بقلم: شفيق بطرس
تتفاعل ساحة أقباط المهجر بالحراك اليومي، وتتفجر بين لحظة وأخرى بما يجرى على أرض مصرنا الحبيبة من غبن، وظلم، وإجحاف، وإضطهاد لأقباط الداخل في مصر بين طرفي رحى التعصب الإسلامي، والإخوان، وبين إهمال وإجحاف الحكومة المُتعمد.
بين هذا وذاك يعيش المواطن القبطي المطحون بأثقال الحياة العادية، مثله مثل أخيه المواطن المسلم جاره، وشريكه في الأرض والسماء، في الوطن الغالي مصر.
الكل في بوتقة واحدة ينكوي بنفس نار الغلاء، والجهل، والإهمال، والفساد والعطالة، والفقر، الكل يعاني، ولكن ننظر إلى المواطن القبطي المسيحي فهو يعاني من ناحية أخرى فوق المعاناة الطبيعية كمواطن مصري مطحون، فهو يعاني من التعصب والإرهاب الفكري والحقد والكراهية الواضحة له ولإسمه ولأولاده ولدينه.
هذا الحقد وعدم قبول الآخر الذي ورد لنا من دول الخليج، والسعودية الوهابية منذ أن فتح السادات الباب على مصراعيه للعاطلين من شبابنا للذهاب لدول الخليج، رجعوا هؤلاء المصريون مع عائلاتهم لمصر محملين بالأحقاد، وكأنهم قد تمت لهم عمليات غسيل مخ، ونسى الجار المسلم جاره وحبيبه المسيحب، بل وكرهه، وأصبح لا يطيق حتى أن يراه ولا يكلمه، ولا يبادله تحية، ولا سلام، ولا كلام، كل هذا جديد ووارد من البادية العربية التي لا تعلم غير الكراهية والعنف ورفض الآخر.
تبدلت شخصية المصري وثقافته الزراعية المستقرة الطيبة المُحِبة إلى شخصية وثقافة البدوي الصحراوي الجافة التي لا تعرف إستقرار أهل وادي النيل ولا محَبتهُم، ولكنها ثقافة التنقل والكَر والفَر، والصحراء الجافة الخشنة، إنصدم المسيحي القبطي المطحون في حكومته، وفي وطنه، وفي المواطنة، وفي جاره الذي يحبه ويصادقه، إنصدم القبطي المسيحي في الإعلام، والجرائد، والتليفزيون، والبرامج، والمسلسلات التي تلعنه وتهاجم دينه ومعتقداته.
إنصدم القبطي في السينما، والأفلام الهابطة، والمتعصبة الكارهة له، إنصدم في تعليم أولاده وبناته، ومدارسهم التي أصبحت تكرههم ويكرهوها، وأصبحت جحيماً لا يُطاق، وناراً لا تنطفىء تعكر صفو أولاد وبنات الأقباط في كل مراحل التعليم، يسمعون شتيمتهم وسبهم بطريقة واضحة علنية من الكبير والصغير، من داخل الكتب التي أمامهم، ومن أفواه المعلمين والمعلمات، يرغموهم على دراسة وحفظ دين مختلف، ومعتقدات مختلفة عن دينهم ومعتقداتهم، يجبروهم على المرور بإمتحانات الدين الإسلامى لو تغيرت ظروف والد التلميذ أو مر بحالة من عدم الإستقرار العاطفى أو الدينى وغير مِلَتُه، تبدأ على الفور المشاكل وتنفتح على كل الأسرة البراكين الثائرة تريد أن تبتلع الجميع بنيران حممها.
يشعر المسيحى بمصر بالغُربة وبالنظرة الدونية في كل خطوة يخطوها في بلاده وبلاد أجداده وكأنه هو قد صار الخواجة والغريب، والباقى هُم عِلية القوم، وأصحاب البلاد ورؤوس المناصب، وأسياد المجتمع، المؤمنين والمؤمنات، أصحاب اللحى والزبائب، والجلاليب البيضاء القصيرة، والطواقى، والسبح، والنقاب، والحجاب... والباقى كفرة وكافرات، وذنادقة، وسافرات، وجميعهم أنجاس، ورجس من أعوان الشياطين.
كل هذا غير التعرض للموت والسحق والتعذيب حتى في المحاكم وساحات العدل والعدالة وأقسام الشرطة والتي هي من الواجب أن تكون ملاذاً لهم وملجأًًًََ يأتمنون به، ويقصدون حمايته، يتعرضون للخطف والإغتصاب، وتفتيت شمل أسرهم... كل هذا يا أحبائي أقباط المهجر... ونحن في متاهات الأنا ومن أنا؟ ومن هو؟ وكيف هو؟ ولما ليس أنا؟ ومن يكون هو؟ ومن أكون أنا؟
و...و...الخ، ووجع قلب يا أحبائي، وألم يعتصر قلوب كل من يريد أن يعمل.. لا لتبادل الإتهامات.. لا للتفرقة.. لا للتحزب والحزبية.. لا لكل من يرتمي في أحضان غريبة، ويعمل ضد مصالح ومطالب القبطي المسيحي المطحون من كل ما ذكرنا من قبل، هدفنا وتركيزنا وأملنا كله هو "الوجع القبطي" وغير ذلك يا كل أحبائي فهو مرفوض مرفوض مرفوض.