بقلم:مجدى نجيب وهبة
جميعنا نتذكر تلك الأيام السوداء التى مرت بها مصر عقب وكسة 25 يناير 2011 .. وتلك الأحداث التى سجلت بالصوت والصورة من خلال الإعلام المرئى ، ومعظم الصحف الصادرة فى تلك الفترة .. أو من خلال المقالات التى قمنا بكتابتها من خلال جريدتنا الإلكترونية "صوت الأقباط المصريين" ، أو من خلال العديد من المواقع والصحف الإلكترونية .. التى تثبت أن 25 يناير أكبر مؤامرة دبرت لإسقاط مصر .. وعلى كل البلهاء أن يكفوا عن ترديد أنها ثورة مجيدة وأن 30 يونيو هى إمتداد لتلك الأكذوبة الكبرى ..
دعونا نتذكر بعض تلك الأحداث .. حيث كانت هناك إعتصامات فى ميدان التحرير تطالب بسقوط النظام .. بعد التدرج فى سقف المطالب التى بدأت بـ "عيش – حرية – عدالة إجتماعية" إلى الإصلاح ثم إقالة الحكومة ، ثم إقالة الرئيس ..
جميعنا يتذكر المنصة التى أقامها جماعة الإخوان المسلمين ، والتى إعتلاها محمد البلتاجى ، وصفوت حجازى ، وسعد الكتاتنى ، وعصام العريان ، وسعد الحسينى وكل أعضاء تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ، ووصول الشيخ "يوسف القرضاوى" لأول مرة إلى التحرير منذ طرده من مصر منذ ثلاثين عاما ..
كما شارك فى إلقاء الخطب النارية ، وفتاوى التكفير والجهاد ، وشيوخ عديدين .. على رأسهم الشيخ "محمد حسان" ، والشيخ "محمد يعقوب" ، والشيخ
"الحوينى" .. ومن القضاة المستشار "زكريا عبد العزيز" ، والمستشار "محمود الخضيرى" ، والعديد من الوجوه والشخصيات المنتمية لتيار الإخوان ..
لم يصدق الإخوان أنفسهم ، وهم يعتلون المنابر والفضائيات ، ويطلقون فتواهم ضد مبارك ، ونظامه .. وحتى تكتمل الصورة كان لا بد من وجود بعض الأسماء والشخصيات السياسية المعارضة لنظام مبارك .. فإنضم إلى المشهد بعض الأسماء وعلى رأسهم "حمدين صباحى" ، و"السيد البدوى" ، و"جورج إسحق" ، و"د.رفعت السعيد" ، و"د.محمد أبو الغار" ، و"محمد البرادعى" ، و"عمرو موسى" ، و"د.أسامة الغزالى حرب" ، والإستشارى "ممدوح حمزة" ، و"فريدة الشوباشى" ، و"كريمة الحفناوى" .. كما إنضم إليهم حركة 6 إبريل ، وحركة كفاية ، وحزب الغد .. ثم بدأت تنطلق العديد من الأحزاب والحركات الشبابية ، ومعظمها لم يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة .. ولم يكن لهم أى ظهير شعبى ، رغم إستخدامهم شعارات براقة وأسماء وطنية .. وللأسف كانت معظم هذه الأحزاب هشة كارتونية ، والتى وصلت إلى أكثر من 500 إسم .. وبالطبع كان الهدف هو توصيل رسالة أن كل هذه الجموع الشعبية ضد نظام محمد حسنى مبارك ..
