الكاتب
جديد الموقع
بطل النضال القبطى بالمهجر سليم نجيب
بقلم منير بشاى
فى الخامس من يناير 2014 رحل من عالمنا الفانى الى عالم البقاء المناضل القبطى الكبير د. سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية. على مدى ما يقرب من نصف قرن استمر د. سليم نجيب يكافح مع د. شوقى كراس كرواد للعمل القبطى فى المهجر مكرسين كل ما لديهما من وقت وموارد، رغما عن كل الصعوبات التى كانت تواجههما. وقد كان لهذا العمل اكبر الاثر فى وضع القضية القبطية امام الرأى العام العالمى واعطائها البعد الدولى الذى تتمتع به اليوم.
تشرفت بمعرفة الدكتور سليم نجيب فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى. كان الدكتور شوقى كراس قد اوكل لى مهمة الاشراف على اعداد مجلة الاقباط وطلب منى الاتصال بكتاب المجلة للتنسيق معهم، ومنهمكان الدكتور سليم نجيب الذى كان يكتب الافتتاحية فى كل عدد. ولكنى كنت مترددا فى الاتصال بالدكتور سليم لعدم وجود سابق معرفة به.
كان د. سليم ينتمى لعائلة من الطبقات العليا فى المجتمع المصرى، وكان بعض افرادهايحملونالقابا رفيعة من أيام الحكم الملكى. اما الدكتور سليم فقد تعلّم فى المدارس الفرنسية بمصر ثم تخرج من كلية الحقوق جامعة عين شمس سنة 1956وبعدها هاجر الى كندا سنة 1965 وهناك تدرّج فى الوظائف الى ان اصبح قاضيا بمدينة مونتريال. عكف د. سليم على الدراسة القانونيةوحصل على الدكتوراة فى القانون من جامعة ليون بفرنسا. وبعد ذلك حصل على درجة دكتوراة اخرى من فرنسافى الشأن القبطى. كتب عدة مؤلفات تعتبر من المراجع القانونية التى تدرّس فى كليات الحقوق والمعاهد العليا.
وبينما انا متردد فى الاتصال بالدكتور سليم نجيب اذ به يقوم بمبادرة الاتصال. وعلى عكس ما تصورته وجدتهرجلا بسيطا متواضعا،لا يميل الى التعالى او التكلف. ورغم تربيته الاجنبية كان يحمل الكثير من طباع ابن البلد الاصيل. كان فى حديثه يستعمل اصطلاحات لا يجيدها الا من عاش مع طبقات الشعب المصرىالكادح، وكان يتذوّق النكتة المصرية الشعبية، ويجيد الخطابة والكتابة باللغة العربية الفصحى مراعيا قواعد اللغة العربية وأصولها.
تقابلت بعدها بالدكتور سليم عدة مرات وتوطدت علاقة الصداقة به عبر السنين. وعرفت عنه الصديق المخلص المحب ولكن فوق ذلك عرفت فيهالقبطى الذى يهتم بقضية شعبه لدرجة العبادة. كانت تلك القضية تشغل كل وجدانه وتستحوذ على كل وقته واهتمامه وتستنفذ كل موارده.
كان د. سليم يتكلم عن القضية القبطية بقوة تفوق مقدرة البعض على تحملهاطبقا للتابوهات التى فرضت نفسها فى تلك الفترة من تاريخ مصر. عارضه البعض وقاطعه البعض وباعد البعض الآخر انفسهم عنه. قليلون من النشطاءكانوا على شاكلته فى الشجاعة فسايروه وساروا على نهجهفى طريق الآلام.وتمضى السنون ليكتشف الجميع ان د. سليمنجيب كان على حق وانه كان سابقا لعصره وان ما كان يطالب به لشعبه هى حقوق انسانية طبيعية يتمتع بها كل انسان فى العالم الحر. ولكن بعد قرون من المعاناة ربما ظن البعض انالغبن هو قدرنا وليس فى الامكان ابدع مما كان.
كان الدكتور سليم نجما ساطعا فى عالمنا اضاء لنا الطريق خلال فترة حياته والآن آن الوقت لهذا النجم ان يرتقى فى المجد الى مستوى اعظم سمواوصفه السيد المسيح حين قال"حينئذ يضئ الابرار كالشمس فى ملكوت ابيهم" (متى 13: 43)، فسيرته العطرة وما تركه من اعمال ومؤلفات ستستمر نورا نقتدى به الى ان ينجلى الليل وينقشع الظلام ويبزغ نور فجرالقيامة المجيد ويعود الملك لملك اللملوك ورب الارباب، فيعيد للمظلوم اعتباره ويوقف الظالم عن غيه ويحاسب الجميع كل حسب ما اقترفت يداه.
د. سليم نجيب لم يمت ولكنه يعيش الآن فى عالم افضل، ولذلك فنحن لا ننعى موته ولكن نحتفى بحياته. وفى يوم من الايام سنلتقى به ولذلك لا نقول له اليوم وداعا، بل نقول له الى اللقاء.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :