بقلم : صبحى فؤاد

مرة ثانية وليست اخيرة عاد من جديد الى ارض المحروسة مولد سيدنا الدستور لكى يفرج قليلا عن الشعب ويشغلهم بنقاش يتصور البعض انه هام وضروى رغم انه لن يغير او يبدل ما قرره اصحاب السلطة العليا والنفوذ فيما يتعلق بالمضمون والشكل النهائى لهذا الدستور .
نعم امضت لجنة الخمسين التى شكلت ثلاثة اشهر كاملة لاعداد وكتابة دستور محترم عصرى يقر بحقوق كل المصريين فى المساواة والعدل والكرامة وحقوق الانسان التى كفلتها المواثيق الدولية ولكن ماذا حدث فى النهاية بعد كل هذا الوقت من النقاش والتحاور وتبادل الافكار والاراء هو استمرار الحال على ما هو عليه ..لاجديد يذكر حيث ان الدولة طبقا للدستور الجديد المقترح لاتزال "مسلمة" الديانة ولا تأخذ بشرائع الاخرين وانما فقط بشريعة المسلمين " السنة" فقط !!

فى دستور مصر الجديد المقترح سوف تتكلف خزينة الدولة التى تجمع حصيلتها من دافعى الضرائب المسلمين والمسيحين واليهود والشيعة واى ملة اخرى برصد جميع الاموال اللازمة لمؤسسة الازهر وشيوخه للاستمرار فى نشر التعليم الدينى الاسلامى السنى والدعوة لاعتناق الاسلام داخل مصر وكل دول العالم وطبعا التصدى ومحاربة جميع الاديان الاخرى لان دستور مصر يؤكد ان دين الدولة هو الاسلام السنى فقط !!
اذن ما الجديد اذا كانت لا تزال هناك النية عند قيادات الدولة على استمرار التميز والعنصرية والتفرقة بين المصرين بناء على هويتهم الدينية ؟ ولماذا كل هذا المولد المقام والتهليل على شرف هذا الدستور المقترح طالما فشل فى الفصل بين الدولة والسياسة من ناحية  والدين واصحاب الذقون والعمم من ناحية اخرى ؟

لقد تعجبت للاتهامات التى وجهها البعض لرئيس لجنة الخمسين عمرو موسى لانه بدل بقصد او غير قصد عبارة " دولة مدنية" ب " حكمها مدنى" ارضاءا لحزب النور الدينى السلفى المتطرف لسبب بسيط الا وهو ان الدستور القديم والجديد ايضا يقول بعبارات واضحة مثل شمس النهار ان دين الدولة هو الاسلام وان كل القوانين التى تعمل فى مصر لابد ان تخضع لحكم الشريعة الاسلامية ..يعنى سواء كتبتم مدنية او علمانية او مسيحية او يهودية مفيش فايده ها تبقى مسلمه غصب عنكم رضيتم ام رفضتم .

على اى حال دعونا نفترض انه تمت كتابة دستور مصرى جديد اتفق عليه الجميع بنسبة مائة فى المائة ..دستور لا يقل باى حال عن الدستور الامريكى او الفرنسى او الاسترالى .. ترى هل سوف نجد اصحاب العقول المسسمة المتطرفة تعجز فى العثور على ثغرات به بحيث تجعل مواده وجوده لا يختلف عن وجود دستور مرسى او السادات او مبارك ؟ وترى فى ظل هذا المناخ العنصرى يمكننا ان نتوقع  فى وجود دستور جيد او غير جيد تغير تغير اى فى مصر؟

 انا شخصيا لا اعتقد ان وجود دستور جديد فى مصر سوف يغير فورا الاوضاع الى الافضل رغم انه من الاهمية الاتفاق على وجود دستور حديث يحتض جميع المصر ولا يفرق او يميز بينهم كما هو الحال عند الواجبات والدليل على صحة ما اقول انه رغم يوجد  بمصر الكثير من القوانين التى تحرم وتجرم العنصرية والاضطهاد الدينى والتفرقة وعدم احترام حقوق الانسان الا انها تعد فى مقدمة دول العالم التى تفعل العكس تماما ورصيدها دوليا غير مشرف على الاطلاق.

وبناء على ما ذكرت فاننى لا ارى املا فى تغير مصر واخراجها من ازمتها الحالية الا باصلاح العقول التى تسممت وفسدت منذ عهد الرئيس المؤمن محمد الساداتى وحتى الحظة نتيجة الشحن الطائفى والتعليم الدينى غير الصحيح واستخدام دين الاسلام لتحقيق اهداف سياسية ومكاسب مادية.
اخيرا ليت الجميع يدركون انه بدون اصلاح العقول قبل الدستور اخشى ان اقول ان مصر سوف تستمر لاجيال واجيال قادمة تدور حول نفسها لاتعرف طريقها رغم ان الهنود الذين كنا نسخر منهم ونهزأ بهم عرفوا طريقم الى المريخ والصينين الذين لا يؤمنون باى دين عرفوا طريقهم الى القمر وبدأوا العمل لاستغلال ثرواته الطبيعية.