بقلم: بولس رمزي
ضجيج إعلامي عربي تثيرة حملات إعلامية منظمة ضد مصر، وكثيرًا ما أوضحتُ في مقالاتي أن الحملة الإعلامية الشرسة المنظمة ضد مصر إبان الحرب الإسرائيلية على غزة منذ عام مضى عليها، لن تكون آخر الحملات، بل ستتوالى الهجمات الإعلامية ضد مصر بوتيرة متصاعدة، ولن يهدأ لهؤلاء الموتورين بالٌ ولن تهدأ أحقادهم إلا إذا سقطت مصر كما سقطت في عام 67 من القرن الماضي.
 حتى عندما سقطت مصر وهُزمت في حرب يونيو لم تسلم مصر من شماتتهم ولا يفوتني أن أقتبس من مذكرات الشيخ القرضاوي عندما قال أن فضيلة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي أقام صلاة شكر لله على الهزيمة التي منيت بها مصر في حرب يونيو 67، لأن هذة الهزيمة بمثابة انكسار لنظام عبد الناصر وتوجهه الكافر من وجهة نظر فضيلة الشيخ الشعرواي.

ولمناقشة أبعاد هذا الموضوع، يجب أن نتعرض للمحاور الأتية:
أولا -  سيادة القرار المصري.
ثانيا -  أهداف الحملة الإعلامية.
ثالثا – وهن الإعلام المصري.

من الطبيعي أه لأي دولة في العالم الحق، كل الحق، في سيادتها على أراضيها، ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تملي عليها ما يجب أن تقرره، والغريب في الأمر أن جميع هؤلاء السادة الذين يوجهون انتقادات لاذعة لمصر، يعلمون جيدًا أن هذا حق مصري أصيل،  لكن الغريب في الأمر أيضًا، أنهم يستخدمون مصطلحات عاطفية بغرض تشوية حق مصر في سيادتها على أراضيها، أما الأغرب في الامر،  هو أن نجد أن المواجهة في منتهى الغرابة عندما يقع إعلامنا في نفس الأخطاء التي وقع بها في العام الماضي، ولم يتعلم الدرس ولم يُجِد فنون المواجهة الإعلامية، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على ضعف ووهن وفقر إعلامي داخل المؤسسة الإعلامية المصرية.

المحور الأول: سيادة القرار المصري: 
يواجه القرار المصري الكثير من التحديات على أكثر من محور للضغط على القرار السيادي المصري من أجل إجبار الحكومة المصرية وإرغامها على العدول عن قراراتها السيادية ووضعها في حالة انكسار ومن بين هذة التحديات مايلي:

 1-    قافلة شريان الحياة: قبل أن تتحرك هذة القافلة متوجهة إلى غزة، أرسلت للجانب المصري طلبًا بالسماح لها بالدخول إلى غزة عبر معبر رفح، وكان الرد المصري بأن مصر لا تمانع من مرور هذة القافلة عبر معبر رفح إلى غزة لكن بشرط أن يكون هذا من خلال ميناء العريش البحري – إلا أن القافلة أرادت وضع مصر في حرج إعلامي والضغط عليها للعدول عن قرارها باستقبال هذة القافلة عبر ميناء العريش وأن تتوجه إلى ميناء العقبة الأردني وأن تكون مسيرة هذة القافلة عبر ميناء نويبع – وفي مشاهدة أحد البرامج في إحدى القنوات العربية الموجهة ضد مصر، شاهدت وسمعت إحدى عضوات هذة القافلة تصرح للقناة التليفزيونية بأنهم سوف يرغمون مصر على قبول استقبالهم من خلال ميناء نوبيع وسوف تقبل مصر شروطهم وهي صاغرة –  وفي اختبارٍ قاسٍ لقوة القرار المصري، واجهت مصر ضغوطًا سياسية وإعلامية رهيبة، إلا وإن فشلوا في أثناء مصر عن قرارها وهنا أنا أثني على وزارة الخارجية المصرية لصلابتها المنيعة أمام كل ما تعرضت له من ضغوط سياسية وإعلامية.

 2-    الإنشاءات الهندسية المصرية على الحدود مع قطاع غزة: كم عانت مصر من تلك الأنفاق الممتدة بين مصر ورفح تحت باطن الأرض عندما يمتد ألف نفق على حدود طولها لا يتجاوز أربعة عشرة كيلو مترات؟ فإننا أمام نفق كل خمسة عشرة مترًا، إنها فوضى الأنفاق التي في حقيقتها باطل يُراد به حقًا وللوقوف على فوضى هذة الأنفاق، علينا توضيح ذلك من خلال مايلي:

 أ‌-  باعتراف القيادي في حماس الأخ محمود الزهار على الفضائيات أن حماس تستخدم هذه الأنفاق من أجل تهريب الأسلحة إلى غزة وهنا نحن أمام أحد أمرين:

  الأمر الأول: حيث إنه لا يوجد في مصر تجارة للأسلحة والمتفجرات وأن هذه الأمور في قبضة الدولة، فهناك احتمال تورط الدولة بإمداد حماس بالأسلحة من خلال هذة الأنفاق، وهذا الاحتمال مستبعد بطبيعة الأمر، لكنه أعطى إسرائيل الحجة على الحكومة المصرية بأنها ضالعة في إمداد حماس بالسلاح من خلال هذه الأنفاق ومطالبتها للمجتمع الدولي بوضع رقابة دولية على الحدود المصرية مع قطاع غزة، الأمر الذي رفضته الحكومة المصرية شكلاً وموضوعًا.

