الأقباط متحدون | حكايات حذاء
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٣٧ | الأحد ٨ ديسمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣٠٣٤ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

حكايات حذاء

الأحد ٨ ديسمبر ٢٠١٣ - ١٩: ٠٧ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتب: عـادل عطيـة

توطئة
يمتلك من الحيوان الأعجم جلده!
ومن الحيوان العاقل تاريخه!
يُمسك بالقلم ويكتب عن نفسه؛ لنؤكد أننا قادرون، بخيالنا الجامح، على انطاق الأشياء.. وبأفعالنا الشريرة حتى الحجر!
لا تعاند في اعتقادك، بأن حديث الحذاء خرافة، فانني أؤكد لك أن الحقيقة هي في كلماته.. وقلمه، سيجعلك تفكر في المثل الانجليزي: "الكلمات أحذية المعاني"!...

من أنا
أنا حذاء كأي حذاء.. ليس لي اسم كما يتسمى البشر.. ولكني انتمي إلى عائلة الأحذية، التي تتكون من أحذية: رجالي، ونسائي، وأطفالي.
كما انتمي إلى الإنسان، فيقولون: هذا حذاء فلان الفلاني.
طالما حملت من الثقال ما ينوء بالعصبة من الرجال، ومع هذا لم يذكر التاريخ أني كرّمت على إيثاري، وثقل أحمالي، وجميل أفعالي.. فها أنا ذا خارج الخدمة، على قمة الأسى، وفي عمق النفايات، أجتر الذكريات حزين!
ابناء بلا ولادة
كم كنت أشعر بالفخر لانتمائي إلى الإنسان؛ لكوني استمد عظمتي من عظمته.. ولم أكن أحلم في نهار أي يوم من الأيام، أن ينتمي الإنسان بشحمه ولحمه إلى الحذاء؛ فكثيراً ما أسمع هذا القول: يا جزمة يا ابن الجزمة، أو: يا جزمة قديمة!
ومع أنه من المدهش حقاً، أن نتناسل نحن الأحذية، وأن يكون أولادنا وأحفادنا من البشر.. إلا اننا كنا ندرك تماماً مدى الشرف والاهانة معاً التي تنتابنا من مثل هذه الأقوال التي تطلق على الإنسان الذي صوره الله، فأحسن تصويره!
أعمار
لا بد أن أقرّ بأن أعمارنا نحن الأحذية بيد الإنسان!
فهناك أحذية لا تعمر طويلاً؛ لأنها تعمل عند ما تسمونهم بالعظماء، والوجهاء، والميسورين.. من هؤلاء الدكتاتور الروماني "شاوشيسكو"، الذي كان يرتدي حذاءً جديداً كل يوم ليحرقه في آخر يومه حتى لا يلبسه أحد بعده؛ حتى قيل إنه كان يلقب بصانع الأحذية قبل رئاسته، وقبل أن يثور عليه الشعب الروماني عام 1989م! وأحذية أخرى، تعمر طويلاً إلى ما بعد الشيخوخة؛ لأنها تعمل عند البسطاء، والفقراء، والبخلاء.. أذكركم بقصة أبي القاسم الطنبوري، التاجر البغدادي، الذي اتسم بالبخل رغم غناه، فقد روى أنه كان له حذاء قديم، كلما انقطع منه موضع قام بترقيعه بجلد أو قماش، حتى امتلأ حذاؤه بالرقع واشتهر بين الناس!
قد يرى البعض أنه من المنطقى أن نتمسك بالفئة الأولي، التي ترفع من شأننا، كإيفان بيرون، زوجة الرئيس الأرجنتيني الأسبق "خوان بيرون"، التي كانت تصنع لها أحذية خاصة من جلد حيوان "المنك" المهدد بالانقراض، الذي يعد جلده من أغلى الجلود وأفخرها.. ولكن أصدقكم القول: اننا نحن معشر الاحذية، نتمسك بمحدودي الدخل، والمعوزين من البشر، رغم ما نعيشه من ضنك، فيا عمر ما بعدك عمر!...
أفضل من خادم!
كم كنت أعامل باهتمام بالغ من مالكي، حيث كان يأمر بأن أنظف من الاتربة، وتلميعي بدهانات خاصة؛ لأظهر بصورة تليق بقامته الاجتماعية، بينما كان هذا المالك ذاته، يعامل شبيهه الانسان باهمال فاضح!
تحت الأقدام
كم وطئت على لوحات فائقة الجمال، أبدعها فنانون؛ لتداس تحت الأقدام.. هذه اللوحات الرائعة، يطلقون عليها: "سجاجيد"، وهي غالية الثمن!
وكم وطئت على أجساد البشر؛ كنوع من التعذيب، والاحتقار، والانتقام!
عذاب الجمال!
شوهت "الموضة" أقدام النساء، ارتدت الصينيات واليابانيات قوالب ضيقة، ففتن عذاب التشويه الرجال!
جرائم قتل
اعترف بانني شاركت، بالاكراه، في جرائم  قتل عدة، أذكر منها: تلك الأحذية والقباقيب، التي اعتلت بها جواري "أم على" زوجة عز الدين أيبك على جسد ضرتها الملكة "شجرة الدر"، التي دوّن التاريخ نهايتها المأساوية، وكيف أنها ماتت ضرباً بالقباقيب، ورُميت من شرفة القصر لتسارع "أم على" بتوزيع الحلوى على سكان القاهرة فرحاً بالخلاص من ضرتها التي اشتهرت بالحكمة والاعتدال، حتى راح الناس في القاهرة يطلقون على هذه النوع من الحلوى: "أم على"!
