بقلم :أسامه سلامه
أخطر ما يحدث في الشارع السياسي المصري الآن ، هو الانقسام داخل حركة تمرد ، والذي وصل إلى حد الاتهامات المتبادلة بالفساد وتلقى أموال من جهات وشخصيات في الداخل والخارج .الانشقاقات التي حدثت بين شباب تمرد تصب في النهاية لصالح الإخوان ، ومن المؤكد ان أعضاء الجماعة والمناصرون للرئيس المعزول محمد مرسى يتلقفون بسعادة بالغة الضربات المتبادلة بين أعضاء الحركة ، ويروجونها باعتبارها ضربة قاسمة للمجموعة التي أخذت على عاتقها مبادرة الخلاص من حكم الإخوان ، وفتحت الباب أمام باقي القوى السياسية للانضمام إلى حملتها في التمرد على مرسى وجماعته.
كثير من الأحزاب السياسية والشخصيات العامة لم تكن تتصور ان حملة هؤلاء الشباب ستلقى قبولا واسعا لدى المواطن المصري ، وان التفاعل معها سيكون بكل هذه القوة التي وصلت إلى عدة ملايين ،بل ان بعض السياسيين الكبار رفضوا في البداية التوقيع على استمارة تمرد ، وعندما شاهدوا بعد ذلك الإقبال الشعبي على الانضمام للحملة ، أسرعوا بالتوقيع أمام كاميرات التصوير.
ولعل احد أسباب هذا الحماس الجماهيري ، هو ابتعاد السياسيين التقليديين ، والنخبة جميعها في البداية عن الحملة اعتقادا منهم بعدم قدرتها على الاستمرار والنجاح ، وظهور مجموعة من الشباب البرئ في صدارة المشهد ، مما أعطى الحملة مصداقية لم تكن ستحصل عليها لو كان تبناها منذ البداية السياسيون المخضرمون الذين يختلف عليهم الشارع.
بل ان وجود هؤلاء كان سيشعل الخلافات ، ويثير التحفظات التي كانت ستؤدى إلى ابتعاد بعض القوى السياسية عن المشاركة في ثورة 30 يوليو ، وامتناع عدد غير قليل من المواطنين البسطاء عن التوقيع على الاستمارات والنزول إلى المظاهرات، كانت طهارة هؤلاء الشباب وإخلاصهم سببا رئيسيا في اقتناع الناس بهم ، حتى ان المواطنين من فرط حماسهم كانوا يصورون الاستمارات ويوزعونها على أصدقائهم وأهلهم وجيرانهم.
الكل كان متأكدا من صدق هؤلاء الشباب وحسن نواياهم ، ووطنيتهم الغامرة ، وحبهم لبلدهم ، وخوفهم عليها ، وبسبب عدم وجود الأطماع والمنافع الرخيصة ، نجحت الحملة ، وأدت دورها في لم جمع المواطنين الغاضبين من الإخوان وحشدهم ، ولولاها لظل الجميع متفرقا ، وربما يائسا من القضاء على الجماعة وإبعادها عن الحكم.
ولهذا حاول الإخوان طويلا تشويه هؤلاء الشباب ، اتهموا قادتها بكل اتهامات العمالة وتلقى الأموال من الخارج ومن بعض فلول نظام مبارك ، إلا ان المواطن بحسه الشفاف ، أدرك سذاجة الاتهامات فكذبوها وصدقوا الشباب.
ولكن قادة تمرد أعطوا إلى الإخوان ما كانوا يتمنوه ، وصنعوا بأيدهم ما فشلت فيه الجماعة ،وشوهوا أنفسهم بأنفسهم ، ولم يجدوا من ينصحهم بوقف الحرب الأهلية بينهم ، ووقفت النخبة تتفرج عليهم ، وربما سعد بعض السياسيين بما وصلت إليه الحركة ، فقد كانوا يخشون ان يسحبوا البساط من تحت أقدامهم ، وان يظهر جيل جديد نظيف يحبه الشعب ويثق به.
الآن الواجب على كل وطني محب لبلده ان يسعى لوقف هذه الخلافات ، وإنهاء معركة الاتهامات المتبادلة بين قادة تمرد ، وان يعمل على إعادة الوجه الجميل لهؤلاء الشباب الذي يكاد يتشوه ، أما إذا تركناهم ، فان الفائز الوحيد مما يحدث هم الأخوان ، وسيكون الخاسر الأكبر هو الوطن.