بقلم: حافظ ألمان
السيدات والسادة المشاهدين أرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (شخصيات من التاريخ)، ضيوفي لهذه الحلقة الفيلسوف ابن رشد والشيخ ابن تيميّة، سأناقش معهما في هذه الحلقة، ما أدلى به الدكتور يوسف زيدان في حوار شبابي مفتوح حول التراث العربي والذي أقيم ضمن نشاطات مهرجان (تاء الشباب) الثقافي الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام البحرينيّة،حيث قال:(ابن رشد وابن تيميّة تجلّ لفكر واحد وجوهر واحد هو التراث العربي في القرن السادس عشر و السابع عشر و الثامن عشر، هم فقهاء يكتبون العربيّة ويتحدثونها،والتراث العربي له تجليات عدة ولأنّه جوهر ضخم فمن الطبيعي أن تتعدد تفرعاته ولكن من غير الطبيعي أن تتلون وأن تتم قراءة الماضي من خلال الحاضر، ابن رشد كتب فصل المقال
ولكن هذا الكتاب هو فتوة رفعت إليه ، وابن تيميّة أيضاًمفتي وكلاهما كانا يعكسان هذا التراث وينتميان لجوهر واحد وعقل واحد). قبل أن أبدا النقاش مع ضيفيّ، سأقدم تعريفاً سريعاً بيوسف زيدان ،هوأستاذ في الفلسفة وأديب و باحث أشهر أعماله رواية عزازيل.والآن سأبدأ حواري مع الفيلسوف ابن رشد باعتباره الأكبر سنّاً، سيد ابن رشد سمعت ما قاله الدكتور يوسف زيدان، فهل توافق على ذلك أم أنّ لك رأياً آخر؟َ ابن رشد: بداية أشكرك على استضافتي و إتاحة الفرصة لي لكي أطل على الناس، وأرجوأن أكون ضيفاً خفيف الظل،
أما بالنسبة لما أدلى به الدكتور يوسف زيدان فلا أعتقد أنه كان صائباً فيما قاله، ففي كلامه هذا الكثير من التناقضات والمغالطات، فهو يعرف أكثر من غيره، باعتباره أستاذاً في الفلسفة، أنّ جوهر الفلسفة الشك، وجوهر الدين التسليم، والشك في الدين يعتبر من أعظم الذنوب، بينما هو في الفلسفة بداية اليقين، كما أنّ عقل الفيلسوف نقدي شكّي، يحلّل ويستنتج، لايعرف الحدود ولا يقبل بالقيود، وهوفي بحث دائم عن الحقيقة،يطرح سؤالا ليصل الى سؤال آخر، وأنا لا أعرف ما الذي دفع الدكتور زيدان الى مثل هذا الكلام اللاعقلي واللامنطقي،والذي كما أعتقد، لا يقبله الشيخ ابن تيميّة نفسه، فكيف عقلي أنا المستقبلي يلتقي مع عقل الشيخ السلفي، الداعي الى المحافظة على كل شيء كما هو،والذي يفتي للناس ويفرض عليهم ما قد لا يحبونه وما قد لا يقتنعوا به، وهذا بالتأكيد جزء من عقل رجل الدين، كما أنّ حريّة رجل الدين محدودة بسبب تقديسه للنص الذي بين يديه، أما نحن الفلاسفة فلا مقدس لنا سوى العقل، إنه إلهنا، فهل يعقل أن أكون أنا والشيخ ابن تيمية من نفس المنبع؟ وإن كان الدكتور زيدان حقاً أستاذاً في الفلسفة، فمن المتفرض أن يكون مدركاً وعارفاً أنّ الفلسفة هي العدو الأول للدين، لذلك منعت وحوربت واضطهد رجالها ونساؤها، واتهموا بالهرطقة والكفر، وأحرقت كتبهم،وأنا واحد منهم، وحتى اليوم مانزال نُعتبر بمنظور رجال الدين زنادقة ومفسدين للعقول، ومن المفترض أيضاً بدارس الفلسفة أن يدرك أنّ مبادئ وأصول الفلسفة تحتلف تماماً عن مبادئ و أصول الدين،وأنا منذ عدة قرون،ورغم الجهل والأميّة وضعف الإمكانات وسطوة الدين، دعيت إلى فصل الشريعة عن الحكمة من خلال دعوتي إلى تحكيم العقل، وهذا يعني حاليا فصل الدين عن السياسة، وأول من وقف في وجهي هم رجال الدين، الذين يقفون اليوم مجددا ضد هذا المشروع الإصلاحي.
إذا كان عقلي وعقل الشيخ ابن تيميّة من عقل واحد، فلماذا أفكاري لا تدرّس في دول إسلاميّة عديدة،كالمملكة العربيّة السعوديّة التي تتبنى فكر الشيخ ابن تيميّة؟ لماذا تدرّس أفكاري في جامعات أوربا، بينما أفكار ابن تيميّة لا تدرّس إلا في دول إسلاميّة؟ لماذا الغرب المتحضر يحرص على قراءتي والاستفادة مني، ويتجنب في نفس الوقت أفكار الشيخ ابن تيميّة؟ لو كان عقلانا من عقل واحد ومن جوهر واحد، لكان من المفترض أن يُدرّسا جنباً إلى جنب دون فصل أو تمييزبينهما. ابن رشد: هل أنت متأكد أنّ يوسف زيدان أستاذ في الفلسفة؟ حافظ ألمان: أقسم لك بأنّه أستاذ في الفلسفة. ابن رشد : غريب، هل تغيّرت الفلسفة إلى هذه الدرجة؟ كنت دائماً أسأل نفسي لماذا لم يعد في هذاالعصر فلاسفة مهمين،والآن عرفت السبب. سأختم بهذه الجملة، البشر محكومون بالتطور شاؤوا أم أبوا، ومن لا يتطور سيعود إلى أصله.
