بقلم: سهيل أحمد بهجت
من المؤسف حقا أن يتحول الضحايا إلى أشلاء لمصلحة الجلاد الذي ذبحهم و قتلهم بالأمس القريب، و هذا بالضبط ما فعله مقتدى الصدر و عصاباته المسلحة مع العراقيين و مع أبناء مدينة الثورة تحديدا و أبناء الجنوب، فقد تحرر العراق عام 2003 على يد القوات الأمريكية و التي دخلت إلى مدينة الثورة "ما يسمونه بمدينة الصدر" قبل أي جزء آخر من بغداد، و تم إسقاط الصنم في 9\4\2003 في نفس ذكرى إعدام البعث لمحمد باقر الصدر ـ عمّ مقتدى ـ و فوجئنا كما فوجئ الجميع بمقتدى و تياره ليصبح أكبر شوكة تهدد مستقبل العراق الجديد و إذا بتياره يتحول إلى أداة للبعثيين.

معروف لدى الجميع أن محمد صادق الصدر ـ أبو مقتدى ـ كان لعبة بأيدي البعثيين أرادوا من خلاله تقسيم المعارضة العراقية و كان لإقامته صلاة الجمعة في بغداد اعترافا بشرعية و عدالة البعث و طاغيته المقبور صدام، و كونه قتل بأيدي البعث لا يعني مفخرة له لأن هناك بعثيين مجرمين كحسين و صدام كامل قتلوا بأيدي بعثية، مقتدى الصدر رأى في الحرية التي توفرت في العراق الجديد فرصة لتطبيق ألعابه الصبيانية ـ الأتاري أو ألعاب الفيديو الأخرى ـ فراح يضخ شباب العراق في مواجهة مفتوحة مع جيش جلب معه الحرية و الكرامة للعراقيين و تسبب في فوضى و محاكم دجل و نهب و سلب، و بعد أن رفع شعار المقاومة ضد ما أسماه بالاستعمار و الاحتلال و غير ذلك من تخاريف، نشط البعث و خفافيش القاعدة في الترويج للقتل و التخريب تحت هذه الكلمات التي لا تجلب للبلدان إلا الخراب.

بالإضافة إلى كل ما سبق راح نواب صدريون مثل "مهى الدوري" و "نصير العيساوي" و غيرهم، يروجون لإقامة دولة العراق الإسلامية و يسعون إلى تحويل العراق إلى مصدر لنشر أيديولوجية الكراهية و نظريات المؤامرة، بل إن خطاب مهى الدوري في البرلمان و الإعلام لم يختلف قط عن خطاب البعث و القاعدة و الوليّ السّفيه (أبو سفيان الخامنئي)، فقد زعمت أن صدام و البعث كان عميلا أمريكيا، مع أن البديهي و الواضح تبعية صدام و نظامه للاتحاد السوفيتي و كتلة الدكتاتورية الاشتراكية، بل إن كل شيء كان يستورده البعث من الروس، و كان من الطبيعي أن يعيش العراق أزمة إذا كان قادته على هذا المستوى الضحل و الهابط من الثقافة و الاطلاع، بل إنهم تعاملوا مع العراق ـ مع استثناءات نادرة ـ كوكلاء للإيرانيين و الإماراتيين، إن التيار الصدري و إن لم يكن بعثيا إلا أنه يؤمن بنفس القيم القذرة و العدوانية للبعث و بالتالي كان من الطبيعي أن يتفرق عنه العراقيون إذ رأوا أنه لا يعمل إلا بمقياس "الحب و الكراهية" ليس بمقاييس العراق و مصلحته، بل بمقاييس الإيرانيين و الإماراتيين، و بمرور الوقت سيضعف هذا التيار إلى أن يخرج نهائيا من المشهد السياسي.

لقد حُكم على البعث بالموت منذ تحرير العراق، و لكن ما أعاد و بعث الحياة من جديد في هذا التنظيم الإرهابي هو تمسك الصدريين بنفس النفس الفاشي و العاطفي لكلمة وطنية و على ذات النمط البعثي، و لا ننسى أن الصدر يدعو في يوم 9 نيسان من كل عام إلى التظاهر حزنا على "بابا صدام البطل"!! الذي كان يشتري له أحلى ألعاب الفيديو حينما كان يزورهم في "مدينة الصــــدر".