 الأمر الثاني: أن يكون هناك شبكة دولية تقوم بتهريب الأسلحة عبر الحدود وضلوع عصابات مصرية بالاشتراك في عمليات التهريب هذه، وهذا الأمر أقرب إلى الصواب، ولا ننسي قضية خلية حزب الله التي لم تنكر بضلوعها في أعمال التهريب باعتراف حسن نصر الله شخصيًا بهذا، ولا يفوتنا قافلة الأسلحة التي كانت في طريقها إلى الحدود المصرية عبر الصحراء الشرقية عبارة عن سبعة عشرة شاحنة محملة بالأسلحة في طريقها إلى عبور الحدود المشتركة بين السودان ومصر وقيام الطائرات الإسرائيلية بتدميرها، وهذا الأمر يشكل خطرًا كبيرًا على مصر عندما تدخل سبعة عشرة شاحنة محملة بالأسلحة والمتفجرات عبر الحدود السودانية إلى مصر، وما أدراك عزيزي القاريء مما سوف يحدث عندما يتم إدخال نصف هذة القافلة إلى غزة والإبقاء على النصف الآخر في الجانب المصري في أيادي المهربين وتجار السلاح والمتفجرات ووقوع هذة المتفجرات بين أيادي بعض الارهابيين في الداخل المصري، ألن يشكل هذا أمرًا بالغًا في الخطورة على أمن واستقرار مصر؟؟

 ب – استخدام هذة الأنفاق في تسهيل حركة مرور الإرهابيين على الجانبين بين مصر وغزة، ولا يفوتنا أن أحداث طابا في سيناء تمت تدريبًا وتخطيطًا وبأيادي حمساوية على الأراضي المصرية في طابا وغيرها من المناطق السياحية

 ج – استخدام هذة الأنفاق في هروب المجرمين والإرهابين من العدالة المصرية إلى قطاع غزة.

د – استخدام هذة الأنفاق في عمليات تهريب المخدرات بين الجانبين وكذلك الأمر في تهريب سلع مدعمة إلى قطاع غزة ومن بينها اللحوم ورؤوس الماشية الحية، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار اللحوم ارتفاعًا جنونيًا وقد يكون مردود هذا أن يقول البعض لن يضيرنا أن يستفيد المواطن الغزاوي من سلع مصرية مدعمة وردي على هذا بأن المواطن الغزاوي يشتريها بأكثر من أربع أضعاف ثمنها والفرق يستفيد به المهربون وليس المواطن الغزاوي البائس.

 وبعد كل هذا، أليس من حق مصر السيطرة والسيادة على حدودها وحماية أمنها القومي؟ أم الفوضى أصبحت هي منهج لحياتنا عندما نجد قناة "الجزيرة" تشن هجومًا اعلاميًا ضد مصر لأنها تمارس حقها في ضبط حدودها؟ فأنا أسأل كل شيوخ وسلاطين وسلطانيات العرب، هل لدولة قطر الجرأة بأن تصدر قرارًا الآن بالسماح لأي مواطن فلسطيني من غزة بأن يدخل أراضيها دون الحصول على تاشيرة دخول "فيزا"؟؟ أتحدى أن يقبل الأمير المناضل بهذا الامر.

 المحور الثاني: أهداف الحملة الإعلامية ضد مصر:
من الواضح أن أطراف هذه الحملة هم أنفسهم أطراف الحملات السابقة ولا هدف لهم سوي هدفٍ واحد وهو وضع مصر أمام خيارين:

 الخيار الأول: إرغام نظام الحكم في مصر على أن يدور في الفلك الإيراني أو على أقل تقدير تحييده  وترك الساحة خالية أمام الهيمنة الإيرانية.
الخيار الثاني: زعزعة نظام الحكم في مصر من أجل تسلق بعض الذين يدورون في الفلك الإيراني وتمكنهم من الاستيلاء على مقاليد السلطة في مصر. 

وفي كلا الخيارين، فإن الهدف واحد وهو إخضاع مصر للهيمنة الإيرانية أو على أقل تقدير انغلاقها على نفسها وتحييدها وترك المنطقة العربية فريسة للهيمنة الإيرانية.

 المحور الثالث: الوهن الإعلامي المصري:
مما لاشك فيه، فإننا نريد إعلامًا مصريًا ذا مخالب حقيقية وأسلحة قوية لا تقل فتكًا عن الأسلحة القتالية، لأننا في حقيقة الأمر أمام معركة وجود حقيقية، لكن الغريب في الأمر أننا امام إعلام نائم، أكاد أتثائب وأنا أشاهد القناة الإخبارية المصرية اليتيمة.

 لماذا لا يسمح للإعلام الخاص بإنشاء قنوات إخبارية مصرية خاصة تعطي مساحة من الحرية للصحفيين والإعلاميين المصريين في المواجهة الإعلامية الشرسة.