حافظ ألمان: شكرا للفيلسوف ابن رشد، وأنتقل الآن للشيخ ابن تيميّة.شيخ مارأيك بما سمعته وهل توافق الدكتور زيدان على ما قاله ؟ ابن تيميّة: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد: فأنا لا أقبل إطلاقاً بما قاله يوسف زيدان، فهل يعقل أن أكون أنا الشيخ المؤمن بالله ورسوله،وهذا الزنديق السكير ابن رشد من عقل واحد وجوهر واحد، هذا هو الكفر الصريح . ابن رشد: (يضحك ). ابن تيميّة: جاهدت طوال حياتي بقلمي وسيفي ضد الفتن والبدع والضلالات والانحرافات عن هدي الكتاب والسنة وقاومت الفرق الضالة كالباطنيّة والقرامطة والصوفيّة والرافضة والفلاسفة والمعتزلة والأشعرية وغيرهم من الضالين والمرتدين، بينما هذا الفاسق ابن رشد قضى حياته بحثاً عن ملذاته وأهوائه من طرب وسكر وعربدة وكفر وفجور، عقلي قادني إلى طاعة الله ورسوله والتسليم بقضائه والصبر على بلواه، ولم أشك به طرفة عين ويكفيني فخراً أنّه ربي ولا أبتغي سوى رحمته ورضاه، أما هذا المارق ابن رشد فقد قاده عقله إلى الضلالة والإثم والتكبر على الله، فتبوأ مقعده من النار، أما أنا فمن أهل الجنة إن شاء الله.
لا أفهم كيف ربط زيدان بيني وبين هذا الضال ابن رشد، فالفلسفة شيء والدين شيء آخر،فمن تمنطق تزندق، وجرعة من الفلسفة تؤدي إلى الإلحاد والعياذ بالله،وأنا أرى أنّ الفلسفة حرام قراءتها وتدريسها ولا يمكن لأمة أن تنهض إلا بذكر الله ،لا شكّ أنّ زيدان انحرف عن طريق الحق والصواب و أضاع الصالح بالطالح، وبدّل في شرع الله،وألبس الباطل بالحق،وهو يكون بذلك فد ارتدّ عن دين الله، ومن الواجب الشرعي والأخلاقي أن يقام عليه حد الردّة، قبل أن يفسد العقول بأفكاره ويغويهم بزيف كلامه، فما هو إلا مفتر و ماكر، وحقّ عليه قول الله تعالى (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)،وأنت يا حافظ ألمان كيف تنقل قولاً عن أديب أوشاعر، ألم تسمع قول الله تعالى: (والشعراء يتبعهم الغاوون،ألم تر أنّهم في كل واد يهيمون، وأنّهم يقولون ما لا يفعلون). حافظ ألمان : عذراً منك، ولكن كما يقال ناقل الكفر ليس بكافر، هذا إذا كنت تعتبر ما قاله الدكتور يوسف زيدان كفراً. معي اتصال من الدكتور يوسف زيدان، مرحباً دكتور، لا شكّ أنك سمعت ما أدلى به الضيفان، فما هوتعليقك على ذلك، تفضل. يوسف زيدان: تحية لك ولضيفيك، وبالنسبة لما قلته عني هومجتزأ ومقطوع من سياقه.
حافظ ألمان: ولكن دكتور، أنا قلت بالحرف ما كنت قد قلته سابقا , وتستطيع أن تتأكد من ذلك بنفسك. يوسف زيدان: ربما يكون ذلك، ولكن أنا لم أقصد هذا، وكلامي لم يفهم جيدا . حافظ ألمان: إذا كان صاحبا العلاقة لم يفهما كلامك فمن سيفهمه ، تستطيع الآن أن توضح فكرتك فنحن نسمعك. يوسف زيدان: هذا يحتاج إلى وقت وشرح مستفيض، والوقت الآن غير كاف لأعبر عمّا أريده، ربما نلتقي في حلقة خاصة ونتحدث بإسهاب حول هذا الموضوع، وكل ما أستطيع قوله الآن أنّ كلامي لم يفهم وأنّني .
حافظ ألمان: انقطع الاتصال مع الدكتور، سنعاود الاتصال به مرّة ثانية. ابن تيمية: لا أريد سماعه ثانية، فماذا سيقول أكثر من الذي قاله، والله لو لم أكن الآن على الهواء مباشرة لأصدرت فتوة بحقه تعجل به إلى حيث يستحق، ولكني سأكظم غيظي وأملك نفسي إلى أن يأذن الله لي به. وهكذا سيداتي وسادتي كما سمعتم وشاهدتم فكلا الضيفين لم يقبلا بما قاله الدكتور يوسف زيدان بحقهما،وأنتم ما رأيكم دام صوتكم.وهكذا نأتي إلى نهاية حلقتنا لهذا اليوم، كل الشكر لضيفينا الفيلسوف ابن رشد والشيخ ابن تيميّة ولكم أنتم أعزائي المشاهدين،وإلى أن نلتقي في حلقة جديدة من برنامج(شخصيات من التاريخ) أتمنى لكم دوام الصحة والسعادة . إلى اللقاء .