عرض: مادلين نادر
"قبل أن يصبح بمقدورك أن تعلم أطفالك عن الجنس أو تجيب عن أسئلتهم، عليك التأكد من أنك نفسك تعرف الحقائق"، هذا ما بدأت به الكاتبة "جريس هـ . كيترمان" كتابها عن الثقافة الجنسية بعنوان "أطفالنا والثقافة الجنسية – دليل لا غنى عنه للوالدين"، وهو الكتاب الذي أصدره مركز بيت الحياة للنشر مؤخرًا باللغة العربية وقام بترجمته إلى العربية نكلس نسيم سلامة.
الكتاب يأتي في 302 صفحة من القطع المتوسط، ويقدم دليلاً إرشاديًا للوالدين في كيفية التربية الجنسية لابنائهم بشكل مبسط، حتى لا يحيط بهذا الموضوع هالة من الغموض في عيون أطفالهم تجعلهم يلجئون لمصادر معلومات أخرى غير موثوق بها، مما يؤدي إلى تكوين مفاهيم خاطئه لديهم عن الزواج والعلاقة الحميمية بين الزوجين، مما يؤثر سلبًا على حياتهم الزوجية في المستقبل. ونظل في حلقة مفرغه من الغموض والمشكلات.
يؤكد الناشر عادل فرج "مدير مركز الحياة" في مقدمه الكتاب على اهمية أن يأخذ الآباء والأمهات أدوارهم بجدية في التربية الجنسية لأبنائهم، لأن إهمال هذا الدور قد يكون معناه انحرافًا جنسيًا بكل صوره وأشكاله، وبخاصة مع ظهور صور عديدة لانتهاك براءة الأطفال في العصر الذي نعيش فيه.
يحتوي الكتاب على جزئين، الأول عن مواقف الوالدين ويتضمن خمسة فصول تناقش كيفية استخدام الشخص لعقله حتى يستطيع أن يتعرف على سبب المشكلة أو الأفكار المغلوطة التي ترسبت لديه منذ طفولته عن الجنس، كذلك التعرف على بعض المعلومات الضرورية عن جسم الإنسان والأعضاء الجنسية ووظائفها بالنسبة لكل من الرجل والمرأة.
أما الجزء الثاني من الكتاب بعنوان: تدريب الوالدين، ويتضمن العديد من القضايا المهمة والجوهرية في مسألة الثقافة الجنسية لأطفالنا، فيبدأ الفصل السادس بالإجابة على تساؤل مهم يحير الكثير من الآباء والأمهات وهو: كيف تعلم طفلك الثقافة الجنسية في مرحلة الطفولة المبكرة؟ فيجب أن يفكر الوالدين في كيفية تثقيف أبنائهم جنسيًا منذ طفولتهم. وتقترح الكاتبه بعض الأمثلة البسيطة للبدء في تثقيف أطفالنا جنسيًا، مثل أن نأخذ طفلنا في رحلة إلى إحدى المناطق الطبيعية (منتجع أو حديقة حيوان...إلخ) و نجعل الطفل يشاهد بيض الطيور والحيوانات والطيور الصغيرة. وهذا بالتاكيد سيمثل جزء من المفهوم العام للجنس لدى الطفل.
فكر أن تبدأ منذ ميلاد طفلك واجعل من تعليم الثقافة الجنسية عملية مستمرة، فهذا ينهي الضغط الخاص بتخصيص وقت تقول فيه كل ما تستطيع قوله وتنهي الموضوع، فهذا التوجه بكل تاكيد خاطئ جدًا، وتنبه الكاتبه الوالدين إلى أن يكونوا يقظين ويستمعون إلى اهتمامات أطفالهم، فإن سؤال أو حتى نظرة استفهام قد تكون مؤشرًا على أنه حان الوقت لمرحلة أخرى لكلامك مع طفلك عن الجنس. ولكن يجب أن يتذكر الوالدين دائمًا أن لا يقولوا سوى ما يكون الطفل على استعداد لسماعه واستيعابه، ومن الأفضل أن نتكلم إلى أطفالنا قليلاً وببساطة وبشكل مباشر بحيث يستطيع الطفل أن يفهم مع دعوته لمزيد من المناقشة في وقت لاحق.