وبالطبع .. سار الجميع فى موكب واحد .. الإخوان والمعارضة ، وكل يسعى للوصول إلى الحكم .. لم يكونوا بمفردهم فى الميدان ، بل ساندهم المجلس العسكرى السابق بهدف إزاحة مبارك فى إنقلاب وصفه البعض بالإنقلاب السلمى الناعم .. بل وقرر المجلس العسكرى تضخيم هذه الظاهرة ، بل وأطلق عليهم لقب "ثوار" ، وروج المجلس العسكرى أمام العالم أنهم يخضعون لإرادة الشعب المصرى .. وبارك العالم كله هذا الإنقلاب العسكرى الناعم ، وأيدوه .. بل كان يخرج علينا الرئيس الأمريكى كل بضعة دقائق ليوجه رسائل إلى مبارك وكان أخرها هى النونوة والتى كان يقول له "now" .. علما بأن من كانوا بالتحرير لم يكونوا بأى حال من الأحوال يمثلوا الشعب المصرى ، بل كانوا يمثلوا أنفسهم ، وهم مجموعة لم تتعدى 2 مليون فرد بالإخوان وميليشياتهم ..
وترك لهم المجلس العسكرى السابق الحبل على الغارب ، فظلوا يعلون سقف مطالبهم ، ويهددون النظام .. حتى قرروا الزحف إلى قصر الإتحادية لإخراج مبارك من القصر ومحاكمته هو وأسرته .. ولم يكن أمام الرئيس مبارك مخرج أخر إلا التنحى بعد أن رفض المجلس العسكرى حمايته وحماية النظام ، بعد أن سقطت الشرطة ، ولم يعد هناك طريق أخر أمام مبارك .. إما التنحى ، وإما إشتعال الحرب الأهلية بين هؤلاء والإخوان من جانب والشعب المصرى من جانب أخر ..
إنتهى المشهد الأول .. وبدأ المشهد الثانى بإزاحة الجيش من طريق الإخوان ، فبعد أن ظلوا يرفعون شعار "الجيش والشعب إيد واحدة" .. عاد الإخوان ومن يطلقون على أنفسهم ثوار ، وهم مجموعة من 6 إبريل ، والإشتراكيين الثوريين ، والوطنية للتغيير ، وبعض الشباب المنتميين لتلك الإخوان .. يساندهم بالطبع جماعة وشباب الإخوان المسلمين وكوادر عديدة من حركة حماس الإرهابية ، وحزب الله اللبنانى ، وبعض أفراد من تنظيم القاعدة ..
وبدأت المرحلة الثانية بالهجوم على الجيش ، ومطالبة المجلس العسكرى بتسليم السلطة ، وطالب البعض بتشكيل مجلس رئاسى ثورى على أن يتسلم السلطة من المجلس العسكرى .. والبعض الأخر طالب بعمل الإنتخابات البرلمانية بصفة عاجلة ، .. ثم إنتخابات مجلس الشورى ، وقد حدث وتم كما أراد الإخوان .. وبالطبع الإنتخابات الرئاسية الهزيلة التى إنتهت بتسليم المجلس العسكرى مصر لمحمد مرسي العياط ..
ثم تأتى المرحلة الثالثة .. وهى تقسيم التورتة بين الإخوان وهذه الأحزاب ، و6 إبريل ، والإشتراكيين الثوريين ، والنخبة السياسية التى كانوا يطمعون فى الوصول للسلطة ، أو حصد مقاعد فى برلمان الإخوان ، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل ، فلم يجد كل هؤلاء طريق واحد إلا تكوين جبهة أطلقوا عليها "جبهة الإنقاذ" ، والتى قادها "عمرو موسى" ، و"محمد البرادعى" ، و"محمد أبو الغار" ، و"حمدين صباحى" ، و"خالد داوود" .. كل هؤلاء لم يفوزوا بأى مقاعد بعد تسليم المجلس العسكرى مصر للإخوان ، وتستطيع بالبلدى كدة أن نقول "أخذوا صابونة" ...
كل هؤلاء مثلوا على الشعب المصرى الذى ظل صامتا .. وفى حالة ذهول مما يدور حوله .. هم يمثلون المعارضة فى الدولة ، ويزعمون انهم يتكلمون بإسم الشعب ، وبالطبع لم تتفاعل هذه الاحزاب مع اى قاعدة من الشعب المصرى أو كان لهم موقف يبعث على الأمل ، حتى أطلق عليهم الشعب "جبهة الخراب" .. وبالتالى لا ننسى الإجتماع الذى دعى إليه محمد مرسى عقب رجوعه من أثيوبيا ، عندما بدأت أثيوبيا فى بناء سد النهضة ، وكان اللقاء مذاع مباشرة على الهواء ، وسمعنا من رموز المعارضة بعض الإقتراحات التى إن صح أن يتم تسجيلها ، كان يجب وضعها فى حديقة الحيوانات ..
