تستطيع أن تجعل السعادة والبهجة والسرور وأيضاً السلام والفرح والإطمئنان ، هذه كلها وغيرها من الأمنيات الطيبة تستطيع أن تُعيدها إلى قلوب هؤلاء الآباء والأمهات مرة أخرى عندما تُعِيد لهم بناتهم اللائى أختطفن عنوة وقسراً ؟! فقط - وبمشاعر الأب الذى يحتضن أولاده وبناته - فقط أَعط أوامرك الفورية والصريحة والمباشرة بإعادة كل فتاة قاصرة أو غير قاصرة - إلى أحضان أبويها لكى يفرحوا ، ولكى نفرح وتفرح قلوبنا جميعنا معاً .
سيادة الرئيس .... أثق أنك تستطيع .
وتقبل إحترامى وتحياتى .