تشرح الكاتبه بالتفصيل ما الذى يجب أن يفعله الوالدين منذ ميلاد الطفل حتى يقوموا بتثقيفه جنسيًا بشكل جيد ويعطونه انطباعًا جيدًا عن جسده، فمثلاً حينما نجد الوالدين طفلهم الصغير الذي لم يتعد عمره أكثر من عام وهو يكتشف أعضاءه التناسلية مثلما يحاول اكتشاف باقي أعضاء جسمه فإن الرد السريع من بعض الآباء على هذا التصرف قد يكون ضرب الطفل على يديه وتعنيفه، وهذا تصرف خاطئ جدًا. فالوالدان الأكثر وعيًا ربما يكتفيان بالإسراع ولكن بمزيد من الرقه بصرف انتباه الطفل في أي شيء آخر.
وحينما يبلغ الطفل السنة الثالثة أو الرابعة من عمره فقد يتساءل إذا كانت الأم حامل، ويقول: لماذا بطنها كبيرة؟ أو من أين سيأتي أخي؟ فهذه تعد فرصة عظيمة للوالدين ليتحدثا ببعض التفاصيل عن الحمل لطفلهم، فمثلاً يقولون له أن بيضة صغيرة جدًا داخل الأم اتحدت بشيء مماثل من الأب وظلت هذه البيضة تكبر في مكان داخل جسم الأم اسمه "الرحم"، وهو يشبه جيبًا لينًا دافئ لتكون فيه هذه البيضة في أمان وتتغذى من خلال جسم الأم.
وتضيف الكاتبة أن الوالدين سوف يرتكبوا بالتأكيد بعض الأخطاء في عملية التعليم هذه برمتها، ولكن يبقى الخطأ الوحيد الذي لا يُغتفر هو الصمت، ذلك لأن مناقشتكم لأطفالكم والاستماع إليهم وتعليمهم بصفة أساسية هي مسئوليتكما كوالدين.
تناقش الفصول الأخيرة من الكتاب بعض الموضوعات المهمة، منها.. ما هي الأمراض الأكثر شيوعًا التي قد تنتقل عن طريق العلاقة الجنسية مثل "الترايكوموناس" والإصابة الفطرية بالكانديدا والهربس، بالإضافة إلى الزهري وهو مرض قديم وقبل اكتشاف المضادات الحيوية كان هذا المرض مثل الإيدز هناك صعوبة في الشفاء منه.
كذلك يوجد فصلاً كاملاً عن الجنسية المثلية أو الشذوذ كما يطلق عليه، وهذا الأمر ليس بجديد، ففي العهد القديم كان يُمارس من أيام ابراهيم ولوط، أما في العهد الجديد فقد أُدين الشذوذ الجنسي بوضوح على أنه خطيه وذلك في رسائل القديس بولس.
أما فيما يتعلق بحماية أطفالنا من التحرش والإيذاء الجنسي من قبل الأقارب أو أصدقاء الأسرة، تقول الكاتبة: يتوجب على الوالدين أن يكونا على معرفة بالأقارب المتواجدين حول الطفل وأن يراقبوا رد فعل طفلهم معهم من حين لآخر حتى يكتشفا إذا كان الطفل يتعامل بنوع من الخوف والريبة من أحد الأشخاص المقربين أم لا. وإذا كان لدى الوالدين شكوكًا شديدة تجاه شخص بعينه فعليهم منع الطفل من أن يكون وحيدًا مع الشخص الذي في موقع الشك. أيضًا من الأهمية بمكان متابعة جلساء الطفل داخل المنزل وكيف يتعاملون مع الطفل وما هو رد فعله تجاه جليس الأطفال، فهذا يعد مؤشرًا أيضًا إذا كان جليس الطفل لديه ميول جنسية غير سوية ويحاول ممارستها مع الطفل أم لا.
أخيرا يشير عادل فرج في نهاية الكتاب إلى أن مركز بيت الحياة يهدف إلى تقديم كل ما يبني الإنسان ويدعمه ويساهم في تطوير حياته وتقدمه، لذلك وضع الناشر بريدًا إلكترونيًا يمكن للقراء من خلاله أن يقدموا مقترحاتهم وآرائهم حول الكتاب وأفكارهم التي ترد وذلك من أجل تقديم كل نافع وجديد.
البريد الإلكترونى هو: houselifebooks@gmail.com