لم يكن لتلك الأحزاب أو الأفراد سواء من أطلقوا على أنفسهم الأحزاب السياسية أو التيار الشعبى أى ظهير شعبى ، ولم يحتمل الشعب المصرى مهازل حكم الإخوان .. فبدأت الدعوات للتظاهر أمام المنصة ، وأمام قصر الإتحادية ، وأمام وزارة الدفاع ، لمطالبة الجيش المصرى بالتدخل لمحاكمة مرسى العياط وعصابته الإجرامية ، وإعادة مصر لشعبها ..
وإنتهت تلك التظاهرات بخروج 35 مليون مصرى فى الشوارع والميادين يوم 30 يونيو 2013 كالبركان للمطالبة بمحاكمة مرسى العياط ، وكان مثلهم فى المنازل والبيوت والشرفات ينددون بحكم الإخوان .. فلم يكن أمام المجلس العسكرى والسيد وزير الدفاع ، الفريق أول عبد الفتاح السيسى طريق أخر إلا تلبية رغبات الشعب المصرى .. وقدم الجيش والشرطة والقضاء أسمى معانى الحب والولاء والعطاء لهذا الشعب المصرى العظيم .. وتمت إزاحة هذا الكابوس المخيف والمرعب من فوق صدورنا لتتنسم مصر طعم الأمل ونسيم الحرية ..
وحمل الشعب المصرى السيسى فوق الأعناق .. بعد أن إكتشف الشعب أن حكم الإخوان لم يكن إلا مؤامرة كبرى ، وأن خروج الشعب لم يكن لإسقاط حكم الإخوان فقط ، بل لردع الإعتداء الغاشم الذى قادته العاهرة أمريكا ومعها الإتحاد الأوربى وتركيا وقطر بإستخدام الكلاب الضالة من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابيين لإسقاط الدولة المصرية ، وبعض الخونة والعملاء من شباب حركة 6 إبريل ، الذين تم تدريبهم خصيصا فى أمريكا وإنجلترا وصربيا ، والذى كشفنا عنه منذ بداية إندلاع فوضى 25 يناير 2011 ، ولم ننتظر تسريبات تم إذاعتها مؤخرا ..
** وبعد ثورة 30 يونيو العظيمة ، وتلاحم الشعب والجيش والشرطة والقضاء فى مواجهة هذا العدوان بعد ان تحقق نصر 30 يونيو 2013 .. عادت النخبة السياسية أو التيار الشعبى .. ليطلوا علينا بوجههم القبيح بعد أن مهدت لهم بعض قنوات الإعلام والفضائيات والصحف المجال للظهور الإعلامى ، أو من خلال نشر بعض المقالات والأعمدة الصحفية ..
خلاصة القول .. أن كل هذه الأحزاب السياسية والتيارات الشعبية أخذت صابونة فى زمن محمد مرسى العياط .. وللأسف هم ليس لهم أى دور فى ثورة 30 يونيو العظيمة ، بل أن دورهم يختصر فى المشاركة فى إشعال الفوضى والمشاركة فى إسقاط الدولة بعد 25 يناير 2011 ..
هذه الأحزاب عادت للظهور بعد سقوط الإخوان ، وهم يرون أنه يجب إقصاء كل رجال مبارك ، وبالتبعية إستبعاد كل رجال الإخوان ليس حبا فى الوطن ، وليس دفاعا عنه .. بل أن الهدف هو الحصول على أى سبوبة أو غنيمة .. والكارثة أن هذه التيارات الشعبية عادت بقوة وببجاحة منقطعة النظير ، بعد أن فوجئ الشعب المصرى بحكومة البرادعى .. فلا فرق بين البرادعى والببلاوى .. فكلاهما من مدرسة واحدة .. وإذا كان البرادعى إستطاع الفرار فى إنتظار ما يسفر عنه الوضع فى مصر ، إلا أن الببلاوى وعصابته مصرين على الإستمرار رغم الإنتقادات التى وجهت لهم بأنهم حكومة ليست هشة أو ضعيفة فقط بل هى حكومة متآمرة ، وأكررها ، متأمرة .. متأمرة وتعمل بكل طاقتها لعودة نظام الإخوان .. واسقاط الدولة المصرية .
هؤلاء هم الطابور الخامس الذى ربما يكون ألعن من جماعة الإخوان المسلمين ، وهم موزعون بكل حرفنة .. فتجد فى الصحافة مصطفى النجار وزياد العليمى ومحمد فتحى وعبد الغفار شكرى وفهمى هويدى .. وفى الإعلام نجد محمود سعد وخالد صلاح ويسرى فودة .. وفى الفن نجد خالد يوسف وعمرو واكد .. أما فى الأحزاب نجد الأخ حمدين صباحى الذى يزعم أنه الرئيس الملهم والمنقذ والداعم والمحرك لثورة 25 يناير ، وأن التيار الشعبى هو الثورة .. وسلام ياجدع ومولد وصاحبه غايب .. حيث أكدت "هبة ياسين" المتحدثة بإسم التيار الشعبى على (حق مرشح الرئاسة فى الإستعانة بفريق رئاسى قوى يضم كوكبة من الكفاءات فى مختلف المجالات بما يمكن من خلاله تحقيق أهداف الثورة )..
والسؤال هنا .. أين هذا التيار الشعبى ، وما هو تاريخ الأخ "حمدين صباحى" .. هذا التيار يعتقد كما أفصح الأخ حمدين صباحى أنه سوف يتنازل عن ترشحه للرئاسة لو حافظ الرئيس القادم على أهداف الثورة .. كما أنه لا يريد أن يرشح نفسه أمام السيسى حتى لا يصطدم الجيش مع الثوار الذى لن يكون إلا فى صالح نظام مبارك أو جماعة الإخوان على حد زعمه ..
يا أخى قرفتونا .. الله يقرفكم إنتم والثورة .. فالشعب المصرى خرج عن باكيرة أبيه ومعه الجيش والشرطة والقضاء للإطاحة بالفساد والإرهاب والفوضى .. هذه هى الثورة الحقيقية ، ومع ذلك لا نتكلم كثيرا ، ولا نطلب الثمن .. فهذه هى بلدنا وهذا هو وطننا ..
** أما الأخت المناضلة "جميلة إسماعيل" زوجة الهارب أيمن نور .. فقد صرحت إنها ترفض قبول رجال أعمال محسوبين على نظام مبارك أو الحزب الوطنى المنحل ، لخوض إنتخابات مجلس النواب المقبل على قائمة الدستور ، مقابل دفع أموال للحزب .. مؤكدة أن الحزب لا يباع ... (صحيح إن لم تستحى فقل ما شئت) .
أما الأخ "محمد أبو الغار" فهو لا يكف عن الترويج لحزبه .. وكذلك هو حال حزب الوفد ، وما يفعله السيد البدوى ، أو ما يفعله أسامة الغزالى حرب .. وإنزعاجهم من جبهة مصر بلدى ، وتكتلهم للوقوف ضدها ..
** والحقيقة أنها الجبهة الوحيدة التى تترسم على وجوه كل المنضمين إليها كل إرادة الشعب المصرى .. أخيرا كفاكم تضليل ، فقد سئمنا من كل أحزابكم الكارتونية أو تياراتكم الشعبية ، وعليكم أن تدركوا حجمكم الطبيعى .. وكفاكم صابون مرسى حتى لا يسود تاريخكم أكثر من ذلك ..