أفراح وأتراح
يالسعادتي حين أرى بهجة الأطفال بحذائهم الجديد، وحين يضع بابا نويل هداياه في جواربهم!
ويا لتعاستي، حين يستخدمني بعض الآباء والامهات كأداة تأديب لهم!
أحذية العراق
من أشهر الاحذية التي ارتبط اسمها ببغداد، حذاء الطنبوري، ذلك الحذاء الذي أراد صاحبه التخلص منه بكل الوسائل وكان في كل مرة يعود إليه بمصيبة، حتى طلب الطنبوري في نهاية القصة من القاضي أن يكتب صك براءة بينه وبين حذائه!
وحذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، الذي كاد أن يلطم وجه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش!
قدر البوشية!
رسم صدام حسين صورة بوش الأب على باب قصره؛ لتدوسه الأقدام!
وقذف صحفي عراقي بوش الأبن؛ كنوع من الانتقام!
حكاية ألوان
لا أعرف ما سر التطابق الحتمي بين لوني ولون حقيبة يد النساء، لكن الحديث عن ألوان الاحذية، يجعلني أحكي لكم عن حذائين أحدهما باللون الأحمر، والآخر باللون الأخضر:
الحذاء الأحمر، هو اسم لفيلم بريطاني يعتبر أحد أهم كلاسيكيات القرن الماضي عن رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب الدينماركي هانس كريستيان اندرسن.
أما الحذاء الأخضر، فهو اسم لكهف لا يزال المتسلقون إلى قمة جبل "أفريست"، يمرون به في طريقهم إلى القمة المنشودة. وهو كهف توفى فيه شاب يدعى "ديفيد تشارب"، حاول صعود القمة لكن الصقيع والثلوج داهمه فلجأ إلى هذا الكهف، وتوفى فيه،  وربما ما زالت جثته هناك، وقد مرّ به فريق يريد الصعود، فوجدوا الشاب وفيه رمق من الحياة، إلاّ أنهم أكملوا مسيرتهم ما دعا الرأي العام حينها، وجمعيات حقوق الإنسان، أن ترفع الدعاوي على هذا الفريق الذي لم يسعف الشاب حين كان في "كهف الحذاء الأخضر"، الذي سمي على لون حذاء لا يزال موجوداً هناك لمتسلق مات في كهف!
مهمات بلا شكر
هل يستطيع إنسان ما أن يسير حافياً دون أن تتجرح وتتمزق قدميه؟!..
وهل تستطيع دولة ما أن تحصل على كأس العالم، دون أن يكون للحذاء في قدم فريقها دور؟!..
وهل كان من الممكن أن تتحوّل " سندريلا" إلى ملكة بعد أن كانت خادمة، من دون حذائها؟!..
ومع ذلك، فنهايتي دائماً في مقالب الزبالة، متحسراً على أيام الفراعنة، الذين صنعوا ما أطلقوا عليه "الحذاء الجنائزي"؛ لأنهم كانوا يؤمنون بأن الأموات يحتاجون إلى زوج حذاء يلبسونه في الحياة الآخرة!
ثوري
من يقرأ التاريخ  السياسي، يجدني حاضراً فاعلاً في كثير من دهاليزها.. ولا أدل على ذلك إلاّ حذاء الرئيس السوفيتي السابق "خروتشوف"، الذي وضعه ـ قبل أكثر من خمسين عاماً ـ على منصة مجلس الأمن ؛ معبراً عن غضبه أبان حمى الحرب الباردة بين الولايات المتحدة  والاتحاد السوفيتي السابق!
وكلكم يذكر ما كانت عليه سيدة الفلبين الأولى سابقاً، التي جمعت ثلاثة ألف زوج من الأحذية الفاخرة، إلا أن غضب الشعب الفلبيني عليها ازاحها عن الحكم؛ لتعود إلى اقتناء احذيتها القديمة التي لا تزيد على 200بيزوس!
وأعرف انكم شاهدتم الثوار الليبيون وهم يرفعون حذاء "القذافي"، الذي عُرف بكعبه العالي، والذي لم يتخل عنه صاحبه منذ أكثر من أربعين عاماً حتى وهو في حصاره الأخير!
ولا أحد ينسى الحذاء العسكري الضخم الذي وُضع على رأس " كارلس تايلور" في ليبيريا حين الانقلاب عليه، بعد أن ذاق الشعب منه الأمرين!
حذاء للعطاء
كان حذاء الزعيم الهندي "غاندي" أكثر رأفة وخدمة لمواطنيه، فبعد أن فقده "غاندي" وهو يهرول للحاق بالقطار، أدرك أن لا جدوى للحذاء الآخر طالما قد فقد الأول؛ ما دعاه إلى رمي الفردة  الأخرى؛ كي ينتفع بها من يجد الأولى.
امنيتي الأخيرة
اتمنى أن يعثر عليّ "فينست فان جوخ" آخر، ويرسمني بريشته العبقرية في لوحة جديدة، بعنوان: "الحذاء الثاني"، وأن يكون مثواي الأخير في: "متحف الأحذية" المقام في تورنتو بكندا، حيث يؤرخ المتحف تاريخ الأحذية من أول حذاء عُثر عليه إلى الوقت الحاضر!...




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :